اراء و مقالات

الأردن وسوريا: تهريب المخدرات «صامد»… لا جديد في «قانون قيصر» والاعتبار الأمني يقلل الكلف السياسية

مراوحة بين الشروط الأمنية الحذرة والانفتاح التجاري والاقتصادي

عمان ـ «القدس العربي»: المراوحة الأردنية ما بين الاعتبارات الأمنية الحذرة التي تتطلبها عملية مراقبة الحدود مع سوريا في ظل الثورة، وما بين الانفتاح بمعناه التجاري والاقتصادي أملاً في تحصيل حصة في مشاريع إعادة تأهيل وإعمار سوريا تبدو مهمة صعبة لا بل معقدة للغاية.
تلك المهمة أصعب مع إعلان السلطات الأردنية بعد ظهر الأربعاء عن التصدي لعصابة تهريب مخدرات على الواجهة الشمالية مجدداً حاولت فيما يبدو تهريب كميات إضافية من المخدرات عبر استخدام آليات هذه المرة وليس طائرات مسيرة على خاصرة حدود البادية الشمالية. الأردن في الاعتبار الأمني متقدم ويتعامل بحذر ويمارس أقصى طاقات الانفتاح السياسي والدبلوماسي مع العمليات الجديدة بإدارتها في القطر السوري الجار.
لكن الشروط الأمنية، ومع صمود محاولات تهريب المخدرات، تتطلب حذراً شديداً، خصوصاً فيما يتعلق بتشغيل المعابر الأردنية مع سوريا، حيث انتقال وسفر الأفراد وكذلك الشاحنات خلافاً لأن وجود بعض رموز التيار السلفي الجهادي الأردني في وزارة الدفاع السورية الجديدة مسألة قيد البحث والنقاش في الداخل الأردني وفي بعض مستويات السيادة العميقة.
واضح تماماً حجم ارتباك وزير الصناعة والتجارة، يعرب القضاة، وهو يحاول صياغة معادلة لا تحدث مساساً بالأمن الحدودي ولا تنعكس سلباً على الأمن الوطني الأردني، وبذات الوقت فيها قدر معقول من الحرص على التواجد في الإطار اللوجستي والعملياتي، سواء التبادل التجاري مع سوريا في العهد الجديد أو في تسيير حركة قطاع النقل والترانزيت والتجارة البينية.

المراوحة بين خيارين

المؤشرات تفيد بأن أسواق الخليج ترسل الآن المساعدات والبضائع والمنتجات في إطار عملية تصدير لسوريا عبر الأردن وإلى لبنان، وهذه الشاحنات تم تسهيل مهمتها، فيما ما زالت بعض القيود مفروضة على عناصر التبادل التجاري والتصدير من الداخل السوري، حيث الاعتبارات أمنية بالمقام الأول خوفاً من تهريب المخدرات.
وحيث مؤشرات حيوية تقول بأن الجانب الأردني يصر على تفريغ الشاحنات للصادرات السورية بشاحنات أخرى عند نقاط التماس الحدودي ما دام جهاز الجمارك السوري غير عامل بعد.

مراوحة بين الشروط الأمنية الحذرة والانفتاح التجاري والاقتصادي

المراوحة بين خيارين لا تبدو متاحة وسهلة المنال دوماً وفيها الكثير من الاعتبارات والتحديات، خصوصاً وأن رموز القطاع الخاص الأردني يعملون باجتهاد للتواجد مبكراً في السوق السورية الجديدة، حيث التنافس الشديد مع الجانب التركي الذي يفتح معابر باب الهوى الحدودية من دون قيد أو شرط.
يتم الآن إغراق المدن السورية الشمالية بالبضائع والمنتجات التركية، وما تقوله الأوساط التركية هو أن أغلب عمليات إعادة الإعمار والتأهيل للمطارات والموانئ والقطاعات والمرافق الاقتصادية والتجارية السورية من المرجح أن تتولاها شركات تركية.
لا توجد أي إشكالية بعد في توفير المال بسبب دخول الاعتراض القوي على دمشق لمنظومة «الخليجي».
في كل حال ينصح القطاع الخاص السوري شقيقه الأردني بالصبر والتريث على اعتبار أن الأمور في الداخل السوري لم تستقر بعد، فالبنك المركزي بلا أي احتياط نقدي، ووضعه صفري وصعب ومعقد.
وكبار تجار دمشق وريفها يفضلون التريث بسبب عدم وجود نظام مصرفي، والأمريكيون لم يحددوا للدول الشريكة بعد ما هي خطوطهم التالية بخصوص قانون قيصر الذي يؤكد الخبير الأردني البارز الدكتور جواد العناني لـ«القدس العربي» أن الخسائر التي تسبب بها للأردن تزيد عن خمسة مليارات من الدولارات.
أما التبادل التجاري مع السوريين فلا يزال مرتبطاً بعدم وجود أي صيغة لتعديل تعليمات قانون قيصر الأمريكي التنفيذية وعدم وجود نظام مصرفي يضغط على جميع الأطراف.
وفي الوقت الذي دفع فيه بعض رموز القطاع الخاص السوري رفاقهم في الأردن للتريث والصبر إلى أن تستقر الأمور، بدا واضحاً أن كلفة الانتظار كثيراً قد تكون مرتفعة في كل الأحوال لأن من يتأخر على التواجد في الأسواق، برأي بعض الخبراء، قد لا يلحق بتحصيل مصالحه.

دور فاعل

وقد لا يحتفظ بدور فاعل في السياقات الاقتصادية والتجارية التنشيطية خصوصاً وأن قدرة المنتجات الأردنية على منافسة التركية تبدو ضيقة ومحدودة في كل حال.
يطور الأردن معادلة خاصة في التعاطي مع الملف السوري، فالمخدرات لا تزال تحاول الاختراق بالرغم من حصول الثورة السورية، ووزير الخارجية أيمن الصفدي أبلغ القائد أحمد الشرع عندما قابله في دمشق بأن بلاده مهتمة جداً بوقف عملية تصدير المخدرات للأردن.
والشرع أجاب بأن الهيئة التي تحكم الأمور الآن مهتمة أيضاً بتحقيق مثل هذا الهدف وقد وجهت ضربات قوية لمخازن حبوب الكبتاغون التي كانت ترعاها مؤسسات في جيش النظام السوري السابق.
التنفيذ يبدو مشكلة، فتهريب المخدرات متواصل، وقوات حرس الحدود الأردنية لا تزال تشتبك طبعاً بوتيرة أقل، والتيار الإسلامي والشعبي الأردني يضغط في اتجاه الانفتاح على الثورة السورية، وفصائل الحكم السوري الجديد تبدو غامضة من حيث نظرتها للأردن. والاعتبارات الأمنية لا يمكن إغفالها، وبالتالي باتت مشكلة الانفتاح على سوريا مرتهنة بخطاب الكلف والفواتير.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading