الأردن «قاوم بضراوة» حضور سفيرته في واشنطن لفعالية «القرن» والسؤال هو: هل الآتي أسوأ؟
زخم جماهيري «خجول»… صمت غامض للرزاز وارتباك حزبي ونقابي ورسمي
مجدداً تبدو الصورة مرتبكة إلى حد كبير. ويسأل عضو البرلمان الأردني محمد الظهراوي «القدس العربي» مباشرة: ما الذي يحصل؟.. وما الذي سيحصل معنا في الأردن؟
سؤال الظهراوي يردده الجميع بدون استثناء بعد الزلزال السياسي الذي أحدثته إعلانات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخراً بخصوص ما يسمى بصفقة القرن.
بالتوازي، يصر النائب المخضرم في البرلمان خليل عطية، على أن المرحلة تتطلب أفعالاً أردنية وليس أقوالاً فقط، ويتحدث أيضاً لـ»القدس العربي» عن الاستعداد لإجراءات على مستوى الحكومة المطلوب منها التعامل مع الواقع والتحدي والتداعيات ثم الارتقاء إلى مستوى الكلمة الملكية المرجعية الواضحة في الرفض والمواجهة.
كيف يفعل الأردنيون ما ينبغي فعله للإفلات من التفاصيل الشيطانية التي تعتبر المملكة طرفاً في الترتيب الاقتصادي والاستثماري والمالي لصفقة القرن ثم تنتهي بحدود مباشرة مع إسرائيل، والأخطر بدور أمني لاحقاً لعملية سياسية غامضة لا دسم فيها ولا معنى لها، والأهم – حسب الناشط الإسلامي مروان الفاعوري – عملية تغمس هذه المرة في أعماق الصحن الأردني نفسه.
غريب جداً أن رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز لم يقل كلمة واحدة بعد في مسألة مواجهة تداعيات الصفقة الأمريكية، وآخر عبارة له في السياق تلك التي تطلب من الأردنيين مباشرة وضمنياً تجنب تفسير أي إجراءات أو خطوات لاحقاً، باعتبارها جزءاً من منظومة صفقة القرن.
دون ذلك يصمت الرزاز تماماً. والأغرب تصمت الحكومة أيضاً وتقف عند حدود البيان الذي صدر باسم وزير الخارجية أيمن الصفدي، وهو بيان يتمسك طبعاً بالثوابت الأردنية وبصيغة جريئة إلى حد كبير، لكنه – وبرأي حتى دبلوماسيين وسفراء أردنيين اجتمعت بهم «القدس العربي»- لا يقر بمضمون الصفقة ولا يرفضها أيضاً.
بمعنى أن الخيار الأردني هو انتظار الموقف العربي في اجتماع القاهرة.
البيان الذي صدر في القاهرة كان لعمان ورام الله دور كبير في التحضير له ورفع سقفه. وعمان قبل ذلك واجهت ضغطاً عنيفاً من الأمريكيين -حسب مصدر مطلع- لكي تفلت من كمين حضور السفيرة الأردنية في واشنطن للمؤتمر الصحافي الثنائي بين ترامب ونتنياهو، حيث قاوم الأردن بضراوة هنا ضغط الطاقم الأمريكي لكي تحضر سفيرته إلى جانب سفراء البحرين وسلطنة عمان وأبوظبي. وحيث شكل امتناع سفيرة السعودية عن الحضور والسفير المصري رافعة استخدمتها الخارجية الأردنية. لكن الحكومة بعد البيان دخلت في حالة الصمت والحيرة أيضاً ولا تلبي شغف الأردنيين وضغطهم العنيف في الإجابة عن السؤال الذي أصبح وطنياً وشعبياً: ماذا بعد؟.. وما الذي سيحصل وما هي التداعيات؟
لا يوجد في الأفق جواب، لا عند الحكومة ولا عند بقية أطراف اللعبة في الساحة الداخلية، والزخم الجماهيري في إطار حملة إسقاط صفقة القرن يثير الخجل والتساؤل أيضاً بعد مسيرة متواضعة الجمعة الماضية.
يعقد مجلس النواب مساء الأحد جلسة لمناقشة تداعيات صفقة القرن وسط غياب معلومات رسمية قاطعة؛ أولاً، عن سقف ما هو مطلوب من الأردن، وثانياً عن طبيعة التداعيات.
سقف الجلسة واضح مسبقاً، وقد لا يتعدى تكرار موقف مجلس النواب في جلسات مماثلة سابقاً، حيث التركيز مجدداً وضغطاً على الحكومة على إجراء مكرر لم يفلح سابقاً إطلاقاً بعنوان إعادة السفير الأردني من تل أبيب وطرد سفير الكيان الإسرائيلي.
كرر النواب دوماً هذه الجملة وهم يعلمون بأن حكومتهم لا تستطيع اتخاذها.
على الجبهة النقابية، الحيرة أيضاً حاضرة وبالجملة، فبعد سلسلة من التدخلات بالجسم النقابي وإضعافه يقرر مجلس النقباء تشكيل لجنة نقابية عليا تدرس «مآلات» صفقة القرن.
تلك لجنة شعبوية أيضاً يمكن أن تنضم إلى شقيقتها في أحزاب المعارضة التي سميت بالجبهة الموحدة لإسقاط صفقة القرن وسط غياب تأثير حقيقي للأحزاب السياسية التي تلقت بدورها هي الأخرى سلسلة ضربات أضعفتها وأخرجتها عن السكة، كما يقدر ويقرر نقيب المهندسين الناشط أحمد سمارة الزعبي، وهو يلاحظ بأن الظرف الحالي يثبت بأن تفريغ البلاد من مضمون العمل الحزبي والنقابي أضعف الدولة وليس مؤسسات العمل المدني فقط، وخصوصاً في مواجهة مخاطر من وزن صفقة ترامب.
الارتباك كبير في الحالة الداخلية الأردنية بالرغم من تعقل وتوازن خطاب الدولة وانتظار الجميع لما سيأتي لاحقاً ووسط صمت الحكومة طبعاً.
الجديد في هوية هذا الارتباك اليوم أنه «أفقي» ويشمل النقابات والأحزاب والشارع والحراك وطبقة رجال الدولة والنخب والصالونات، كما يشمل جميع أذرع المؤسسات الرسمية.
ثمة سبب طبعاً لأفقية مثل هذا النمط من الارتباك، وهو على الأرجح الشعور الجماعي بأن الأسوأ في صفقة ترامب قادم لاحقاً، ولا هوية محددة له على الأقل في الحسابات الأردنية حتى اللحظة.