اراء و مقالات

الأردن: توقعات بإعلان حكومة حسان خلال 48 ساعة… وقريباً «وزراء حزبيون» من دون أحزابهم

مشاورات «منزوعة الدسم» مع 3 أحزاب

عمان ـ «القدس العربي»: طموح رئيس الوزراء الأردني المكلف الدكتور جعفر حسان باستقطاب أو استدراج شخصيات محددة ومحدودة وضمها لطاقمه الوزاري، قد يكون الدافع المحفز للصيغة غير المألوفة التي تتبعها خلال الساعات القليلة الماضية وهو يحاول الإيحاء بأن حكومته بدأت التشاور حول التشكيل والفريق مع الأحزاب السياسية.
حتى عصر الثلاثاء، التقى الرئيس حسان بممثلي 3 أحزاب كبيرة فقط، هي «إرادة» و«الميثاق» وحزب جبهة العمل الإسلامي، واهتم بالإبلاغ بأنه «لا يشاور على التشكيل»؛ بمعنى أن الأحزاب ليس لها دور في «اختيار أسماء الوزراء».
كلاهما، الأمين العام لحزب الميثاق محمد المومني، ونظيره في حزب إرادة نضال بطانية، أبلغا بحصول لقاء. كلاهما أعلن لكن بصيغة متباينة، أن رئيس الوزراء لا يريد في هذه المرحلة على الأقل الاستعانة بوزراء تحدد أسماءهم الأحزاب نفسها. لكن ذلك لا يعني عملياً أن شخصيات على الأقل من حزبي إرادة والميثاق، وهما الأكبر في تيارات الوسط ومعسكر الموالاة، لن تنضم إلى الطاقم الوزاري.

اتصالات حسان

وأغلب التقدير أن الرئيس حسان بدأ أصلاً بالتشاور مع حزبين وسطيين كبيرين فقط، لأنه يرغب بضم بعض الأسماء إلى طاقمه، الأمر الذي يبرر تلك التسريبة التي تتوقع أن الرئيس حسان، راغب وبقوة في ضم الدكتور محمد المومني تحديداً لحكومته وزيراً للاتصال، مع أن تلك مجرد تسريبة حتى الآن مردها إحساس الدولة العام بأن المومني كان عملياً الوزير الوحيد المحترف الناجح إعلامياً واتصالياً في آخر 10 سنوات على الأقل.
قد يقبل المومني وقد يرفض بكل حال، مع التذكير بأن البرنامج الموضوع لحزبه الوسطي يستند ضمن بعض التوصيات والمقترحات إلى فكرة إلغاء وزارة الإعلام أصلاً.
بعيداً عن المومني، من شبه المرجح أن الخبير الاقتصادي البارز الدكتور خير أبو صعليك، صاحب أفضلية في الانضمام للطاقم الاقتصادي في وزارة حسان، علماً بأن أبو صعليك كان قد انضم رسمياً لحزب إرادة قبل فترة وجيزة من الانتخابات فقط.
والمعنى هنا أن الرئيس المكلف حسان تخاطب وليس تشاور مع قيادة حزبيين وسطيين، ولاحقاً قيادة جبهة العمل؛ لأغراض قد لا يكون لها علاقة بالتشاور الحقيقي لا على برنامج أو بيان وزاري ولا على هوية فريق، بقدر ما لها علاقة بصورة مرجحة بالرغبة في الاستعانة ببعض الكفاءات من الأحزاب الكبيرة مثل المومني وأبو صعليك بطبيعة الحال، إن اكتملت دائرة الاستقطاب التشاوري في هذا السياق.

اختراع صيغة

لا ضمانة بأن تكتمل المسألة بطبيعة الحال، فأبو صعليك خبير اقتصادي وديناميكي ولامع ومن رموز ملف الاستثمار والرؤية التحديثية الاقتصادية، وطالما تحدث لـ «القدس العربي» بعد تحديث المسار عن الوزراء المحظوظين مستقبلاً، لأن لديهم وثائق مرجعية توافقية يفترض أن يلتزموا بها.

مشاورات «منزوعة الدسم» مع 3 أحزاب

وهنا قد يبرز بأن شغف رئيس الوزراء الجديد باستقطاب بعض رموز أحزاب الوسط هو الذي دفعه لابتكار الصيغة التي تقول إن حكومته قد تضم حزبيين الآن، ولكن لكفاءتهم واحتياجاتها وليس لأنهم يمثلون أحزابهم.
الاعتقاد مبكر بأن من اخترع هذه الصيغة في استقطاب وزراء حزبيين بدون أحزابهم أو تمثيلها بين يدي حسان، عيونه على 6 أسماء على الأقل، تصادف أنها مسجلة بأحزاب سياسية، لأن من ابتكر هذه النغمة هدفه تجنيب الوزارة الجديدة كمائن التمثيل الحزبي، فعدد الأحزاب الناجحة في البرلمان أكبر وأوسع من أن تحتويه حكومة تريد أن تأخذ شكل التكنوقراط الاقتصادي وطابعه.
تلك الصيغة في عقد لقاءات بلا عناوين مع قادة أكبر حزبين وسطيين ثم إبلاغهما بأن بعض الوزراء سيتم اختيارهم من الأحزاب لكن ليس بمعادلة التنسيب الحزبي، تظهر في النتيجة حجم الألغام التي يمكن أن تسير وسطها حكومة الرئيس المكلف الطازجة، لأنها تظهر بالتحليل السياسي الأبعد مستوى الارتباك المبكر الذي قد يعكس طابع الحكومة إذا ما استمرت، مع أن الأخير أبلغ قيادة جبهة العمل الإسلامي أيضاً أنه «لا يتشاور بالتشكيل». لا أحد يعلم بعد ما إذا كان حسان سيكمل مشوار مقابلات منزوعة الدسم مع قادة الأحزاب الأخرى.
ولا أحد يعلم ما إذا كانت الحكومة تميز في وقت مبكر بين أحزاب سياسية موجودة في خارطة التسجيل الرسمي وأخرى نجحت في البرلمان، لأن مقتضيات التلوين الحزبي والسياسي ووقائعه تقول إن أحزاب الوسط التي تلقت ضربة قاصمة في القائمة الحزبية العامة خاضت الانتخابات عملياً بدون مرشحين، ولأن أحزاب اليسار بتلاوينها الثلاثة وبسبب الإخفاق في توحدها نجحت في الحصول على 76 ألفاً من أصوات الناخبين، لكنها أخفقت في الحصول ولو على مقعد برلماني واحد، فيما خضوع آلية التشاور المبتكرة التي يقترحها الرئيس حسان لحزب الأغلبية الحقيقي المعارض يمكن أن يدفع حكومته مبكراً للتعامل مع ابتزاز كتلة التيار الإسلامي.

مشاورات هزيلة

الحزب الوحيد المتماسك هو حزب جبهة العمل الإسلامي، وهو نفسه الوحيد الذي فاز بأغلبية واضحة في الانتخابات ولا توجد خبرات سابقة لا عند الحزب ولا عند حسان في التفاعل والتواصل.
مناخات الأحزاب أصلاً مربكة لأي حكومة. لذا، الضغط عنيف على رئيس وزراء مستجد لا خبرات سياسية عريضة له وشغوف بالتكنوقراط الاقتصادي، ولا يؤمن كما عهد منه على الأقل بما يقوله القطب البرلماني الإسلامي صالح العرموطي أمام «القدس العربي» وغيرها، عن ترتيب الأولويات بموجب التحديات الوطنية، وحصراً الملفات السياسية.
خطة حسان حتى الآن على الأقل هي تشبيك الأمور بتشاور شكلي مع أحزاب الوسط الكبيرة التي توفر لحكومته مظلة للحصول على ثقة البرلمان وخطته أيضاً استقطاب 6 أسماء من أحزاب قائمة دون التورط بمحاصصة لتمثيل الأحزاب، لا تلك التي توجد عموماً في البلاد ولا تلك التي فازت بمقاعد في الانتخابات.
الجو مربك عموماً.. هذا ما تقوله وجبة المشاورات الهزيلة الأولى التي برزت خلال الـ 48 ساعة الماضية، فيما يفترض أن تقسم الحكومة يمينها في أقل من 48 ساعة مقبلة ما لم يحصل تأخير.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading