اراء و مقالات

الأردن على «حافة ترامب»: تسريبات بالجملة: لماذا الآن؟

حرب نفسية… والهدف «التكيف»

عمان ـ «القدس العربي»: «الأردن على الحافة»… هذا العنوان الذي اختارته دراسة بحثية بقلم «أنيل شلاين» نشرت يوم 16 من كانون الأول/ديسمبر واستعرضت تأثير ضغوط الحرب على غزة وعودة الرئيس دونالد ترامب إلى مصالح الأردن.
مضمون الدراسة قد لا ينطوي على «جديد» لم يسمعه الأردنيون سابقاً، لكن توقيت نشرها هو الأهم، حيث حصل بالتوازي مع تصريح منقول عن ترامب ينصح فيه إسرائيل بـ«التصرف» في حال بروز طموح للإسلاميين بالأردن.
الوقائع تقول إن الأردن ليس على الحافة ولا توجد مخاطر حتى اللحظة، والإسلاميون الأردنيون أنفسهم يجدون صعوبة في تقبل أي تفاهم مع التيارات السلفية التي تشكل أعمدة هيئة تحرير الشام التي تحكم دمشق الآن.
في الأثناء، يواصل إعلام اليمين الإسرائيلي العزف على أوتار «كذبة» اسمها «تهريب أسلحة إيرانية» علماً بأن معلومات الغرفة الأمنية الأردنية تشير إلى أن الأنشط في تهريب الأسلحة والمخدرات في الإقليم يمثلون بامتياز «عصابات إسرائيلية» بالمقام الأول ورغم وجود معلومات من هذا الصنف إلا عمان لا تتحدث بهذا الملف الشائك.
وبما أن الوقائع على الأرض الأردنية تخالف الحافة التي تحدثت عنها دراسة «شلايم» والتصريح المنقول على لسان ترامب يصبح السؤال مشروعاً: «ما هو المقصود بكل هذه التسريبات التي تحاول الإيحاء بوجود إشكالات في الأردن؟».
الجواب غير متاح بعد بالمستوى المؤسسي، لكن رئيس الوزراء الأردني الأسبق، المخضرم علي أبو الراغب، يجدد قناعته أمام «القدس العربي» بأن الأردن «مستهدف» بالتأكيد، وبأن اليمين الإسرائيلي لديه «أطماع». يقول: «أقل من ذلك في التحليل والتفكير السياسي ينبغي ألّا نقبل».

تسريبات شريرة

وبمناسبة التطرق للتسريبات المبرمجة الشريرة، يلفت الناشط السياسي الأمريكي الفلسطيني، الدكتور سنان شقديح، من جانبه نظر «الأشقاء الأردنيين» إلى أن «التسريبات» في عوالم الكيان والولايات المتحدة لا تنطلق من الفراغ ولها وظيفة.
لذلك يصبح لزاماً على كل مهتم أردني أن يجيب عن السؤال اللاحق: ما هي وظيفة الإصرار على تخويف الأردن من ترامب وإصدار تقارير تدعي أن الأردن على الحافة؟
الإجابة اليتيمة المتاحة بسوق السيولة الإستراتيجية برأي السياسي الدكتور ممدوح العبادي، هي تلك التي تقترح بأن وظيفة هذه التلميحات والتسريبات إضعاف الأردن في مواجهة خطط موضوعة ومكتوبة لإلحاق الأردن بمشروع «إسرائيل الكبرى» وهي أساساً الخلاصة التي كان بسببها العبادي يردد «المواجهة قادمة لا محالة وحتمية».
وهنا يمكن فهم السياق الذي اقترحته دراسة «الأردن على الحافة» لأنها تتحدث حصراً عن «تهجير أهل وسكان الضفة الغربية» إلى الشرق، حيث الأردن التي طالما عانت وتعاني من الابتزاز الأمريكي الناتج عن أزمة «الدور والوظيفة».
ومخاطر «التهجير» من الضفة الغربية لم يعد أحد ينكرها في النخبة السياسية الأردنية وإن كانت الشخصيات الرسمية تلمح في الاجتماعات المغلقة لوجود تقارير عن «حركة نزوح» في بعض مخيمات الضفة الغربية، لكنها لم تتطور إلى مؤشرات موضوعية خطرة توحي بأن سلطات إسرائيل تخطط للتهجير القسري الجماعي الذي سبق للقيادة الأردنية أن اعتبرته بمثابة «إعلان حرب». ومع استمرار رهان الأردن على «إمكاناته» التي لم تظهر بعد وأوراقه التي لم تستعمل بعد، يمكن القول بأن تقرير «على الحافة» المشار إليه يتقصد الإشارة لأزمة وحافة من دون تعريفها، فيترك للمخيلة الأردنية جزئية التعريف في خطوة تنتمي بصيغة مرجحة لشن حرب سيكولوجية على المؤسسات الأردنية حتى يصبح التكيف لاحقاً مع أي متطلبات أو»مطبات» يزرعها عهد ترامب الجديد هو استراتيجية الإنقاذ الوحيدة.

«إرهاق» الأردن

المعنى هنا أن «إرهاق» الأردن بالقصص والتسريبات والسيناريوهات مقاصده أخبث من سرديته المباشرة؛ لأن عواصم القرار تعلم مسبقاً بأن عمان ليست عاصمة محايدة في الملف الفلسطيني وتستطيع ـ إن أرادت ـ إفساد أي ترتيبات «فلسطينية أو إسرائيلية» لا تناسبها طبعاً بعد حساب كلفة الاتجاهات.

حرب نفسية… والهدف «التكيف»

العبادي أول من قال بوجوب «المواجهة» والجنرال العسكري والإستراتيجي المتقاعد، قاصد محمود، أول من حذر من أن لعبة التهجير تشبه «الروليت الروسي» فهي باتجاهين، والأفضل بالنتيجة تأسيس تفاهمات مع الأردن من الطراز الذي يمكن قبوله أو لا يتلاعب بالمشهد الداخلي الأردني ويعبث بالحالة المستقرة والسبب حالة إجماع وطنية تتنامى في عمق شرائح ومكونات المجتمع الأردني فكرتها اليوم «الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين» ولعل المطلوب مع وجود «قناعة» عابرة للمكونات بين الأردنيين من هذا الصنف هو الاتجاه وفوراً لتشكيل «مطبخ ممانعة» للخيار اليميني الإسرائيلي في قيادة المؤسسة الأردنية ثم الانصراف فوراً للقاعدة التي يعتبرها أبو الراغب بمثابة «قانون لم يهزم بعد» بعنوان تصليب الجبهة الداخلية والعودة للشعب الأردني وتحشيده خلف مصلحة مشروحة.
ما تفهمه «القدس العربي» من سجالات حيوية وسط بعض اللاعبين الكبار هو أن المؤسسة الأردنية عندما «تبدأ ضغوط ترامب» مستقبلاً عليها التمسك بـ«لا» كبيرة وقطعية لما لا يمكن قبوله حتى يفهم كل من يلعب بالإقليم بأن «لا أردنية» لا مجال لمفاوضتها.
وعليها ـ نقصد المؤسسة ـ أن تتجنب عبارة «لا ولكن» أو «لا لعدة أسباب» فهي العبارة التي توحي بأن «الثوابت قابلة للتفاوض» فتبدأ التسهيلات والتسعيرات والتنزيلات.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading