اراء و مقالات

الأردن: اقتراحات تصل إلى «دسترة» تفكيك العلاقة بين الضفتين

إظهار أي مرونة تحت عنوان المراوغة والتكيف قد يشعل سجالا مضطربا وسط الأردنيين وتزيد كلفة هذا الاضطراب على الدولة بسبب حالة التوافق شعبيا ضد ما يقوله ترامب ويقترحه.

عمان ـ «القدس العربي»: مسألتان يتوجب أخذهما بالاعتبار قبل الاسترسال في أي تحليل أو تكهن مرتبط بلحظات الاصطدام الأردنية الوشيكة وجها لوجه مع مخططات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حصرا في ملف التهجير الأسبوع المقبل. المسألة الأولى مرتبطة بعدم وجود أدلة أو قرائن أو براهين على أن معادلة «لن نجازف بمستقبل المملكة» التي يرددها سياسيون هنا وهناك تقرأ فقط في سياق ما يسمى بمسارات التكيف والعكس قد يكون صحيحا وأيضا بدون أدلة وبراهين مباشرة على الأقل.
والمعنى هنا: معادلة التكيف قد تكون في جانب له علاقة بالمراوغة والضغط من أجل العودة للواقع فيما الامتناع عن المجازفة بالمستقبل قد يتطلب بالضرورة والنتيجة الاجتهاد الهوسي في تجنب التورط بأي صيغة بمخططات التهجير والترانسفير بمعنى تحريك الديموغرافيا.
ما يجازف بمصالح المملكة ومستقبلها هو الانخراط في الإستراتيجية الأمريكية الإسرائيلية. كلفة هذا الانخراط برأي السياسي المخضرم طاهر المصري ستمثل عبئا ثقيلا في مرحلة دقيقة وحساسة.
بالمقابل صيغة الحفاظ على الهوية الوطنية الأردنية مضمونها الأساسي يوفر مظلة لحماية المستقبل عبر جبهة ترفض سيناريوهات التهجير كما ترفض تقديم تسهيلات لها وليس العكس.
المسألة الثانية بدأت بعض الأوساط السياسية في عمان تلمح لها بصيغة اتخاذ تدابير وإجراءات قانونية وتشريعية واضح تماما أنها استبعدت بالماضي، لكنها بعد تداعيات 7 أكتوبر أصبحت عنوانا هو الأعرض للتوافق الاجتماعي بين مختلف شرائح ومكونات الشعب الأردني، ومن بين تلك الإجراءات التي يقترح خبراء عميقون مناقشتها لتجذير معادلة «الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين» العودة لكن في الهندسة العكسية إلى القرار الشهير بعنوان فك الارتباط الأردني مع الضفة الغربية والمقصود هنا الرد على مخططات اليمين الإسرائيلي التي يعبر عنها الرئيس الأمريكي باتخاذ خطوة دستورية أو قانونية إلى الأمام بعنوان تجذير وتثبيت وصولا إلى دسترة قرار فك الارتباط.
في ملف دسترة قرار فك الارتباط يعبث الإسرائيلي تشريعيا بصيغة تستوجب الرد بعد إصدار الكنيست لتشريعات جديدة تلغي أو تجمد العمل بقوانين أردنية. والاقتراح اليوم إظهار أي مرونة تحت عنوان المراوغة والتكيف قد يشعل سجالا مضطربا وسط الأردنيين وتزيد كلفة هذا الاضطراب على الدولة ومؤسساتها بسبب حالة التوافق العريضة شعبيا ضد ما يقوله ترامب ويقترحه، وبسبب الحالة الوجدانية التي أدخل فيها العدوان العسكري الإسرائيلي الدموي والهمجي بوصلة الرأي العام الأردني.
ما فعلته إسرائيل بالأطفال والنساء والبنية التحتية في غزة رسالة همجية ضد الأردن والأردنيين برأي السياسي المشتبك مع التطورات مروان الفاعوري، الذي يعتقد وعلى هامش نقاش مع «القدس العربي» بأن رسائل اليمين الصهيوني للشعب الأردني خرجت من نطاق الاستهداف فقط واتجهت إلى إعلان الحرب لا بل إعلان مشروع ضم الضفة الغربية رسميا قبل نهاية العام الحالي.
لا يوجد برأي الفاعوري عمل حربي ضد الشعب الأردني وهويته ودولته أكثر صراحة من مشروع الضم وتجريف البنية التحتية في مخيمات الضفة الغربية.
والخبير القانوني الدولي البارز الدكتور أنيس القاسم اعتبر أيضا من جانبه بأن التهجير سواء كان قسرا أو طوعا في غزة أو الضفة الغربية هو بالتأكيد إعلان حرب على المملكة الأردنية الهاشمية التي يتيح لها القانون الدولي الرد والقتال عسكريا ضمن نصوص مشروعية العمل العسكري المضاد في هذه الحالة.
طبعا لا تميل الحكومة الأردنية إلى قراءات درامية من هذا الصنف. لكن حساسية الشارع ارتفعت كما لم يحصل من قبل بعد سلسلة تصريحات الرئيس الأمريكي التي استمرت في خدش وجرح الأردنيين وإلهاب مشاعرهم بالحديث عن رقعة جغرافية صغيرة للكيان الإسرائيلي وبممارسة الابتزاز العلني للمملكة ومواقفها. وهو ابتزاز يستوجب الرد على المقاس برأي الفاعوري وآخرين استنادا إلى حقائق العداء الملموس المباشر لمصالح المملكة واستهدافها ضمن مخططات وسيناريوهات التهجير.
لعل بعض الساسة الخبراء يتصورون الآن بأن الشارع الأردني بمختلف مكوناته سيصفق في هذه المرحلة لأي قرارات سيادية تصدر باتجاه دسترة تعليمات فك الارتباط تحت ستار هدف من وزن الحفاظ على الهوية الوطنية للشعبين.
بالمقابل سيصفق الرأي العام بالتأكيد لأي قراءة لا تحشر قاعدة عدم المجازفة بالمستقبل في نطاق التكيف أو إظهار المرونة أو الرغبة بالتفاوض مع سيناريوهات ترامب التي تصفها المؤسسة الأردنية رسميا بأنها خارج نطاق الواقع الموضوعي وان كانت تتطلب مراوغة ترامب وليس تحديه.
لا تتعامل المؤسسة الأردنية بجدية مع طروحات ترامب وتصنفها بـ«غير واقعية».
والسياسي الخبير الدكتور ممدوح العبادي أعاد إلى الأذهان أن الأمريكي والإسرائيلي لديهما مشاريع متعددة منذ قبل نصف قرن بعنوان تفريغ قطاع غزة من السكان. لكن شعب غزة الصغيرة جغرافيا قال كلمته في التصدي والمواجهة وبرأي العبادي غزة الصغيرة المحاصرة التي قاتلت لا بل هزمت مخططات العدو وقاومت لا تزيد مساحتها عن جزء صغير من العاصمة عمان وبالتالي قاتل أهل غزة بعد الحصار وفي ظله والأردنيون عليهم واجب الاستعداد للقتال أيضا لأن استهدافهم من اليمين الإسرائيلي حتمي للغاية.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading