الأردنيون و«كوكتيل العيد»: الأولوية لـ «النشامى»… «الخروف السوري» يتقدم و«تسونامي تغييرات» في الانتظار أو «التأجيل»

عمان- «القدس العربي»: خطف انشغال الشارع الأردني بـ «التأهل لكأس العالم» في كرة القدم، الأضواء تماماً وسط الرأي العام ومنصات التواصل وحتى مجالسات واحتفالات عيد الأضحى من بقية الملفات الإشكالية، سواء أكانت سياسية أم اقتصادية.
طوال 3 أيام العيد الأولى، تطغى أجواء كرة القدم ومنتخب النشامى على النقاشات والواجهات، وحظي رئيس اتحاد كرة القدم الأمير علي بن الحسين بالاهتمام الذي يريده وهو ينشر «تغريدة» يتحدث فيها عن حاجة المنتخب والاتحاد بعد التأهل رسمياً إلى ما سماه بـ «وقفة وطنية جادة».
محتوى رسالة الأمير واضح على الأقل، للخبراء المعنيين بالملف الرياضي وكلفته. والمرجح أن الإشارة ضرورية بعد الآن إلى ضرورة توفير المخصصات المالية اللازمة لخدمة مسيرة المنتخب في نهائيات كأس العالم في كندا والمكسيك عام 2026.
الخزينة العامة الحكومية تعاني أصلاً من العجز، والقطاع الخاص طولب خلال آخر شهرين بالتبرع لتعزيز برامج الخدمة في قطاعي التعليم والصحة.
وبعد إعلان أكبر بنك أردني، وهو «البنك العربي»، عن نفسه بصفة «الراعي الرسمي للمنتخب الوطني»، يمكن اعتبار جزئية الإنفاق على تدريبات ومعسكرات المنتخب تم تدبيرها.
لكن ما تلمح له الرسائل أبعد من نفقات الفريق فقط خلال أكثر من عام ونصف العام وصولاً لاتحاد الكرة، حيث الاتحاد أيضاً يحتاج إلى الدعم، وحيث الوصول لنهائيات كأس العالم ينطوي فعلاً عملياً على «فرصة للاستثمار» في كل الاتجاهات عالمياً ودولياً، بما في ذلك الاستثمار رياضياً وسياسياً وإعلامياً.
يفترض أن نتائج فريق النشامى المميزة التي أهلته لكأس العام و»من العدم»، على حد وصف الكاتب والأستاذ الجامعي الدكتور خلف طاهات، تشجع الأردنيين أكثر على المساهمة قدر الإمكان لاحقاً في تشجيع المنتخب، وهو ما ينطوي على رسائل تخص مجدداً رموز القطاع الخاص التجاري والصناعي والاستثماري.
الغطاء المرجعي الذي تم توفيره للمنتخب الشاب فرش الأرضية أمام الإنجاز بمعناه «الفني الكروي»، وهو في كل حال غطاء يوفر مساحة لدخول المؤسسات على الخطوط لدعم التجربة؛ لأن كرة القدم بحد ذاتها «صناعة استثمارية»، ورئيس غرفة تجارة الأردن خليل الحاج توفيق، قال أمام «القدس العربي» إن «من تسبب بتراكم مشاعر السعادة والفخر للأردنيين واجب على الجميع دعمه وإسناده».
لذلك، من الصعب الاستهانة بتأثيرات تقدم منتخب النشامى لنهائيات كأس العالم على بوصلة أولويات واهتمامات الأردنيين، فتلك اللعبة الساحرة ستجذب انتباه المزيد من القواعد والشرائح الاجتماعية، وستبدأ طبقة رجال الأعمال بالدخول على الخط، ما يوفر فرصة إضافية تنافسية للرياضة الأردنية ذاتها.
وعليه، خطف التأهل للمونديال الأضواء فعلاً خلال مجالسات العيد، وإن كوكتيل نقاشات الأردنيين تعرض بصورة أقل إلى الأزمة المستقرة مع التيار الإسلامي محلياً، وإلى الوضع الاقتصادي الصعب الذي ظهرت ملامحه خلال 3 أيام العيد بانخفاض القدرة الشرائية عند المواطنين.
نقابات محددة مثل المطاعم والمخابز وبيع الملابس، صرحت غالبيتها بأن الإقبال على الشراء والإنفاق عموماً في تلك القطاعات أقل من المعدل السنوي. وكبار التجار يتحدثون عن «حالة ركود» عملياً سبقت أجواء العيد وساهمت في التأثير على المبيعات في الأسواق.
وعندما تعلق الأمر بالأضحيات ومعدلها وأسعارها، بات الجميع على قناعة بأن عدد الأضاحي التي بيعت أقل من العيد السابق، في إشارة إضافية إلى انخفاض القدرات الشرائية، فيما ارتفعت أسعار اللحوم «الرومانية» وتساوت مع «البلدية» قبل أن يقر تجار المواشي والخراف علناً بأن دخول نحو «100 ألف خروف سوري» بأسعار أقل من الروماني والبلدي الأردني «بدل معطيات السوق» خلال 3 أيام العيد في منطقة شمالي الأردن عملياً فقط.
الخروف السوري نافس بقوة بعدما سمح بدخوله فقط لبعض مناطق شمالي الأردن، وأصحاب الاختصاص خلال العيد انشغلوا بتعداد «مناقب» الأضحية السورية؛ فهي مطابقة للبلدي وبالطعم نفسه وبسعر أدنى، مع أن الجمعية التي تمثل تجار الأضاحي في عمان صرحت بأن دخول قطعان من الأضاحي السورية ليس هو السبب لحالة «الركود».
وفي المقابل، يفترض أن تقرأ الأرقام والمعطيات الاقتصادية خلال أيام العيد قبل التوصل إلى استنتاجات تخص «السياسية الاقتصادية» حيث تتجه حكومة الدكتور جعفر حسان إلى «حسم عدة ملفات» مرتبطة بمسارات العجز المالي والعودة للتحديث الاقتصادي بأقل كلفة ممكنة.
وبعيداً عن «التجاذبات الكروية والرياضية والتجارية» في كوكتيل اهتمامات الأردنيين خلال العيد، يمكن القول إن الوسط السياسي تحديداً يقرأ عطلة العيد التي استمرت «6 أيام» بصيغة «فاصل ونواصل»، حيث إجازة للجميع من الجميع، وفرصة للتأمل، ولاحقاً الحسم فيما يخص ما سمته صحيفة الأنباط بـ «تسونامي تغييرات بعد العيد».
ومع عدم وجود أي قرينة مباشرة تدعم سيناريو «تغييرات شاملة» بعد العيد، لكن النية تتجه ظرفياً وزمنياً إلى توقعات بضرورة اتخاذ قرارات وإجراءات في عدة ملفات ذات أهمية وأولوية سياسية قصوى مباشرة بعد انتهاء عطلة العيد.
ما يفترض أن يحسم بالخصوص هو محطة تعديل وزاري على الحكومة الحالية، وتغييرات هيكلية في وظائف عليا، وإعلان أو الامتناع عن إعلان «دورة صيفية استثنائية « للبرلمان، وتحويل الجزء الذي انتهى من «التحقيقات» في ملف جمعية الإخوان المحظورة إلى النيابة وسلطات القضاء، ولاحقاً -وهو الأهم- ترسيم وتحديد مصير الشكل القانوني لحزب جبهة العمل الإسلامي.
لا أحد يمكنه التكهن بـ «التغييرات» المرتقبة بعد العيد في الملف السياسي المحلي.
لكن كل السيناريوهات على الطاولة، بما فيها ذلك الذي قد يقترح «تأجيل كل شيء» ولو قليلاً.