Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اراء و مقالات

الأردن: حاضنة المقاومة «عابرة» للمكونات

الوطنان البديل والأصيل مستهدفان من العصابة التي تحكم تل أبيب حاليا وتتحرش في كل الدول المجاورة لفلسطين ومن بينها الأردن

حسابات الشتاء الأمريكي العاصف قد لا تلائم، لا من حيث الأهداف ولا من حيث الشكل والمضمون، بيدر الأردنيين عندما يتعلق الأمر بما تسميه الأوساط الأمريكية ضرب حاضنة المقاومة الفلسطينية الشعبية العريضة في بلد مهم ومجاور لفلسطين المحتلة ويتأثر في كل صغيرة أو كبيرة تحصل فيها مثل الأردن.
الظروف التي شكلت الحاضنة الشعبية الأردنية للمقاومة، لا علاقة لها لا بحزب سياسي ولا بوقفات وتظاهرات شعبية أو ملتقيات ولا بأي تيار سياسي بعينه.
موقف الشعب الأردني القلق والمرتاب ليس فقط باليمين الإسرائيلي ولكن بالصديق والحليف الأمريكي الذي يتلاعب بحقائق الجغرافيا السياسية في المنطقة على نحو خطير.
جذر مخاوف الأردنيين جميعا في مسألة دعم وإسناد الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة مرتبط بمؤشرات النبل والفروسية التي تشكل وجدان الغالبية الساحقة من أبناء العشائر الأردنية.
عندما يغادر المرء لأغراض التحليل والقراءة والتأمل والتعمق دائرة العشائر والقبائل الكبيرة، صاحبة الموقف النبيل، يمكنه على مستوى المدن الكبيرة فهم رسالة الشارع على أساس قناعة الأردنيين اليوم بأنهم تماما وفي كل المواصفات والمقاييس على الضفة الشرقية، في حالة تناقض مع المشروع الإسرائيلي وفي الموقع الصحيح من «التاريخ».
لا يحتاج المراقب الحصيف للاسترسال في فكرة ربط حاضنة المقاومة الفلسطينية في عمق بترتيبات الأصول والمنابت ولا حاجة للعبث في عقول المواطنين بمزاعم تربط تأييد المقاومة والتعاطف معها بمكون اجتماعي دون آخر، فحي الطفايلة الفقير في عمان قدم لأهل غزة ما عجزت عنه دول.
مساندة المقاومة ومعاكسة إسرائيل حقيقة شعبية أردنية تعلمها السلطات وعابرة للمكونات ومن يساند المقاومة اليوم ويطلق أسماء بعض قادتها على المواليد الجدد أردنيون من صلب الطبقات الاجتماعية العريقة.
هؤلاء في موقفهم التضامني مع مقاومة الشعب الفلسطيني البطل لا يتأملون بأكثر من التعبير عن موقفهم وحماية دولتهم ومؤسساتها ووطنهم وترابهم.
في كل حال واهم من يعتقد بأن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتصنيف جماعات محددة بالإرهاب ليس أكثر من خطوة قد لا تصلح مع مرور الأيام والأسابيع والأشهر للثبات في أي موطئ قدم وسط الأردنيين.
المسألة تتعدى التيار الإسلامي والحركة الاسلامية وجذور تضامن الأردنيين مع المقاومة ليست مرتبطة لا بفصائل المقاومة ذاتها ولا بأيديولوجياتها ولا حتى بشخوصها، ولا بتلك الرسائل التي صدرت بين الحين والآخر تحت ضغط ماكينة الحرب الإسرائيلية لتحريض النشامى على التظاهر.

الوطنان البديل والأصيل مستهدفان من العصابة التي تحكم تل أبيب حاليا وتتحرش في كل الدول المجاورة لفلسطين ومن بينها الأردن

جذر المسألة وأصلها العميق هو خوف الأردنيين وارتيابهم بكل ما تم ترويجه بينهم تحت عنوان التعايش وعملية السلام وما بعد اتفاقية وادي عربة أو تحت شعار خداع ومضلل، قال فيه البعض عند توقيع اتفاقية وادي عربة عام 1994 بدفن الوطن البديل.
واضح أن الوطنين البديل والأصيل مستهدفان من العصابة التي تحكم تل أبيب حاليا وتتحرش في كل الدول المجاورة لفلسطين ومن بينها الأردن.
لا مكان للمنطق الذي يتحدث عن أي محاولة لضرب حاضنة المقاومة الفلسطينية في عمق الشارع الأردني بأساليب وأدوات تقليدية وكلاسيكية لا تعني الكثير مثل إصدار قوائم حمراء أو سوداء أو الحجز على بعض الأموال أو التصنيفات التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
حاضنة المقاومة ليست جماعة الإخوان ولا غيرها بل الصورة التي رسمتها الحرب الإسرائيلية الدموية وحرب الإبادة على أطفال غزة وهي عالقة في الأذهان والوجدان.
أي محاولة للمساس بمشاعر الأردنيين وموقفهم من المقاومة الفلسطينية تحديدا باعتبارها مقاومة أخلاقية وقانونية وتاريخية ووطنية يعني تقوية تلك الحاضنة لا بل فتح مواقع ومساحات كانت مغلقة أمام خطاب الفصائل الفلسطينية المقاومة.
وهو ما نحذر منه الحكومة والسلطات لأن اتباع أساليب ووصفات غير مدروسة وغير حصيفة تحت عنوان الاستجابة السريعة لما يريده الأمريكيون أو يحرض عليه الإسرائيليون قد يؤدي إلى تعزيز وتقوية جبهة التضامن الشعبية مع المقاومة، وسيؤدي حتما في تصورنا إلى فتح آفاق جديدة وسط المجتمع الأردني لدعم المقاومة ومساندتها.
قد لا يتسع المجال لأي لف ودوران ومراوغة هنا ولا بد من قول الأشياء كما هي.
وسط الأزمة المعيشية والاقتصادية ووسط التأثير الوجداني العميق لصور عظام الأطفال وهي تسحق في غزة وخيم النازحين وهي تحرق وسط مظاهر ومؤشرات الجوع والعطش القاتل وترحيل مخيمات الفلسطينيين في الضفة الغربية وتدميرها، لا مكان لأي حديث وسط المخيلة الشعبية على الأقل، لا عن سلام ولا عن تطبيع ولا عن تكيف ولا عن تعايش.
تلك حقيقة مرة يفهمها المواطن الأردني لأنه يعتقد بأن تأثيرات مشاهد المحرقة الجديدة العصرية التي ارتكبها الإسرائيليون بأسلحة أمريكية وغربية لا تمحى بكل بساطة لأن واشنطن تريد ذلك.
الأردني يشعر بالخطر وبأنه لا ضمانات أمامه خلافا لما يدعيه بعض المسؤولين لأن لا يتعرض لنفس المصير.
هنا مربط الفرس ولا مبرر للغرق في تكهنات وتأويلات لا معنى لها لا تقول الحقيقة للقرار.

اظهر المزيد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading