اراء و مقالات

الأردن: تركيبة الحكومة «لم تعد مستقرة»… ماذا عن فرص تعديل وزاري؟

بعد نشره مزيداً من الجدل… هل «بالغ» وزير الاستثمار في الأرقام؟

عمان ـ «القدس العربي»: بعد الجدل المتنامي الذي أسست له تصريحات وزير الاستثمار الأردني، مثنى الغرايبة، عن فضاء استثماري يتواصل عبر بلاده يصل إلى 50 تريليوناً من الدولارات، يمكن القول إن هوامش المناورة للإفلات من كمين التعديل الوزاري على الحكومة أمام رئيس الوزراء، الدكتور جعفر حسان، تبدو أضيق من أي وقت مضى، خصوصاً أن وزير الاستثمار بدأ يثير مزيداً من الجدل في عدة محطات.
الأرقام عن تريليونات أعادت إلى ذهن الرأي العام عموماً وعوداً استثمارية بالمليارات كانت قد نطقت بها حكومات سابقة لكنها لم تحصل أو ترصد مع أن الوزير المعني يقصد نقطة تواصل جيوسياسية عبر المملكة تمنح المتطلعين للاستثمار فضاء بقيمة تقديرية تصل لـ50 تريليوناً.
الأهم أن رئيس الوزراء حسان خرج للتو من مواجهة إعلامية ومنصاتية مكثفة نتجت عن تصريحات وقرارات بعض أفراد الطاقم الوزاري.
وبالتالي، انضمام وزير الاستثمار لوزيري التعليم العالي والحكم المحلي في إثارة نقاشات تجاذبية على مستوى الرأي العام قد يكون من الأسباب التي تدفع الرئيس حسان دفعاً نحو سيناريو التعديل الوزاري الذي لا يفضله.
قبل أسابيع فقط كان حسان، وفي الدوائر القريبة منه، يشير إلى أن الوقت غير ملائم لتعديل وزاري على طاقمه، وأن مسألة التقييم هي الأساس، ويرغب على الأرجح، وفق المقربين منه، بالتفكير بأول تعديل وزاري بعد عام على مرور وعبور حكومته.

أرقام مركز الدراسات

لكن قرارات وإجراءات وأحياناً تصريحات الوزراء وكبار المسؤولين بدأت تكلف الحكومة الكثير على مستوى ليس شعبيتها التي أشارت لها يوماً أرقام مركز الدراسات الإستراتيجية، بل على مستوى حضورها في دوائر القرار، وما يبدو عليه المشهد عموماً أن الحكومة بدأت تتفكك، وأن بعض الوزراء يبالغون في التغريد خارج السرب مما يؤهلهم لمغادرة الحكومة الآن.
لم يقف الأمر عند حدود الأرقام الكبيرة الضخمة التي أثارت القلق جراء وزير الاستثمار الغرايبة والتي تبدو متفائلة للغاية وتساهم في إنتاج توقعات وتكهنات مع أن الحكومة نفسها للتو أعلنت بأن ما أنجزته بعد سنتين هي والحكومة السابقة من برنامج التحديث للرؤية الاقتصادية يناهز 32٪.
الرؤية الاقتصادية، كما يعلم الجميع، كانت قد تحدثت عن نحو 10 مليارات من الاستثمارات المطلوب أن يتم توطينها في غضون 10 سنوات.
النسب التي قررتها الحكومة في مجال الإنتاجية والإنجاز على مستوى جذب الاستثمارات لا توائم بأي حال من الأحوال تلك التصورات الضخمة التي حاول زرعها في ذهن الرأي العام وزير الاستثمار الحالي.
لكن النتيجة كانت أن اسم وزير الاستثمار الحالي على رأس قائمة أي تعديل وزاري وشيك على الأقل بالنسبة لتقارير وسائل الإعلام في الوقت الذي لا يبدو فيه الطاقم الاقتصادي يسير على الخطة نفسها والفكرة نفسها والمسار مما يرجح سيناريو الاستعانة بوزير استثمار جديد في أول منحنى له علاقة بتعديل وزاري.

بعد نشره مزيداً من الجدل… هل «بالغ» وزير الاستثمار في الأرقام؟

التعديل الوزاري على الحكومة الحالية كان يفترض أن يكون جزءاً من حزمة إجراءات وتغيرات هيكلية أكثر عمقاً. ورئيس الوزراء ليس من الشخصيات التي لا تتحمس للإصغاء للجمهور وتطلعات الرأي العام أو تبحث عن الشعبوية بإجراء تغييرات وزارية هنا وهناك.

لماذا استعجلت الحكومة؟

رغم ذلك، الاستحقاق فيما يبدو يفرض نفسه، خصوصاً أن قرار حل المجالس البلدية أيضاً أثار الكثير من الجدل، والحكومة لم تجبْ بالرغم من المناورات الإعلامية الذكية للوزير المخضرم باسم الملف وليد المصري عن السؤال المركزي المطروح.. لماذا يتم حل المجالس البلدية وتعيين لجان لإدارتها قبل عام من انتخابات بلدية مقبلة؟
السؤال تكرر لماذا استعجلت الحكومة، الأمر الذي يوحي بأن أجندة سياسية ما مرتبطة بهذا الإجراء على الأرجح خصوصاً وأن تنفيذ القرارات المتعلقة بحل المجالس البلدية يضمن بعض الأخطاء التي يرى البعض أنها طبيعية وعادية وسبق أن تكررت في عهد حكومات سابقة حلت المجالس البلدية قبل وقت طويل نسبياً من انتخاباتها.
مسألة البلديات بدأت ترتبط في التحليل والتشخيص السياسي بما هو أبعد وأعمق وقد تقود مجدداً إلى طرح فكرة الأقاليم الإدارية الثلاثة على الطاولة لكن ذلك غير واضح، وما أثار اللغط هو حل مجالس المحافظات المنتخبة في البلديات أيضاً.
في كل حال، ملف البلديات صعد بتوقعات مرتبطة بعدم الاستقرار في التركيبة الوزارية ثم حضرت بقوة تصريحات وزير التعليم العالي الدكتور عزمي محافظة عن وضع الجامعات في جزئيتي انتحال وسرقة أبحاث علمية ودفع الأموال مقابل تصنيفات.
وهو الملف الذي تدحرج وأثار عاصفة من الجدل أيضاً قد لا يتاح لرئيس الوزراء حسان مغادرتها إلا عبر طرح استحقاق التعديل الوزاري مرة أخرى لأن الحكومة تعثرت بتصريحات طاقمها الوزاري التي بدلاً من احتواء التجاذب تسببت به.
وبدلاً من السيطرة على الشائعات والتشكيك أنتجت حجماً يفيض عن حاجة الحكومة في هذه المرحلة الحرجة ما دام رئيس الوزراء شخصياً يصر على أن الأولوية اقتصادية.
الوضع عموماً في التركيبة الوزارية في حاجة إلى تأمل. وأغلب التقدير أن هوامش جعفر حسان أمام البقاء طويلاً والاستمرار في برنامجه من دون تعديل وزاري، أصبحت ضيقة أكثر بحكم التطورات التي نتجت عن تعليقات وأحياناً تصريحات بعض الوزراء.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading