إخوان الأردن هل يواجهون مصير «حزب التحرير»؟
الهدف من الإجراءات على الأرجح هو محاصرة الجماعة ماليا وإنهاء شبكة حضورها الاجتماعي التي تعتمد على وجود أموال منقولة وغير منقولة.

عمان ـ «القدس العربي»: إعلان اللجنة المعنية بمصادرة وملاحقة أموال جمعية الإخوان المسلمين المحظورة في الأردن عن نيتها تحويل ملف من «أخفى معلومات» عن أموال الجمعية إلى «النيابة» خطوة إضافية وجديدة تظهر جدية السلطات في مسعاها القانوني للسيطرة التامة على «مالية الجماعة» وإكمال التحقيقات عبر السلطات القضائية.
مساء الخمبس أعلنت اللجنة عن نيتها رسميا مطالبة المواطنين أو الأشخاص والأفراد الذين توجد قرائن وأدلة على «إخفائهم معلومات» عن أموال لديهم أصلها يتبع الجماعة بالمثول بين يدي النيابة للتحقيق معهم مباشرة ووجاهيا.
وتلك خطوة تؤشر على أن «التحقيقات تستمر» وتستكمل ووصلت لمرحلة استدعاء من رفضوا الاستجابة لمهلة الشهر القانونية للإقرار بما لديهم من ملكيات وأموال جذرها للجماعة خلافا لأنها خطوة تعزز القناعة بأن الاشتباك القانوني يتواصل مع الجماعة في المسار المالي.
اللجنة نقلت عنها وكالة الأنباء الحكومية «بترا» القول بأن عدة أفراد تقدموا ببلاغات وإقرارات وبعضهم أبلغ عن شركاء لهم لم يتقدموا بدورهم بالمقتضى القانوني للإفادة والاعتراف والإقرار وبالتالي تم تحديد المعنيين بقرار الإحالة الجديد على النيابة.
بعض المواطنين تقدموا بإفادات لدى اللجنة بموجب الإعلان القانوني عن وجود أموال مسجلة بأسماء أفراد، لكن بعض الأشخاص تجاهلوا المهلة والتحذير ولا تزال لديهم معلومات وهؤلاء تمت إحالة ملفاتهم إلى النيابة.
يعني ذلك عمليا أن النيابة قد تحقق مع أشخاص محددين تجاهلوا المهلة القانونية المطلوبة للكشف عن ما لديهم من معطيات ومعلومات وملكيات.
ويواجه هؤلاء الذين لم يكشف النقاب عن هوياتهم تهمة مخالفة قوانين غسيل الأموال، الأمر الذي يستند إلى قناعة جهات التحقيق بأن اللائحة الاتهامية الأساسية لنشطاء الإخوان بخصوص الوضع المالي هي تلك التي تقترح «أولا- جمع الأموال بدون رخصة»، و«ثانيا- استعمال بعضها بصورة غير شرعية».
هذه الخطوة في معناها السياسي تتجاوز المقتضى الإجرائي لتعيد تكرار القول بأن «المواجهة مستمرة» على الأقل في المسار المالي وأن لدى السلطات الإدارية قناعة بانها لم تسيطر بعد على بعض الأموال والملكيات المنقولة بأسماء أفراد والتي تتبع في أصلها للتنظيم الذي تم حظره.
الهدف من الإجراءات على الأرجح هو محاصرة الجماعة ماليا وإنهاء شبكة حضورها الاجتماعي التي تعتمد على وجود أموال منقولة وغير منقولة.
السلطات كانت قبل نحو أسبوعين قد أعلنت بأن الأموال التي يتم التحقيق فيها وجمعت بصورة غير شرعية لا بل أنفق بعضها أيضا بصورة غير شرعية قد تصل إلى 30 مليون دينار.
بعض الشخصيات الرسمية تتحدث عن مبالغ أكبر بكثير، حيث لدى السلطات انطباع بأن بنية مالية متفرعة ومعقدة تشكل الجوهر والأساس في امبراطورية الحضور الاجتماعي والمالي لجماعة الإخوان المسلمين في الوقت الذي يغيب فيه السؤال السياسي بعيدا عن الإجراء القانوني والتحقيقي وحتى هذه اللحظة عن المشهد برمته.
ما تريده السلطات واضح ومحدد وهو إقفال ملف الجماعة إلى الأبد وتقويض شبكتها الاجتماعية ثم المالية في عملية مجزأة قانونيا، ما برر قبل أسابيع إغلاق كل المكاتب والمقرات وحظر التنظيم وتحويله إلى تنظيم غير مشروع بالموجب القانوني.
وهي تجربة سبق أن عايشتها السلطات مع حزب التحرير الإسلامي الذي يعتقل الأعضاء فيه عمليا ويخضعون للمحاكمة والتحقيق كلما قام أي منهم بنشاط بصورة علنية، ما يعني بأن جمعية الإخوان في سياق تجربة حزب التحرير الإسلامي المحظور الذي لم يرفض هو التقدم بطلب ترخيص للسلطات القانونية.
لا يزال ملف التيار الإسلامي معلقا وبصيغة دراماتيكية سياسيا تؤشر على أن مسألة الجمعية المحظورة يتم طي صفحتها ومن دون الاضطرار للإجابة على أسئلة عالقة قد يكون أهمها مرتبطا بتحديد هوية القوة الاجتماعية والسياسية البديلة؟
وبينها أيضا سؤال عن انعكاس هذه الخطوات لاحقا على صيغة الوجود القانوني لحزب جبهة العمل الإسلامي. السلطات «لا تمانع» على الأرجح انضمام قواعد الجمعية بعد حظرها لحزب جبهة العمل الإسلامي المرخص بعد «تصويب أوضاعه» وخضوعه للقانون والمراقبة مثل بقية الأحزاب.
الحزب أرسلت له مذكرات رسمية وقانونية من جهة الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات وطولب بتصويب أوضاعه على هذا الأساس.
قبل ذلك تم لفت نظر الحزب إلى بعض المخالفات التي ارتكبها واحيلت إلى النيابة للتحقيق فيها في الوقت الذي مضى فيه التحقيق بالملف المالي قدما بعد إحالة نحو 11 قياديا إلى المحكمة حيث يترقب الجميع القرار الفصل في سياق الاشتباك القانوني على مستوى المحكمة بعيدا عن كل مقتضيات التسييس ومن كل الأطراف.
إلى ذلك لا يوجد ما يوحي بأي تسوية سياسية مع جمعية الإخوان المحظورة والإجراءات القانونية تكتمل والخيارات باتت يتيمة عمليا ومنحسرة في أن تحصل تسوية جزئيا سياسيا تسمح للقواعد بالانضمام لإطار العمل الحزبي، لكن في أروقة وأجهزة ومؤسسات حزب جبهة العمل الإسلامي الذي تراقبه الهيئة المختصة بالانتخابات باعتبارها الجهة المرجعية المعنية بسجل الأحزاب السياسية وممارساتها.