الأردن: «آلو» مع الشرع و«مرحباً بالشيباني» ولكن الأولوية لمخدرات درعا وتدشين مرحلة «وفود الاستكشاف»
عمان- «القدس العربي»: لا أحد يعلم بعد بصورة محددة ما الذي يمكن أن يفعله وفد يمثل الصناعيين في الأردن في طريقه إلى زيارة العاصمة السورية دمشق بعد يومين في ظل استمرار الحالة الغامضة في القطر السوري الجار وسط تواصل طرح التساؤلات الأردنية بعنوان مقدار الانفتاح على الحالة السورية الجديدة وتوقيت هذا الانفتاح وإنتاجيته.
قراءة ما تجود به تعليقات الأردنيين على منصات التواصل الاجتماعي تعيد إنتاج السؤال السوري بأفضل تجلياته أردنياً.
السياق الأمني في جزئية التعامل والتعاطي مع حكام سوريا الجدد لا يزال من العناصر الأساسية التي تحكم حجم وشكل وتوقيت أي حراك بالمعنى الانفتاحي، والمستوى السياسي لم يحدد بعد موقفه من استجابات مطلوبة أردنياً من جهة حكام سوريا الجدد لانتقال تفاعل سياسي إلى إجراءات على الأرض وفي الميدان وسط عودة التسريبات التي تحدث فجأة في عمان عن وجود بعض الشخصيات التي فرت من النظام السابق ومن الصنف الذي سيطالب به حتماً حكام سوريا الجدد في أحد الملفات المغلقة والمسكوت عنها حتى الآن على الأقل.
القطاع الصناعي يرغب في زيارة استكشافية. لكن مع غياب قدرات القطاع على منافسة دول أخرى في الواقع وبقاء قيود قانون قيصر الأمريكي حتى الآن، تتكون عناصر قد تجعل الاستكشاف في نطاق الخطوات الاستعراضية فقط التي لا تنتهي بنتائج ملموسة ومرصودة يمكن تأسيس أي معادلة في التعاون الاقتصادي على أساسها لاحقاً.
القطاع الصناعي يبدو مستعجلاً هنا، وإن كانت الزيارة قد تعد أفضل من عكسها، خصوصاً مع عدم وجود “طاقم وزاري” في الطرف الآخر يمكن التفاهم معه.
والأمر قد لا ينتهي بضرر بالغ مع المعطيات الواردة من وزارة الصناعة والتجارة التي تتحدث بدورها عن استجابات استكشافية وتفاعلات حذرة، لأن القرار السياسي بمعنى أو بآخر لم يتوفر بعد ولا يوجد غطاء فيما يبدو رغم الاتصالات التي يجريها وزير الخارجية أيمن الصفدي مع حكام سوريا الجدد للدفع باتجاه اتصالات تجاوز مسالة استكشاف الفرص.
القطاع التجاري في المقابل يبدو مهتماً بالمتابعة والتفاصيل وبالتفاهم مع شركاء سوريين بعد “استقرار مؤسسي” أو مساعدة القطاع الخاص السوري في العودة للاستقرار، ما يتطلب أو قد يتطلب قدراً من التريث مع أن المسار التجاري يستعد في الوقت ذاته لاستكشاف مستقل ومنتج وواع بعيداً عن ضجيج الإعلام.
في الأثناء، تطور الدبلوماسية الأردنية مناوراتها قدر الإمكان مع الجانب السوري.
الأنباء تحدثت قبل 3 أيام عن اتصال هاتفي جديد بين الوزير الصفدي وقائد إدارة العمليات السوري أحمد الشرع.
ويبدو أن الاتصال الأخير ناقش مجدداً إجراءات حقيقية لمواجهة النزيف الأمني الأردني الذي يحظى بالأولوية، وهو تهريب المخدرات حصراً إلى الأردن عبر الأراضي السورية.
هنا تقر المؤسسات الرسمية بأن معدل تهريب المخدرات انخفض بوضوح. لكن يبدو أن المؤسسة الحاكمة الجديدة في دمشق لم تتفرغ بعد لمثل هذا الاعتبار الأمني الحدودي. والمجموعات المسلحة المختصة بتهريب المخدرات أهلية الآن بالمقام الأول، لكنها تصر على استئناف نشاطها، لا بل ظهر ميل بعضها للاستثمار في حالة سؤال الغموض والفوضى الإدارية في دمشق.
الأردن يريد التخلص من مقولة النظام السابق التي درج على ترديدها، معتبراً أن “درعا مشكلة أردنية”. وعمان مهتمة بوجود طرف رسمي وسيادي آخر على الحدود السورية يقوم بواجبه في ضرب حاضنة المخدرات السورية.
الأهم أن الأردن يتواصل هاتفياً مع القائد أحمد الشرع الآن بعدما كان الصفدي أول وزير خارجية عربي يزوره، الأمر الذي يوحي بأن الذراع الدبلوماسية للدولة الأردنية خصص لها هامش إضافي للتحرك والمناورة على أمل الاستثمار في ذلك لصياغة معادلات خاصة.
وفي المشهد المتوازي يمكن الاستمرار في رصد الحذر البيروقراطي تحديداً عندما يتعلق الأمر بمناولات الشحن وقطاع النقل على الحدود الأردنية السورية، حيث محاذير تسلل مخدرات أو ممنوعات أو أسلحة أو حتى متفجرات.
وما يشعر به الخبراء المختصون هنا وجود حالة تقييم أمنية الطابع لها موقع متقدم في الاعتبارات، حيث لا يزال لدى وزارات الاختصاص الأردنية في الأمن والحدود والنقل والتجارة تعليمات وتوجيهات بالانفتاح الحذر وأحيانا المتحفظ، ما يفسر البرتوكول الحدودي في تجارة الترانزيت الذي تقرر منذ ثلاثة أسابيع.
الرسائل التي ترد للخارجية الأردنية من الحلقة القريبة من القائد الشرع يتم تفكيك ألغازها بارتياح حتى الآن.
عمان تحتفظ بحذرها في الوقت ذاته عندما يتعلق الأمر بتحديد مقدار الانفتاح على المؤسسات الجديدة في سوريا والتي يتقلد أغلبها الآن إسلاميون متطرفون ومتشددون بالتصنيف الأردني، بعضهم مطلوب أمنياً للأردن، ما يجعل ملف الانفتاح على سوريا بحالتها الجديدة أكثر تعقيداً مما يتصور الجميع.
ذلك يحصل الآن بالرغم من أن المنسوب الدبلوماسي حصراً يزيد وينمو في اتجاه مساحات مشتركة متعددة، بدلالة أن وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، سيحل ضيفاً على عمان خلال اليومين المقبلين، في خطوة توحي بأن تقبل النظام الرسمي العربي لرموز ما يسمى بالحكومة المؤقتة في دمشق تقطع بعض الأشواط، وأن عمان بدورها تحاول بناء مشاورات دافئة مع الشرع ووزير خارجيته المؤقت حتى قبل ولادة ما يسمى بالحوار الوطني السوري الذي تم تأجيله.