اراء و مقالات

العشائر الأردنية في «التماس» الجغرافي مع القدس وكلمة «حساسة» بعد «اللعب بالنار»

الحدود «لن تفتح» و«السفير» قد لا يطرد قريباً

عمان- «القدس العربي»: يعرف أعضاء مجلس النواب الأردني، وهم يوقعون على مذكرة بالإجماع تقف خلف موقف القيادة من القضية الفلسطينية ومسألة القدس وتطالب في الوقت نفسه بطرد السفير الإسرائيلي، بأن سقف مطلبهم الذي تنص عليه المذكرة الجماعية قد لا تستطيع الحكومة تنفيذه أو الالتزام به.
وفي المقابل، يعرف آلاف النشطاء من أبناء العشائر والقوى الوطنية الأردنية المتجمعين، ظهر الجمعة، قرب أقرب مسافة من حدود فلسطين في منطقة الأغوار، بأن رسالتهم تتضح أكثر عبر الهتاف للملك عبد الله الثاني ولفلسطين وللأقصى مع الدعوة لفتح الحدود أيضاً.
السفير الإسرائيلي «لن يطرد» قريباً، والحدود «لن تفتح» لكن السماح رسمياً بنشاطات من هذا النوع هي «رسائل سياسية» حذرة وخشنة توحي بأن إسرائيل في موقعها الحالي فعلاً «تلعب بالنار».
عملياً، لا توجد «قضية» توحد الأردنيين من مختلف المكونات مثل المسجد الأقصى. وحكومياً، لا تزال «الوصاية الهاشمية» على المحك بالتأكيد بسبب سلوك اليمين الإسرائيلي، الذي يقول سياسيون خلف ستارة القرار في عمان اليوم بأنه آن الأوان لإعادة ضبط إعداداته.

الثقل القبلي

الأهم في الزاوية الأردنية من تطورات المشهد أن قبائل أردنية يعرف الجميع أنها «مسلحة» كما يقول الإعلامي الفلسطيني ناصر اللحام، هي التي تتجاوز التعبيرات الإنشائية اليوم، وهي تدخل الخط الاشتباكي دون مقدمات وعلى أساس أن «شرف الدفاع عن الأقصى» ليس مهمة الشعب الفلسطيني فقط.
ورد ذلك في بيان شهير لقبيلة بني حسن، الأضخم شرقي نهر الأردن، وورد في تعبيرات لقبيلة بني صخر وفي أخرى لقبائل بئر السبع التي طالبت الملك مباشرة بفتح الحدود حتى يتسنى للزاحفين التقدم والمشاركة في المعركة.
الثقل القبلي الأردني يبرز وبقوة كورقة ضغط على القرار السياسي الأردني، ونشطاء قبيلة بني عباد رسموا علم الكيان على بوابات مفرق الطرق في واجهاتهم نحو القدس، وأبناء العشائر عشاق الأقصى ظهروا بكثافة مع صلاة الجمعة على أكتاف الحدود وفي منطقة التماس الجغرافي في منطقة الأغوار.
تلك معطيات ينبغي ان يقرأها القرار السياسي الأردني، كما يقترح الناشط العشائري البارز محمد خلف الحديد، وهو يتحدث مع «القدس العربي» عن عمق دلالة الرسالة التي تشير إلى أن اتفاقية وادي عربة وتنظيرات التطبيع بعد 30 عاماً، ذابت وتذوب عندما يتعلق الأمر بالقدس والمسجد الأقصى.
وهنا تذوب -حسب الحديد أيضاً- مقولة «التطبيع والسلام» الذي يلعب دور وظيفة تأمين الحماية للكيان الإسرائيلي جغرافياً، وما تقوله تعبيرات وانفعالات المكون العشائري الأردني مؤخراً بأن الفلسطيني ليس وحده عندما يتعلق الأمر بالقدس والمسجد الأقصى، فكل شيء ممكن الآن شرقي نهر الأردن، والمايكروفون ليس فقط مع مطلقي البيانات السياسية.

الحدود «لن تفتح» و«السفير» قد لا يطرد قريباً

وبناء عليه، يمكن القول بأن ما حصل في الأغوار أمس الجمعة «مهم للغاية».
والسماح الأمني والسياسي الأردني لتعبيرات من هذا النوع يعني بأن السلطة ضاقت ذرعاً بتصرفات اليمين الإسرائيلي وتشخصه برسم «اللعب بالنار» فعلاً، لأن معادلات بأكملها ستختل إذا أصر العدو على «قضم القدس» كما يقدر السياسي مروان الفاعوري، وهو يحاول قراءة منسوب الإحراج في قواعد الاشتباك بموقف حكومة بلاده.
سقف الشعار والرسالة الميدانية في الأردن علامة فارقة وإشارة قوية على أن غضب الشارع الأردني ومستوى الاحتقان يصل إلى مستويات لا يمكن تجاهلها حتى هذه اللحظة، خصوصاً أن مسار وتطورات الأحداث في فلسطين تلقي صدى اجتماعياً كبيراً واسعاً في الأردن.
والحكومة الأردنية بطبيعة الحال، ليست مضطرة دستورياً للاستجابة إلى ما يطالب به النواب من طرد للسفير الإسرائيلي. والقناعة وسط مركز القرار الأردني راسخة بأن الإجراء الأبعد والأكثر صعوبة الذي يمكن للأردن أن يتخذه في مواجهة التصلب الإسرائيلي والاعتداءات العسكرية على المسجد الأقصى وقطاع غزة هو استدعاء السفير الأردني في تل أبيب ومطالبة سفير إسرائيل في عمان بمغادرة المملكة.
وهو إجراء يعتبر السقف الأعلى المقترح والممكن والواقعي للخارجية الأردنية، لكنه من الصعب أن يتخذ في ظل مسار الأحداث الحالية. ويحاجج مسؤولون كبار في الحكومة الأردنية بأن استدعاء سفير وطرد آخر خطوة كبيرة بالميزان الدبلوماسي وينبغي أن تتخذ في الوقت المناسب.
وهذا يعني أن الحكومة لا ترى أن تطورات الأحداث حتى هذه اللحظة تستوجب مثل هذه الخطوة. ولذلك، على الأرجح، ستلجأ إلى تجاهل توصية النواب أو الاعتماد عليها لاحقاً كورقة ضغط باسم الشارع الأردني.
طبعاً يعرف الخبراء والمختصون بأن سقف أي إجراء دبلوماسي أردني ضد إسرائيل يتموقع في خطوتي سحب السفير الأردني ومغادرة السفير الإسرائيلي.
وهو إجراء غير محتمل حتى هذه اللحظة من مسارات وتطورات الأحداث في فلسطين، على أساس أن خطوات من هذا النوع تمثل السقف الأعلى الذي يمكن أن تلجأ له الحكومة الأردنية وفقاً لحساباتها ومصالحها، خصوصاً في ظل وضع إقليمي سياسي حمال أوجه، وصعب اقتصادياً.

موقف سياسي تضامني

ومن هنا يفسر سياسيون كبار بأن الأردن يحتفظ بخطوات تصعيدية إلى لحظة مناسبة، وعلى أساس أن طرد السفير الإسرائيلي أو سحب السفير الأردني خطوات بسقف مرتفع لا يوجد بعدها ما يمكن أن تقدمه أو تفعله الدبلوماسية الأردنية خارج نطاق إظهار موقف سياسي تضامني مع الشعب الفلسطيني على المستوى الإعلامي وفي المجتمع الدولي، أو خارج سياق تقديم بعض الدعم اللوجستي لضحايا الاعتداءات الإسرائيلية والثبات تحت خط الموقف الملكي الأردني الصلب الذي يعتبر مدينة القدس من الخطوط الحمراء، وأن المساس بها أو السعي إلى تغيير الوقائع فيها بمثابة لعب بالنار، الأمر الذي عبر عنه الجمعة رئيس الوزراء بالوكالة توفيق كريشان، وهو يعلن فتح جسر مع الأرض المحتلة وغزة لتلبية أي احتياجات للشعب الفلسطيني في ظـل الأزمة.
طبعاً، يحصل ذلك فيما يمكن القول بأن «التجمع العشائري – السياسي» المختلط، الجمعة، في منطقة الأغوار، يوجه ضمنياً الرسالة الأهم والأكثر حساسية بعد ترديد نفس عبارات وهتافات التراث الفلسطيني بمقولة «عالقدس رايحين.. شهداء بالملايين». وبعد توجيه التحية لـ»القسام» ولحركة حماس، وإظهار جملة تضامنية خالية من التكتيك تحت عنوان المسجد الأقصى والقدس والخط الأحمر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى