اراء و مقالات

إخوان الأردن و»ما يستجد من أعمال»: تموضع حذر «خلف الدولة» في «السوري»… وتجنب مؤقت لـ «إرسال وفود»

عمان – «القدس العربي»: يمكن القول إن تقصد المطبخ السياسي الفاعل في الحركة الإسلامية الأردنية لإظهار حالة من الفتور والبرود إزاء مقترحات يمكن الاستغناء عنها من طراز «إرسال وفود شعبية لدمشق» هو خطوة في الاتجاه المسيس الذي لا يخلو من الذكاء، ورسالة في اتجاه معاكس ضد حملات وحفلات التنجيم والنميمة التي ظهرت منها نسختان في الإعلام مؤخراً: الأولى في ما بين أسطر مقالات لصحافيين محليين، والأخرى في صحافة تل أبيب اليمينية التي عزفت مجدداً على مدار أسبوعين على نغمة وأسطوانة انتعاش وإنعاش التيار الإسلامي في الأردن بعدما سيطر الثوار الإسلاميون على سوريا.
المقالات والتقارير في النسختين المشار إليهما تصطاد في مياه عكرة، وتحاول إنتاج حالة من الادعاء والمزاعم بأن الثورة السورية قد تحصل على امتداد وإمداد ولها تداعيات في المشهد الوطني الأردني أو الداخلي.
تلك مزاعم أسقطها مطبخ التيار الإسلامي والإخواني الأردني عبر جملة تكتيكية عميقة تنطوي على رسالة مباشرة للدولة، محتواها ترك الميكروفون في تهنئة الشعب السوري ومخاطبة الحكومة لدعم التحول في سوريا لنواب حزب جبهة العمل الإسلامي فقط، وتحت سقف ما يستجد من أعمال في البرلمان، ثم الوقوف بحياد عند جملة تبدو علمية ومنطقية ومفعمة بالنصيحة وليس بالرغبة في الاستثمار والتوظيف، فكرتها تعداد المكاسب والمزايا الاقتصادية التي سيحصل عليها الاقتصاد الأردني إذا ما ذهب لمنطقة أبعد في الانفتاح على المشروع السوري الجديد.
هنا حصراً، رصد الجميع المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين الشيخ مراد العضايلة، وهو يتقدم في نقاش تواصلي وليس عبر البيان الرسمي بمقترحات تلك المزايا، ابتداء من تصدير الكهرباء والأعلاف والمنتجات الزراعية وانتهاء بالتبادل التجاري والتخلص من تبعات قانون قيصر الأمريكي، مروراً بالحصول على حصة المياه الأردنية التي حرم منها النظام السابق المملكة وشعبها طوال عقود.
ليس صدفة أن ما يشير إليه العضايلة من فرص هو ذاته الذي تحدث عنه رئيس الوزراء الأسبق عبد الرؤوف الروابدة علناً في ندوة استضافتها الجامعة الأردنية.
وليس صدفة أن ما يقترحه الإسلاميون من مكتسبات تحت ستار النصيحة فقط وليس الموقف، يمثل في الواقع ما يقوله لرموز القطاع الخاص الآن وزير الصناعة والتجارة في الحكومة، يعرب القضاة، فيما الصدفة لا تكتمل إلا عند إدراك الوقائع التي تؤكد بأن ما يقترحه العضايلة ورفاقه في الإخوان المسلمين علناً هو ما يردده رموز القطاعين التجاري والصناعي في عمان. المعنى السياسي هنا أن الحركة الإسلامية الأردنية ولأغراض إنتاج حالة تموضع حذرة تتقي أي شبهات، وبسبب إدراكها المسبق لوجود محترفين في الاصطياد في مياهها تعيد صياغة حالة تموقع تجاه الملف السوري فكرتها البقاء خلف الدولة، والحث بدون تحشيد، وتجنب تحويل مناصرة ثوار دمشق إلى لعبة شارع في الأردن.
ذلك موقف يعبر عن الحكمة الأصيلة في البقاء ضمن دوائر مصلحة الوطن وفقاً للرؤية التي اقترحها في نقاش مع «القدس العربي» السياسي الخبير بملف الإسلاميين مروان الفاعوري.
الفاعوري يؤكد مجدداً على الاعتبارات الوطنية المصلحية التي ينبغي أن تبرمج بدقة وحذر دون شكوك في قراءة التحولات في المشهد السوري.
ولا ينفي حق الشعب الأردني بالاحتفاء ليس بعودة الكرامة لشعب مجاور عانى طويلاً، ولكن التخلص من جملة استبدادية مألوفة طالما خاصمت الأردنيين دولة وشعباً لعقود، بتوقيع النظام السوري السابق المخلوع.
الأهم هو ما تقوله الجماعة متزنة ورزينة مثل الإخوان المسلمين بالتلميح في الملف السوري، حيث جملة في التعبير والنصيحة والموقف تعلن البقاء خلف الدولة في قرارات الانفتاح والتوجه وتترك هامشاً ومسافة بلا «أردنة» لدوائر القرار في خطوة لا يمكن إنكارها إلا من جهة المصطادين الموسميين في مياه شيطنة الإخوان المسلمين بمناسبة أو بدونها.
الانطباع مبكر بأن دمشق بعد الاستقرار الاقتصادي والأمني يمكن أن تحتضن ملف المقاومة الفلسطينية.
وهو الأمر الذي ألمح إليه مستشارون أجانب مؤخراً نصحوا نظراء أردنيين بأن المرحلة اللاحقة قد تتطلب إظهار انفتاح على خط المقاومة الفلسطينية مادامت عمان قد قررت جملة انفتاح وتحول ضخمة على خط فصائل تحكم سوريا الآن كان الأردن يصنفها بالإرهاب ويخشاها قبل أن تتمأسس إستراتيجيات الحوار مع الراعي التركي للتغيير في سوريا.
مؤخراً، تصرفت مؤسسة الإخوان بحكمة وهي تستبعد سيناريو العمل باتجاه تشكيل وفود شعبية تزور دمشق وتلتقي قادتها الجدد، وتلك كانت خطة فيها الكثير من الحكمة والتروي وتنطوي على رسالة لدوائر القرار أيضاً تفيد بأن الحركة الإسلامية الأردنية ليست بصدد مبالغات شعبوية كتلك التي سمحت بها السلطات بالماضي القريب لأنصار النظام السوري المخلوع من الأردنيين عبر إرسال وفد تلو الآخر في الماضي القريب.
يصوت التيار الإسلامي بوضوح ملموس لعدم التعجل، ويساند عن بعد الانفتاح الحكومي، ويقترح التريث وترك مساحة للحوار الوطني السوري الداخلي قبل إغراق رئيس الإدارة السورية أحمد الشرع ورفاقه بلغة الوفود الشعبية أو النقابية أو الحزبية الأردنية، التي سبق لها عملياً أن ساهمت في إهلاك نظامين في بغداد ودمشق.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading