Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اراء و مقالات

الأردن: «هندسة ما» في الطريق للمشهد المحلي… والأهم سؤال «الضفة الغربية بعد غزة»؟

عمان ـ «القدس العربي»: قد تكون الفرصة مواتية لإعادة ترسيم المشهد السياسي الداخلي في الأردن على أسس قد تكون مختلفة وأكثر عمقاً هذه المرة، خصوصاً أن البلاد على أعتاب حسم ملفات داخلية أساسية، قد يكون من بينها وأبرزها شكل العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في الدورة البرلمانية العادية الوشيكة، التي يمكن القول إنها في غاية الأهمية والحساسية.
دورة البرلمان المقبلة يتم مسبقاً تحميلها أكثر مما يلزم في العادة بسبب ظروف خارجة عن التفاصيل المحلية، أهم عناصرها الانطباع الرسمي الصامت القائل بأن المواجهة مع حكومة اليمين الإسرائيلي لا تزال مفتوحة وحمالة أوجه بالرغم من اجواء الترحيب بما يسمى «خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب» بشأن قطاع غزة.
أحد أسباب تأخير انعقاد دورة البرلمان قليلاً قد يكون الوقوف على محطة انتظار المعطيات؛ لأن عملية وقف الحرب على غزة في التقدير المؤسساتي العميق ستكون سريعة، فيما الغامض هو ما بعد إنجاز المطلوب في تلك العملية، والمقصود وقف الحرب.

الاحتمالات واسعة

بإجماع المراقبين، لا يزال الحصار الجيوسياسي الإسرائيلي على الأردن في حالة نشطة، خصوصاً عبر ابتكار مشكلات وافتعال إرباكات على الجسور والمعابر وفي محيط الحدود المشتركة مع سوريا، كما يصر المحلل العسكري البارز الجنرال قاصد محمود.
ومروحة الاحتمالات واسعة، وعنوان المعركة الحالية خلف الستائر مع يمين إسرائيل، أردنياً، ليس ما سيحصل في غزة، بل ما سيلحق في الضفة الغربية، حيث مواجهة يومية على الجسور والمعابر مع أجندة اليمين الإسرائيلي في إعاقة حركة الركاب والمسافرين ونقل البضائع ومنع استئناف قوافل الإغاثة لغزة، وترتيبات إسرائيلية تجعل «تقويض السلطة الفلسطينية» والتأزيم مع الأردن أداة مباشرة لصمود الائتلاف الإسرائيلي اليميني الحاكم.
مربط الفرس في النقاش الأردني الداخلي العميق اختصرته الأصوات التي ظهرت على هامش ندوة مؤثرة عقدها حزب جبهة العمل الإسلامي السبت الماضي، وتحدث فيها نخبة من كبار المحللين، فيما العنوان الأبرز لأطروحات الندوة كان ذلك الذي يقول بالحذر الشديد والانتباه؛ لأن الأردن لا يزال وبالرغم من كل الكلام الأمريكي النمطي المنمق، هدفاً لأجندة اليمين الإسرائيلي وخطته.
وهي القناعة التي ساندها الجنرال محمود عندما علق رداً على استفسار لـ «القدس العربي» قائلاً: «فصول الأطماع اليمينية الإسرائيلية لم تغلق بعد».
محمود هنا يضم صوته إلى أصوات متعددة تزاحمت في المربع السياسي الداخلي تحذر من نوايا اليمين الإسرائيلي، والفكرة التي تبناها الدبلوماسي المخضرم الدكتور موسى بريزات هي تلك الداعية إلى التحذير من رفع منسوب التوقع والأمل والرهان على الرئيس الأمريكي وخطته بشأن غزة.
هنا، بدا ما قاله الباحث الأكاديمي الأردني المعروف الدكتور وليد عبد الحي ماثلاً أمام الأعين، فالرئيس الأمريكي الحالي يعتبر الكذب والإخلال بالوعود منهجية تكتيكية لحسم الملفات، لا بل أساليب إدارة تنم عن ذكاء، فيما المؤسسات السيادية الأردنية لا تزال في موقع أبعد من الاطمئنان لنوايا الأمريكيين أو لخطط الإسرائيليين.
تلك عموماً معطيات تبدو واقعية، والأردن في استراتيجية الاشتباك يمشي بين الألغام، وفقاً لتوصيف البرلماني محمد حجوج. لكن عمان تمشي حتى اللحظة بتوازن واحتراف، والأهم في التداعيات المحلية لاحقاً هو القناعة بأن «هندسة» ما ينبغي أن تفرض بصماتها في إطار الحافزية والاستعداد لكل الاحتمالات.
ثمة من يفترض بأن الإشارات التي وردت في هوامش حوار مهم وصريح استضافه القصر الملكي مع رؤساء الحكومات السابقون، هي جزء من فلسفة إعادة ضبط الإعدادات.
مضامين ذلك الحوار المثير أصبحت أساساً لنقاشات وتوقعات عنوانها التوافق المجمع عليه، على أن بداية المشوار الوطني عبر أيسر وأسهل وأسرع الطرق نحو تحصين الجبهة الداخلية في البلاد بصيغة ترفع قيمة مؤشرات الاشتباك العلني مع الائتلاف الحاكم في تل أبيب حالياً.

«هندسة عكسية»

الهندسة العكسية هنا لمفاصل داخلية ومحلية أصبحت جزءاً من استراتيجية أبعد مطلوبة بإلحاح. تلك الاستراتيجية فيما يبدو هي التي أرجأت قليلاً انعقاد دورة البرلمان الدستورية قبل أيام قليلة من نهاية أكتوبر الحالي. وعلى الأرجح تقف احتياجات الهندسة تلك وراء فترة الانتظار الممل والطويل وتقاطع الخيارات التي تحدد هوية اللاعبين الأساسيين في المرحلة المقبلة على مستوى مجلسي الأعيان والنواب، لا بل على مستوى تغييرات قيد النقاش والتكهن في مربع بعض المناصب العليا.
في الأثناء، ضبط الإعدادات المحلية قد يكون السبب الكامن وراء المراوحة المرتبطة بالأزمة مع الحركة الإسلامية الداخلية المعارضة من جانب التصعيد معها مجدداً، أو تخفيف اللهجة بحثاً عن تسوية ملائمة لكل الأطراف في جزئية من الطبيعي القول إنها قد لا تحسم قطعياً إلا بعد استقرار الأوضاع في غزة، ولاحقاً في المنطقة والإقليم؛ لأن عناصر التأثير الإقليمية أصبحت الجزء الفاعل في ترسيم الأولويات الداخلية.
الموقف النهائي من الإسلاميين مسألة ملحة في توقيت مرحلة الهندسة وبعدها السياسي. لذلك، صدرت إشارات مرجعية تقول بعدم وجود مشكلة مع حزب جبهة العمل الإسلامي، بل مع جمعية الإخوان التي تم حلها ودخلت الإجراءات ضدها في حيز السلطة القضائية وستبقى في إطار القانون.
كيفية التعاطي مع ملف الأمن القومي والضغط الجيوسياسي الإسرائيلي اليميني هي من المحطات الأساسية التي تؤخذ أيضاً بالاعتبار، وقد يكون لها أثر في صعود بعض الأسماء أو هبوطها في طاقم الإدارة العليا.
أما الجزء الذي يصمت عنه الجميع لكنه يناقش خلف الستائر فهو ذلك المتعلق بتأثيرات الانتخابات الأمريكية النصفية وانعكاساتها، وهو جزء يجيب على نحو أو آخر عن سؤال يتردد محلياً بعنوان «هل نبدأ التفكير بانتخابات مبكرة؟».
المعطيات في حال التزاحم الإقليمي ثم الفلسطيني ثم الإسرائيلي… عناصر تأثير لا يستهان بها حتى في الملفات المحلية الداخلية.

 

اظهر المزيد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading