اراء و مقالات

الأردن بين محبة وليام بيرنز «العدمية» و«نكايات كوشنر» المتوقعة: مقعد أضيق في حال عودة ترامب

مخاطر ملف الضفة الغربية تتضاعف على الأردنيين حصرا وفي المقاربات ستصبح مع الهوامش ضيقة للغاية لاحقا إذا ما جلس ترامب على كرسي الرئاسة في البيت الأبيض.

عمان ـ «القدس العربي»: لا أحد في غرف القرار الحكومي الأردني يتحدث بصورة تفصيلية أو علنية اليوم عن تداعيات محتملة استعدادا لمرحلة عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب التي تشكل بوضوح هاجسا وسط الأردنيين الرسميين ليس بسبب ما يسمى بصفقة القرن فقط واحتمالاتها، ولكن بسبب سجل حافل من الاحتكاك سابقا مع طاقم ترامب عندما تعلق الأمر بمؤتمر المنامة الاقتصادي الشهير أو بالجزء الأردني من صفقة القرن إياها.

طوال الوقت يتحدث الساسة الأردنيون عن تلك الخلافات التي شهدتها كواليس القرار الرسمي مع صهر ترامب في نسخته الرئاسية الأولى وكبير مستشاريه جاريد كوشنر عندما حاول إقناع الأردن بركوب موجة صفقة القرن.
في التفاصيل المنقولة والمروية تبادل حاد لبعض التقييمات والعبارات مع الصهر كوشنر شهدتها عمان.
وفي تفاصيل المشهد الجديدة ظهور لكوشنر نفسه قبل الانتخابات منذ 6 أسابيع في عواصم عربية حليفة وصديقة للأردن من الطراز الذي يصبح التموقع بعيدا عن أجنداتها مكلفا على الاقتصاد الأردني.
في الأثناء حديث يتواتر وسط النخب الأردنية عن ضرورة وضع خريطة طريق مسبقة تتضمن الخطوات التي ينبغي ان تتخذ خلال 4 سنوات قادمة يمكن ان يعود فيها إلى مسرح الضوء كوشنر والرئيس ترامب الموصوف بأنه غير محب للأردن.
بعض أركان الإدارة الأمريكية الحالية وصفوا في الواقع بانهم محبون للأردن وعلى رأس هؤلاء وليام بيرنز رئيس جهاز الاستخبارات، لكن هذا الحب الديمقراطي للأردن لم تنتج عنه إطلاقا مكاسب سياسية أو اقتصادية حقيقية باستثناء زيادة بنسبة ضئيلة على المساعدات أو باستثناء دعم السيناريو الذي تحدث مؤخرا عن مكتب تمثيلي لحلف الناتو تقرر لأول مرة إقامته في عمان.
في عهد الرئيس بايدن زادت المساعدات قليلا لكن ليس بالمستوى المنصف وفقا لتعبير الخبير السياسي والاقتصادي البارز الدكتور جواد العناني والذي اعتبر أن المساعدات الأمريكية لن ترتقي لمستوى الخسائر التي يعاني منها الاقتصاد الأردني جراء فقط الالتزام بقانون قيصر الأمريكي في الملف السوري.
مبكرا تحدث العناني لـ«القدس العربي» عن التفاوض بجدية مع الأمريكيين على رفع قيمة بدل مساعداتهم الاقتصادية لكي تصل إلى 5 مليارات على الأقل.
ذلك حصل في التقدير على أساس الاستثمار في الصداقة مع طاقم الرئيس بايدن، لكن الجدل الذي يعتري ويعتلي الحزب الديمقراطي الآن، ثم محاولة الاغتيال الفاشلة لترامب عناصر ألهبت نقاشات الأردنيين في المجالس السياسية التي تطرح أسئلة تحذيرية.
ومع أن العلاقة الأردنية مع الجمهوريين عموما بقيت عميقة وجيدة إلا أن المخاوف لا تتعلق بالحزب الجمهوري إذا ما عاد إلى السلطة بقدر ما تتعلق بطاقم ترامب نفسه إذا ما عاد للرئاسة وبسجل الخلافات التي لم يعد من الممكن إخفاءها مع مجموعة ترامب وصهره كوشنر.
الأردن لديه قدرة صلبة على ضمان وتمرير مصالحه.
والانطباع الذي يعتمد عليه العناني وآخرون هو أن العلاقات الأمريكية مع الأردن عابرة للحسابات الانتخابية.
لكن حتى هذا الواقع قد لا يعفي حكومة عمان من نكايات طاقم ترامب إذا ما رجع إلى السلطة.
والأهم من تداعيات عودة شبح صفقة القرن وما تنتجه من قلق عميق لدى الأردنيين باعتبارها غير منصفة لا للشعب الفلسطيني ولا لتاريخ التحالف الأردني مع الولايات المتحدة.
هواجس كثيرة في الطريق وسط الأردنيين زرعها اليوم تراجع فرصة بايدن وزحف ونمو فرصة ترامب.
وما قاله خبير مثل وزير البلاط الأسبق مروان المعشر علنا مؤخرا هو أن على بلاده تجهيز نفسها ليس لمرحلة عودة ترامب فقط ولكن لعودة النسخة المستحدثة من صفقة القرن الشهيرة على إيقاع غزة المدمرة الآن.
وجه المعشر تحذيرا شديد اللهجة بعنوان يقول فيه بوضوح إن مقاربة ترامب في القضية الفلسطينية العنصر الأبرز فيها هو حلها على حساب الأردن والأردنيين.
نفس المخاوف سمعتها «القدس العربي» أيضا من السياسي الخبير طاهر المصري وهو يحذر من مخاطر اليمين الإسرائيلي والأمريكي داعيا إلى مقاربة تنتبه لكلفة الانخراط.
المثير في مقاربات ونقاشات النخبة الأردنية الآن هو التوثق من أن المصالح الأردنية الأساسية ستصبح على حافة اختبارات قاسية بعد وقف العدوان الحالي في غزة.
وعندما تنتقل البوصلة لتحديد مصير الضفة الغربية، هنا برأي المعشر وغيره تكمن مخاطر صفقة القرن كما تكمن مخاطر العودة مجددا من سيناريو إيجاد حلول للقضية الفلسطينية أما على حساب الأردن أو على حساب توريطه أو تورطه.
يهمس كثيرون في الصالونات السياسية الآن بأن مخاطر ملف الضفة الغربية تتضاعف على الأردنيين حصرا وفي المقاربات ستصبح مع الهوامش ضيقة للغاية لاحقا إذا ما جلس ترامب على كرسي الرئاسة في البيت الأبيض.
الاستعداد لتلك المخاطر أردنيا واجب وطني والاحساس بها يمكن تلمسه في نقاشات كبار المسؤولين والسياسيين في عمان.
لكن السؤال الحائر لا يزال حائرا: كيف نستعد ونتجهز؟ بأي اتجاه نذهب للعبور من 4 سنوات صعبة على القضية الفلسطينية إذا ما فاز ترامب وعاد صهره؟

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading