اراء و مقالات

أفكار خارج «المعلّب» الأردني: «استفتاء ومغتربون» وإصلاح «استخباري» وتحذير من «عمليات تجميل»

عمان- «القدس العربي» : تؤسس مقاربات مكتوبة وأخرى «شفوية» هذه المرة وموثقة ضمن فعاليات لجنة الإصلاح والحوار الوطني الملكية في الأردن لبعض الأفكار والطروحات التي خرجت فعلاً في التشخيص واقتراح التدبير عن الصندوق المألوف في كلاسيكيات التشريع والوصفات.
وحتى في بعض الأحاديث والحوارات أثناء عمليات العصف الذهني لفظياً برزت بعض المحطات التي لا يمكن إسقاطها من حسابات الإصلاح، ويمكن وصفها بأنها مختلفة وجريئة إلى حد ما، وتحاول التغريد ولو قليلاً خارج سرب المألوف وسقف «التسوية» أملاً في أن لا يتحول ما يجري حالياً إلى مجرد «تسوية مستهلكة بين نخب» على حد تعبير نقيب المهندسين أحمد سمارة الزعبي. بصورة مبكرة، بعد تشكيل اللجان الفرعية، عبر العديد من أعضاء اللجنة عن رغبتهم في الاشتباك مع تفاصيل أوسع من العنوان الفرعي، فتقررت آلية الحضور الشخصي أو التقدم بوثيقة هي عبارة عن ورقة موقف بيضاء توضع في سجل الحوار.
وضمن المعطيات التي تمكنت «القدس العربي» من رصدها على هامش متابعة فعاليات الحوار الإصلاحي، يمكن التوقف عند بعض المقترحات بشكل مختلف، حيث طرح في ورقة خاصة وبيضاء، عضو اللجنة محمد صقر، سؤالاً بدا تماماً غريباً عن المألوف الأردني على بقية الزملاء في اللجنة: ما الذي يمنع عرض توصياتنا ومخرجاتنا على الاستفتاء الشعبي؟
كان التفاعل، خصوصاً في مجموعة اللجنة الأم التواصلية -كما علمت «القدس العربي»- مع سؤال الاستفتاء، متنوعاً ومتعدداً، وما اقترح هنا هو سابقة إصلاحية وطنية تسهم في شرعنة ما ستقرره اللجنة من توصيات، وتنطلق من تدعيم الضمانات والالتزامات الملكية والمرجعية، وتؤسس لحالة تفاعل تشاركية مع الرأي العام.
تقنية الاستفتاء تغادر مربع المألوف والكلاسيكي تماماً، لكن مقترحها اعتبر في الوقت نفسه إشراك المغترب الأردني في الانتخابات في بلاده هدفاً شرعياً يسهم في التنوع الوطني عموماً، مطالباً بالتأسيس وعبر نص القانون بعد الآن لمشاركة المغتربين خارج الوطن بعملية الاقتراع.
ساند عضو اللجنة محمد الحجوج، في النقاشات والحوارات هذا الاتجاه، لا بل أضاف عليه الدعوة إلى تحديث وتطوير منظومة عملية الاقتراع عملياً عبر تعديل نصوص الدستور والقانون التي تتحدث عن الاقتراع الوجاهي والمباشر فقط.
ما اقترحه الحجوج مهم ومثير، فهو يريد المزيد من الإشراف القضائي على العملية الانتخابية، ولا يجد ما يمنع من مراجعة وتعديل قانون الهيئة المستقلة للانتخابات، ويقترح الانتقال لتجهيز إمكانيات للتصويت الإلكتروني حتى يتاح للأردنيين في الخارج المشاركة كما يحصل في غالبية الدول الديمقراطية، مبيناً أن بعض الساحات التي لا تتوفر فيها تلك الإمكانية يمكن اعتماد نظام بريدي فيها في نماذج معدة سلفاً.
لكن الإطار النظري السياسي الذي تحرك بموجبه الحجوج، يقترح أيضاً وبجرأة ولأول مرة، ليس فقط الاعتماد على منهجية المواطنة الأفقية، ولكن أيضاً عدم وجود ما يمنع بعد الآن السماح للعسكري الأردني بممارسة حقه الانتخابي، كما يحصل أيضاً في الديمقراطيات الغربية.
ضمن التشخيص والتوصيف الوطني وبعيداً عن البنية التشريعية، ثمة وقفة مثيرة لعضو اللجنة الدكتور عامر السبايلة، يقترح فيها تطوير وتحديث المنظومة الاستخبارية وتحسين الأداء في شبكاتها والحرص في مرحلة الإصلاح لاحقاً على أن لا تتدخل المنظومة الأمنية بالشأن السياسي الداخلي.
في أفكاره المودعة لدى المكتب التنفيذي في اللجنة، يساند السبايلة تغريم وتجريم أي ممارسات بيروقراطية تعيق الإصلاح، ويقترح بتوسع وقفة عميقة مع سؤال الفساد باعتبارها محطة ضرورية للانتقال إلى مرحلة إصلاح مفتوحة ودائمة وأقرب إلى عملية.
وقف عضو اللجنة نقيب المهندسين أحمد سمارة الزعبي، مطولاً في الاشتباكات والنقاشات ضد استمرار محاولات تفريغ المحتوي السياسي والتشدد في الحريات النقابية، وعبر -مسبقاً- عن قناعته بأن النقابات كان ينبغي في الترتيب الهندسي أن يكون لها دور داخل اللجنة يمثلها ولا يمثل الأشخاص فقط من الأعضاء، مقترحاً في أحد الاجتماعات تزويد أعضاء اللجنة بسجلات مفرغة للآراء والنقاشات والطروحات، وبهدف إثراء حوار والعودة إلى أرشيف المواقف والمتابعة.
قدر سمارة بأن الحاجة ملحة لطاقم عمل جاد ومهني وواع ومنتم يتجاوز الراهن والذاتي ويتقدم بأفكار ثورية لقرارات وجراحات عميقة، على أساس أن الوضع الراهن لا يتحمل العمليات التجميلية.
المدى غير العلني وغير المنظور الذي تتحرك فيه اللجنة بخصوص ملف الحكم المحلي ينعش مشروع الأقاليم القديم، لكن ثمة نظريتين على طاولة الحوار: الأولى تتحدث عن أقاليم أفقية بالجغرافيا في سياق الحكم المحلي، وتتحدث الثانية عن أقاليم عمودية لا يبدو أن المناخ يوائم إقرارها أو الاتجاه نحوها بعدها.
في لجنة المرأة أفكار نسائية طموحة للكادر النسائي تدعم تخصيص نصف مقاعد البرلمان لاحقاً للنساء، وتجد صعوبة في تجاوز ما يسمى بالكوتا المخصصة للنساء والأقليات في مجلس النواب.
ثمة أفكار تغادر المعلبات أيضاً للنائب السابق وعضو اللجنة النشط خميس عطية، في المجال الحيوي لإنصاف حقوق أبناء الأردنيات مجدداً.
في النقاشات عبارات جريئة عن رمي الحقوق المنقوصة وتلك المكتسبة، ومنهجية المحاصصة في القمامة، وأفكار أخرى أكثر جرأة عن وقف أنماط الرقابة البوليسية عندما يتعلق الأمر بزوايا معقدة في العلاقة بين الشباب والعمل الحزبي، وبين الجامعات والسماح بالعمل الحزبي أيضاً.
بالخلاصة، ثمة طروحات بعيدة عن التفصيل التشريعي ألقيت هنا وهناك على طاولة الحوار المتفاعلة حالياً.. بعضها يستحق التأمل وبعضها الآخر لن يجد طريقه للولادة.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading