الأردن عشية «لقاء واشنطن»: هجوم «تشريعي» على إسرائيل والمعاهدة… تلويح بـ «إعلان حرب» و«تذخير» شعبي

عمان- «القدس العربي»: المقاربة التي يقترحها القطب البرلماني والقانوني الأردني صالح العرموطي فيما يخص وضع إتفاقية وادي عربة في هذه المرحلة وفي ظل مخاطر التهجير وسلسلة المؤامرات التي تحاك ضد الشعبين الأردني والفلسطيني، هي تلك التي تقترح بأن المصلحة العليا للأردن تحتاج في هذا الظرف العصيب إلى القيام بالواجب والاستحقاق الدستوري تحت عنوان إلغاء تلك الاتفاقية.
العرموطي ورفاقه في جبهة العمل الإسلامي أعلنوا، ظهر الأحد، سلسلة تصوراتهم ومقترحاتهم القانونية الجديدة.
وعلى هامش نقاش مع «القدس العربي» قبل المؤتمر الصحافي، أصر على أنه لا غضاضة بتحرك تشريعي وضمن الاستحقاق الدستوري والواجب ضد تلك المعاهدة أو الاتفاقية، مقترحاً بأن كتلة نواب جبهة العمل الإسلامي وثقت ما يقارب من 66 انتهاكاً على الأقل لتلك الاتفاقية التي لا يحترمها الكيان.
والواجب أن يتحرك مجلس النواب لإظهار مقدار مخاطر اتفاقية وادي عربة أمام الرأي العام والشعب الأردني.
جبهة العمل المعارضة أعلنت عن ما وصفته بقانون متكامل بقصدية سياسية ووطنية قبل أقل من 48 ساعة من لقاء مرتقب ومهم بين العاهل الملك عبد الله الثاني والرئيس دونالد ترامب.
ومشاريع القوانين المقترحة تتضمن تغطية كل الجوانب والأطر الدستورية والقانونية والسياسية وتنقيح قوانين أخرى متعددة للدفع باتجاه تجريم أي مساس بالحقوق المستقرة ليس فقط للشعب الفلسطيني، ولكن للدولة الأردنية أيضاً؛ بمعنى حظر وتجريم القبول بالتهجير.
الإسلاميون النواب هنا يعلنون بوضوح أن الهدف من توقيت تحركاتهم التشريعية المضادة للاحتلال الإسرائيلي هو دعم وإسناد موقف القيادة الأردنية في مواجهة صلابة المخططات الخطرة التي يقترحها الرئيس ترامب.
والمعنى هنا أن الحراك التشريعي بتوقيع التيار الإسلامي يحاول تحصين الموقف الرسمي ودعم وإسناد « لاءات الملك» قبل ساعات قليلة من لقاء مع ترامب يترقبه الجميع وسبقته تحضيرات كان الأردن داعماً كبيراً لها بعنوان انعقاد قمة عربية طارئة في القاهرة لمناقشة التطورات في القضية الفلسطينية.
يزيد العرموطي وهو يعلن باسم الكتلة التي يترأسها، بأن معادلة إعلان الحرب على الأردن لا تشمل فقط تهجير الفلسطينيين من القطاع أو الضفة الغربية، بل تشمل المستوطنات في الأغوار أو ضمها، وبناء جدار أمني إسرائيلي في قلب الأغوار.
وهذه المطالعة التي تقترح بأن إجراءات إسرائيل في منطقة الأغوار تنسجم مع المعايير القانونية لإعلان الحرب على الأردن، لا تمثل تلك المواصفة التي عرضها وزير الخارجية أيمن الصفدي عندما صرح قبل عدة أيام بأن أي تحريك تهجيري للفلسطينيين في اتجاه الأردن قسراً أو بصفة جماعية سيتم اعتباره بمثابة إعلان حرب مباشر، وقال إن الأردن سيحارب في هذه الحالة. وجهة نظر جبهة العمل الإسلامي تقول علناً: إعلان الحرب يشمل الجدار الإسرائيلي وضم الأغوار. والمرجع القانوني الدكتور أنيس القاسم، كان قد وضع «القدس العربي» في صورة ما الذي يعنيه مفهوم إعلان الحرب بموجب القانون الدولي وبصيغة مشروعية حق الرد الأردني عسكرياً.
لافت جداً للنظر في سياق نقاشات البرلمانيين الأردنيين أن تفسيرات مفهوم إعلان الحرب وتلميحات الوزير الصفدي بدأت تلوح بخيار الاشتباك العسكري في حال التهجير القسري لأبناء الضفة الغربية باتجاه الأردن، فيما القاسم يشير إلى أن المادة السادسة من اتفاقية وادي عربة تمنع الطرفين من إحداث أي تغييرات ديموغرافية، لا بل يؤكد القاسم بأن التفسير الأصولي لجريمة التطهير العرقي في حالات تهجير السكان لا يقف عند التهجير القسري والجماعي فقط، بل يشمل حتى التهجير الطوعي أو ما يسمى بالناعم.
يرى القاسم أن حذر الأردن واجب؛ لأن أي تسهيلات أو مرونة في إقرار عمليات التهجير يدين الدولة التي تقوم بذلك بتهمة التطهير العرقي وفقاً لأصول القانون الدولي.
لكن الأهم أن تصعيداً في اللهجة الدبلوماسية الأردنية وصل إلى مستويات غير مسبوقة، مضمونها التلويح بخيار الاشتباك العسكري في مسألة سيادية تمس بالهوية الوطنية الأردنية عشية التحضيرات المكثفة لقاء الثلاثاء بين الملك الأردني والرئيس ترامب، بعدما خلط الأخير الأوراق.
في الأثناء هجوم أردني واضح وملموس وعلني خلف تداعيات اقتراحات ترامب، دلالته المباشرة ليس فقط التصعيد الدبلوماسي ولا التحول التشريعي الذي دخل في نطاق الاستحقاق أو الترتيبات مع الأشقاء والأصدقاء العرب والغربيين، بل التفاعل أيضاً مع الحالة الجماهيرية والشعبية الأردنية التي وصلت مع نهاية الأسبوع الماضي إلى مسافة غير مسبوقة في التعبير عن رفض التهجير تحت أي عنوان، وفي إسناد موقف الملك وتجديد البيعة لموقفه علناً قبل جلوسه مع ترامب في زيارة قد تكون مؤثرة جداً على المشهد والإطار العام.
وعليه، وفي الخلاصة، يمكن القول إن دعم الموقف المرجعي والملكي في البيت الأبيض أصبح بمثابة رسالة توافقية جماعية عابرة لكل مكونات الأردنيين وأحزابهم وتشكيلاتهم، الأمر الذي يسهم في توفير ذخيرة شعبية هذه المرة بين يدي صانع القرار الأردني ضمن إحاطة تسعى لدعم استقلالية القرار الوطني وحرمان طاقم للرئيس ترامب من هوامش أو مقايضات ذات أبعاد تنطوي على ابتزاز أو خضوع له.
تلك المبايعة التي يوقعها حتى المعارضون الإسلاميون وتعبيرات الأحزاب والوسط الحزبي وأبناء العشائر والمخيمات في وقت قصير، ليس الهدف منها إظهار دعم وإسناد الموقف الملكي والرسمي فحسب، ولكن أيضاً استعداد الشعب الأردني للكلف والفواتير التي يمكن أن تنتج اقتصادياً بصورة محددة عن ضغوط ترامب أو معاكسة سيناريوهاته.