الأردن: ملف «اللجان التشريعية» بعد إعادة «التفاوض» … هل نجح الإسلاميون في «إعادة البرمجة»؟

عمان- «القدس العربي»: تسبب الإسلاميون في البرلمان الأردني بعد جلسة متوترة، أمس الأول، في إعادة برمجة الحسابات السياسية المتقاطعة التي تخص أزمة السلطة الرسمية، تشريعياً ورقابياً، مع التيار الإسلامي.
ومع الإعلان، ظهر الأربعاء، عن «التفاوض مجددا» بشأن تقاسم مقاعد لجان الرقابة والتشريع وحسم الخلافات، لم يتضح بعد ما إذا كان الإسلاميون قد تمكنوا خلف الكواليس من الحصول على «رئاسة أي من اللجان» المهمة في جزئية ستظهر لاحقاً.
وخلال الساعات القليلة الماضية، ظهر بأن سعي الإسلاميين لما وصفه النائب الوسطي الدكتور عبد الناصر الخصاونة، بإعادة التفاوض على ما سبق أن وافقوا عليه بخصوص تقاسم أو التوافق على تشكيل اللجان البرلمانية، فيه قدر غير محمود من التصعيد غير المبرر.
خطوة الإسلاميين بعرقلة التوافق على اللجان ومنع أول جلسة للبرلمان من الانعقاد -برأي الخصاونة، وكما سمعت «القدس العربي»- كانت تصعيدية وغير مبررة.
الخصاونة أحد الذين يميلون إلى تحذير الزملاء في الحركة الإسلامية بأن القفز على توافقات الكتل التي كانوا جزءاً منها، عملياً، لا يعبر عن حكمة سياسية، حتى وإن كان الهدف تحصيل بعض المكاسب السياسية، ويؤشر إلى حالة استفزاز غير مبررة، خصوصاً -وفقا للخصاونة- أن كتلة جبهة العمل الإسلامي كانت مع بين بقية الكتل عندما تقرر التشاور والتوافق على تشكيل لجان بآلية رقمية محددة، فكرتها مقعدان لكل كتلة في جميع لجان المجلس، وعددها ما بين 17 إلى 20 لجنة، الأمر الذي يعني -وفقاً لأحزاب الوسط وكتلها- أن جميع المكونات السياسية الحزبية في مجلس النواب بما في ذلك المستقلون، ممثلة في تلك اللجان.
كان للإسلاميين رأي مختلف في حسبة المقعدين لكل لجنة، متأثرين فيما يبدو بحملة صحافية عادت للتحريض على حل حزبهم.
وبدت رغبتهم واضحة في إعاقة التوافق بين كتل البرلمان الأساسية التي تمثل ما لا يقل عن 90% من أعضاء مجلس النواب بهدف إعادة التفاوض على أمل التمكن من تحصيل رئاسة بعض اللجان، خصوصاً المهمة، ضمن آليات التوافق.
وفي الوقت الذي ركز فيه الوسطيون ومعهم أعضاء في المكتب الدائم، على التوافق حصراً على عضوية اللجان وليس على مواقع رئاسة تلك اللجان، يصر الإسلاميون على أن تقاسمات وتوافقات الأحزاب الوسطية تخطط لإقصائهم عن رئاسة بعض اللجان، وأن حجمهم يخصص لهم حصة في رئاسة ثلاث لجان على الأقل كما هي حصص بقية الكتل الحزبية، وهو الرأي الذي رُصد النائب الإسلامي ينال فريحات، وهو يناقشه في الإطار وفقاً لأصول ونصوص النظام الداخلي. عملياً، فخخ الإسلاميون التوافقات الأولى في أول جلسة برلمانية بالدورة الجديدة عندما أصر النائب الإسلامي الشيخ أحمد القطاونة على ترشيح نفسه لعضوية اللجنة القانونية، وشوهد زميله عارف سعايدة، المرشح بدوره لرئاسة اللجان القانونية، يهاجمه ويتهمه.
بعد ارتباك وشد وجذب، تم رفع جلسة الثلاثاء إلى إشعار آخر، ولم ينجز ملف تشكيل اللجان.
لكن المفاوضات انتقلت للكواليس، وتمكن المجلس صباح الأربعاء من إعلان صيغة توافقية بين جميع الكتل.
لم يعلق الإسلاميون على تفصيلات التفاوض، وأغلب التقدير أنهم بصدد تمرير التوافقات بدون شغب، خصوصاً أنهم يلوحون بالترشح وإجبار المجلس على إجراء انتخابات داخلية بدلاً من عبور التوافقات التقاسمية.
رئاسة المجلس قبل ذلك، أشركت الإسلاميين بواقع مقعدين في كل لجنة، فيما تتشكل كل لجنة من 11 نائباً.
وتطمح الأحزاب الوسطية في المقابل، برئاسة تلك اللجان في الوقت الذي يعتقد فيه على نطاق واسع بأن المناخ الرسمي والسياسي والوطني العام لا يسمح بمجازفة تشريعية بعنوان تسليم أي من الإسلاميين رئاسة اللجنة؛ بسبب حساسية وأهمية موقع رئيس اللجنة في مواجهة السلطة التنفيذية وسلسلة من التشريعات المهمة جداً في المرحلة البرلمانية الحالية، أهمها مشروع قانون الميزانية الذي أحيل إلى اللجنة المالية، ومشروع قانون الحكم المحلي الذي سيحال إلى اللجنة الإدارية. وخلافاً إلى تشريعات متنوعة لها علاقة بالضرائب والجمارك، يفترض أن تحال إلى اللجنة الاقتصادية أو حتى اللجنة القانونية المختصة بالتشريع.
مجدداً، الزحام بين رموز كتل الوسط على رئاسة اللجان، ملحوظ ومرصود، والإسلاميون أعاقوا التوافق بشكله الأول على أمل المزاحمة أيضاً على حصة من رئاسة اللجان، وأربكت خطة القطاونة جميع الأطراف، وتم الإعلان عن جولة مفاوضات إضافية بهدف تكريس التوافق وسط تناقضات وتأويلات متعاكسة، فيما يمكن أن تقود إليه جولة التفاوض الثانية برعاية المكتب الدائم.
أما غير المعروف بعد، فهو إمكانية تدبير حالة في وضع اللجان يترأس فيها الإسلاميون أياً من مواقع رئاسة تلك اللجان بعدما تم توزيع أعضاء كتلتهم أفقياً على جميع اللجان، حيث لم تظهر بعد تفصيلات عملية التفاوض، فيما كان جذر المسألة في الأزمة مع الإسلاميين هو إعاقتهم للمسار التشريعي في الماضي عدة مرات و»تسييس» القوانين وعدم تقدير احتياجات الحكومة التشريعية.
الأهم أن الاضطراب لا يزال سيد الموقف في تفاعلات جلسات النواب بين الإسلاميين وبقية الكتل الوسطية، والطرفان يتأثران بما ينشر أو يقال أو يتم تسريبه خارج القبة.
