اراء و مقالات

الأردن في وجه «خطة الجنرالات»… حلفاء واشنطن يسألونها: هل تدعمون حقاً كل هذه الدموية؟

عمان- «القدس العربي»: يمكن ببساطة ملاحظة أن الجهود المضنية التي يبذلها أو بذلها، خلال الأسبوع الماضي خلف الستائر والكواليس، وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، لوقف الإبادة شمال قطاع غزة، تحديداً لم تحدث فارقاً حتى الآن.
ويمكن بالمقابل ملامسة الإحباط في جوار حراك وزراء خارجية عرب يتحركون مجدداً في فضاء الأمريكي أنتوني بلينكن، فيما حكومة اليمين الإسرائيلي تحرمهم حتى مساء الأحد من بناء أي سيناريو يفترض العودة لـ”مسار سياسي” حتى على أساس مرحلة ما بعد الشهيد القائد يحيى السنوار، حيث أبلغت قيادات حركة حماس بالخارج باستعدادها للإصغاء لأي مقترحات مستجدة.
مستوى العمليات الدموية للجيش الإسرائيلي تضاعف بعدما قتل أكثر من 170 شهيداً من أبناء جباليا ومحيطها لينتقل إلى بيت لاهيا وجوارها وسط حمأة الحراك الدبلوماسي العربي والأردني النشط الذي يريد التركيز على “وقف ما يجري في شمالي غزة”.
مصدر مسؤول في وزارة الخارجية الأردنية أبلغ “القدس العربي” بأن وقف المذبحة والتهجير في شمالي القطاع هو الهدف الأساسي للحراك الأردني في هذه المرحلة الصعبة.
ونائب رئيس الأركان الأسبق والخبير العسكري الفريق قاصد محمود، صرح علناً بأن ما يجري لا علاقة له بالعلوم العسكرية أو الحربية، ولا بعملية عسكرية بقدر ما هو عملية وحشية.

ما يقوله الجنرال محمود هو ما يعكس عملياً الإحساس العام لدى المؤسسة الأردنية.
وما قيل للوزير بلينكن خلف الستائر، الجمعة الماضية، هو قناعة الأردن بأن ما يجري لأهل الشمال في غزة ليس عملية مرتبطة بأي هدف أمني أو عسكري، والخشية أن البيت الأبيض يدعم هذا المسار الدموي… مسئول أردني سأل الأوروبيين: هل تدعمون حقاً هذه الدموية؟.. ماذا تتوقعون من النتائج؟
برأي الخبير الدكتور جواد العناني، كما سمعته “القدس العربي”، لا أجوبة عند الغربيين على مثل هذه الأسئلة.
لذلك، يقترح العناني على مسؤولة إعلامية أوروبية تواصلت معه: “أي حديث عن التعايش والمستقبل عبثي الآن في ظل المحرقة التي تجري للأطفال والبسطاء”.
بالمقابل، في إطار البهلوانيات الدبلوماسية التي يمارسها مع وزراء الخارجية العرب مع وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، لا أساس للقول بإحداث فارق.
ما يجري شمالي القطاع وفقاً لشرح الجنرال محمود هو بالمعنى الحرفي قتل وحشي للإنسان، واقتطاع قسري للأرض، وتهجير بمسوغات أمنية متهالكة.

تلك بحد ذاتها مضامين خطة الجنرالات.
وخطة الجنرالات برأي المراقب والمحلل السياسي الفلسطيني الأمريكي البارز الدكتور سنان شقديح، كانت موجودة على الطاولة ومنذ أسابيع، ولم تكن أصلاً سرية.
بالتالي، كانت الحكومات العربية برأي شقديح تستطيع التصرف في وقت مبكر لمنع الاسترسال في محاولة فرض هذه الخطة باعتبارها واقعاً موضوعياً جديداً يمكن في ظل حسابات الانتخابات الأمريكية الرئاسية أن تعبر وبدون ضجيج.

الملاحظ أن وزير الخارجية، أيمن الصفدي، الذي طلب تأجيل لقاء يجمع بينه وبين الوزير الأمريكي، أنتوني بلينكن، في عمان، بسبب انشغالات ثم اتفقا على لقاء في لندن هدفه تغيير الأمر الواقع الذي يجري في شمالي القطاع.

الصفدي أبلغ بأن بلاده مصرة تماماً على وقف العملية العسكرية الأمنية الإسرائيلية في بيت لاهيا وجباليا شمالي القطاع باعتبارها مؤشراً إضافياً على التهجير.
وما نقل عن مسئولين بارزين في الخارجية الأردنية هو أن الصفدي أبلغ بلينكن بأن الأردن لا يمكنه، بحال من الأحوال، قبول الوقائع التي يفرضها الجيش الإسرائيلي الآن على شمال قطاع غزة، لا بل قيل في لندن للأمريكيين بأن المطلوب ليس فقط التدخل لوقف ما تسمى بخطة الجنرالات، ولكن الإعلان عن نفي هذه الخطة وإخراجها عن السكة ووقف عمليات الجيش الإسرائيلي شمالي قطاع غزة “الآن وفوراً” وبدون تردد على أن يعقب ذلك إدخال كمية هائلة من المساعدات إلى المناطق شمالي غزة لكي تساعد السكان في البقاء على الأقل حتى بين الركام.

الأردن لم يقف فقط عند حدود الموقف السياسي في هذا السياق الذي يتخذه.
لكن استعد في تحضير كمية كبيرة من المساعدات الإغاثية لإدخالها إلى شمال غزة بناء على وعد أمريكي لكن هذا الوعد لا يطبق حتى الآن لدرجة أن إيقاف ما يجري في شمال غزة أو ما تسمى بخطة الجنرالات أصبح هتافاً لمسيرات واعتصامات وتظاهرات الشارع الأردني.
وأصبح مادة أساسية ترد في البيانات التي تصدرها الملتقيات الوطنية الأردنية لدعم أهل قطاع غزة والمقاومة الفلسطينية.
ذكر بيان باسم الأخوان المسلمين، مؤخراً، بأن خطة الجنرالات تعادي مصالح الأمن القومي الأردني من باب أن تهجير الناس وقضم الأرض والاستيطان فيها وبالتالي تحقيق سوابق تسمح بتهجير أهل الضفة الغربية، الأمر الذي يعكس تماماً مفاهيم المخاطر الأردنية.
وعليه، بالخلاصة يمكن القول بأنه لا يوجد قرائن ولا أدلة على أن الضغوط التي مارسها الوزير الصفدي، الجمعة الماضية، على الوزير بلينكن نتجت في تغيير الوقائع العملياتية والميدانية ولو قليلاً في مناطق شمال غزة التي تتعرض لسلسلة من المذابح الدموية والمجازر تحت عنوان يقول برحيل المواطنين أو موتهم.
وهي مسألة تعيد إنتاج كل مخاوف التهجير الأردنية التي سبق أن اعتبرتها المؤسسة الأردنية بمثابة إعلان حرب.
التهجير مرفوض مصرياً وأردنياً وعربياً في قطاع غزة خلافاً لأن الوزير بليكن انتقد ما يفعله الجيش الإسرائيلي شمالي القطاع، لكن إدارته لم تتخذ أي خطوة ذات وزن تحدث فارقاً نوعياً في المسار الميداني، بمعنى أن الانتقاد الأمريكي لا توازيه خطوات توقف الجيش الإسرائيلي عن الاستمرار في ارتكاب المذابح التي يرتكبها في مناطق شمالي غزة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading