اراء و مقالات

الأردن: مفتاح «اللغز الإسرائيلي» في عرض مهم للإخوان المسلمين

عمان – «القدس العربي» : “يستهدفون الأقصى ولا أستبعد إقدامهم على أي حماقات تجاه الأردن”. تلك كانت العبارة التي تقول ضمناً الكثير وتفسر ذلك الخطاب الذي يتبناه المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين الجديد الشيخ مراد العضايلة، ضمن المقاربة التي يقترحها في سيناريو الشراكة مع المجتمع والدولة للتصدي لما سماه يوماً عبر “القدس العربي” رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري، بانتقال اليمين الإسرائيلي “من الطموحات إلى الأطماع”.
ضمناً في مقاربته الجديدة التي ذكرها عبر لقاء متلفز ومصور في منبر البوصلة الذي يمثل الاتجاه الإسلامي عموماً، يشرح العضايلة مجدداً ما الذي دفعه لترديد عبارة أخرى شهيرة له في مدينة إربد شمالي البلاد الشهر الماضي عندما قال “اليد التي تمتد إلى الأردن سنقطعها”.
ضمناً أيضاً، وبرغم وجود اختلافات وخلافات مع الدولة وما يمكن اشتمامه من رائحة الأسطر والكلمات، هو أن الشيخ العضايلة في المستوى الأعمق وعشية انتخابات أيلول المقبل يقول للدولة وأجهزة القرار “لسنا الخصوم”، لا بل يقول أكثر من ذلك عن بعد وبين الأحرف والأسطر بعنوان “لنا دور في المجتمع والدولة لا يتعاكس مع الأهداف الأبعد”. تلك مقاربة تثبت النظرية التي كان قد اقترحها كزاوية صالحة لإعادة القراءة والتعمق والتدوير الخبير الدكتور أنور الخفش، عندما لفت عبر “القدس العربي” نظر دوائر صناعة القرار في البلاد إلى ضرورة إدراك الوقائع على الأرض.
الوقائع التي يقترحها الخفش مع أنه في الأيديولوجيا والموقف السياسي بعيد تماماً عن الإسلاميين، هي تلك التي تقول إن الكتلة الأضخم في المجتمع الأردني في معركة إسرائيل ضد المقاومة وأهل غزة “مع المقاومة” بوضوح.
ويزيد بأن النواة الأهم داخل تلك الكتلة الاجتماعية العريقة هي جماعة الإخوان المسلمين والحركة الإسلامية.

أطماع اليمين الإسرائيلي

يريد العضايلة، وهو ما فهمته “القدس العربي” من مقربين جداً له، القول إن منهجية الشكل السياسي والتذكير والإصرار على أطماع اليمين الإسرائيلي بالمملكة هي ورقة في حضن الدولة الأردنية ويمكن استثمارها واستغلالها.
لذا، ما يقترحه القائد الجديد لأوركسترا “الإخوان” عشية الانتخابات الاحتفاظ بالاختلافات والخلافات والبحث عن مساحة لتأجيلها من أجل ما هو متفق عليه بعنوان أمن واستقرار الأردن.
لذلك، تنقل البوصلة عن العضايلة قوله إنه لا يستبعد إقدام المشروع الصهيوني على حماقات ضد الأردن، كما يعتبر أن المسجد الأقصى هو اليوم في عين الاستهداف، قاصداً لفت النظر للوصاية، ومعتبراً أن الحركة الإسلامية في المرحلة اللاحقة لا بد لها أن تكون ضمن التحديث السياسي.
عملياً، يرد الشيخ العضايلة ضمناً على رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي عندما يقول إن حركته لا تحاول الاستئثار بالمجتمع ولا بالشارع.
ما الذي يعنيه كل هذا النشاط لمن يتولى موقع المراقب العام للإخوان المسلمين بعد سنوات في الماضي القريب لم يكن فيه صاحب هذا الموقع لا مشتبكاً ولا محاوراً ولا محاضراً؟
سؤال برسم تنظيم الجماعة وليس الحكومة الأردنية، من زاوية الإجابة عليه. لكن ما يمكن فهمه بالسياق أن المراقب العام النشط الجديد للإخوان المسلمين يحاور ويناور وهو في كل الزوايا الوطنية، لا بل يعرض – وإن كان بلغة غير مباشرة- صفقة يقول فيها إن أمن واستقرار الأردن مساحة مشتركة مع الدولة ومؤسساتها وأجهزتها، وإن الإسلاميين في صدارة من يمكنهم التحرك، لا بل تقديم التضحيات إن لزم الأمر عندما يتعلق المشهد بأمن واستقرار الدولة، بمعنى أمن واستقرار النظام والدولة والمجتمع. فهل تقبل مؤسسات القرار مثل هذا العرض والخطاب من الشيخ العضايلة أم ستعتبره مجرد ميل للتذاكي السياسي المرحلي؟ الإجابة عن هذا السؤال منوطة بالحكومة في الواقع، وليس بالإسلاميين.
لكن ما يمكن الإشارة إليه هو أن خطة العضايلة ورفيقه الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي حالياً المهندس وائل السقا، في توجيه رسائل الاشتباك والحضور الإيجابي، بدأت أصلاً مبكراً منذ عدة أشهر بعد زيارة منزلية قام بها الرجلان -العضايلة والسقا- للرئيس طاهر المصري تحديداً، وتخللها حديث مباشر عن الرغبة في إظهار مساحات مشتركة والتحاور، لا بل توجيه رسائل يفهم منها عدم التعاكس ما بين “المعارضة والولاء”، وهي مسألة طالما كان يطالب بها الإخوان المسلمون وبجرأة وجرعة صريحة تحسب له ولرئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز.
ببساطة، في كيمياء التفاعل طالب رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي، علناً قبل يومين، التيارات الحزبية بأن لا تستخدم القضايا الخارجية في لعبة التأثير والنفوذ في الداخل عشية الانتخابات. جاء الرد عبر بوصلة الشيخ العضايلة عندما قال إن الحركة الإسلامية ليس لديها نية المغالبة في الانتخابات وتحب أن تكون جزءاً من التحديث السياسي ولا تسعى للاستئثار في الشارع والمجتمع. والرد هنا واضح وقواعد اللعبة جديدة.

«الوطن البديل»؟!

وما يحاول تسجيله العضايلة على الأقل هو أن القيادة الحالية لجماعة الإخوان ترفع يدها للمصافحة وشريكة للنظام والدولة، لا بل يمكن القول في البحث عن صفقة وتفاهمات أساسها مصالح الوطن والدولة والاحتفاظ بورقة المعارضة من أجل مواجهة اليمين الإسرائيلي حصراً وحماقاته التي لم تعد مجرد فرضيات.
لا يختلف ما يقوله العضايلة هنا عما يقوله وزير البلاط الأسبق الدكتور مروان المعشر علناً بخصوص تيار يميني حاكم في إسرائيل يريد حسم الصراع ويدفع في اتجاه الوطن البديل في الأردن.
التبادل هنا مثير للغاية، وما يقترحه الإسلاميون ضمناً أيضاً، أن شخصيات مثل المعشر والرفاعي يمكن أن تحذر، بينما كتلة الإخوان المسلمين وحضورها في المجتمع ليس خطراً على الدولة أو النظام بقدر ما هي قدرة يمكن ترسيخها ضمن سياق “سنقطع اليد التي ستمتد إلى أمن واستقرار الأردن”.
يعلم العضايلة طبعاً في المقابل، أن مثل هذا الخطاب قد لا يشتريه كثيرون داخل أروقة القرار الرسمي، لكنه يعرضه بكل حال، وقد يشاغب عليه آخرون من خصوم الحركة.
لكن الواجب وتداعيات معركة طوفان غزة يوجبان على أي حكومة جادة في تشخيص المخاطر تأمل العرض الذي يتقدم به الإخوان المسلمون على أساس أن طريق التفاهم والمساحات المشتركة أقل كلفة بكثير من درب التأزيم والصدام. فهل يلتقط الطرف الآخر الرسالة في توقيت حساس؟ الإجابة قد تتوفر خلال أسابيع أو أيام فقط، والنطاق الانتخابي العملياتي مسارها الأدق.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading