الأردن وقطر في طريقهما لـ«تفاهمات» تفكك جدار دول الحصار
«نحر جمال» ومدفعية ويافطات باستقبال الأمير تميم
حسنا نحر الأردنيون جمالا على طريق موكب أمير قطر الشيخ تميم بن حمد، وهو يعبر مناطق قبائل وعشائر أردنية، منطلقا بموكبه من مطار في عمان بعد استقبال رسمي وشعبي حافل.
تلك أيضا وبكل المعايير «رسالة شعبية» أردنية بامتياز موجهة لعدة جهات بما فيها، برأي مراقبين، الحكومة الاردنية التي تتباطأ في إطلاق العلاقات مع الدوحة على النحو المناسب للشارع الأردني.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد أطلق مواطن أردني اسم «تميم» على مولوده الذي أنعم الله عليه به صبيحة يوم الزيارة، بمناسبة استقبال ضيف الملك عبد الله الثاني الشخصي.
الأهم أن مظاهر الترحيب الشعبي «تسابقت» مع «الرسمي» في إظهار الاهتمام بصورة غير مسبوقة بزيارة الأمير تميم، الذي قرر المبيت ليلة في عمان بعد تعديل برنامج الزيارة لإظهار الحرص الشديد على إطلاق مرحلة جديدة من العلاقات مع الأردن.
بالمقابل أطلقت المدفعية التابعة للجيش العربي الأردني 21 طلقة تحية للضيف القطري، وهو تقليد حظي به في السابق فقط الملك سلمان بن عبد العزيز وكبار ضيوف المملكة من الزعماء، وكاد أن يختفي أخيرا من بروتوكولات الاستقبال.
عمليا قال الشارع الأردني بعدة لغات ولهجات كلمته في الجانب الظاهري من الترحيب الحار بالضيف. وظهرت أعلام دولة قطر في أكثر من موقع.
ورفعت يافطات ترحب بالشيخ تميم الذي سبق له أن قرر توفير 10 آلاف وظيفة لمواطنين أردنيين تم تعيين نحو 50 ٪ منهم فعلا، كما كشف أحد المصادر الرسمية في عمان.
على الجانب الرسمي حرص ملك الأردن شخصيا على أن يكون على رأس مستقبلي الزعيم القطري، وسيحرص على وداعه بالصيغة الملكية والعسكرية أيضا، في بروتوكول خاص انحسر ايضا في السنوات الأخيرة، لكن القيادة الاردنية قررته لاستقبال أمير قطر تكريما وتقديرا لزيارته.
وفي الجانب الرسمي من المباحثات استقبل الملك الأردني ضيفه القطري في قصر الحسينية غرب العاصمة عمان، حيث مقر العمل الرسمي للملك واستقبال كبار الضيوف، وليس في القصور البروتوكولية المعتادة.
وبدا لافتا للنظر أن البيانات الإخبارية الرسمية التي صدرت مساء الأحد عن الزيارة والمباحثات اقتصرت على عبارات كلاسيكية مقتضبة تتحدث عن زعيمين بحثا التطورات في المنطقة وسبل تعزيز العمل العربي المشترك والعلاقات الثنائية.
ويؤشر هذا الاتجاه في بث أخبار رسمية على أن عمان تريد الاحتفاظ بـ«الدسم السياسي» الخاص بلقاء القمة الأردني القطري على مستوى الزعيمين، وبسبب حساسية الملفات التي يمكن بحثها لكنها تغادر الحذر في التواصل مع قطر.
ولم تصدر أي إشارة على أن عمان والدوحة تتجهان نحو بحث معمق عن موقف موحد إزاء «صفقة القرن» الأمريكية، لكن مظاهر الانفتاح القطري على دعم الأردن استثماريا بصورة خاصة، مؤشر حيوي على ترتيبات إقليمية أهم لاحقا وعلى عملية تنسيق ينبغي ان تعوض فارق التنسيق خلال السنوات الثلاث الماضية، خصوصا وأن الزيارة تنهي تماما وبدون تشاور مع أطراف أخرى، أي مشاركة اردنية من أي نوع في الحصار على دولة قطر.
البحث في جوانب الدعم الاستثماري يمثل الجزء الأساسي برأي مصادر مطلعة جدا على الحيثيات، حيث تقديرات بأن تدعم قطر وصناديقها استثماراتها الحالية وبصورة قد تصل لملياري دولار على الأقل.
في الجانب السياسي الأعمق من الواضح أن استعادة العلاقات بين عمان والدوحة مؤشر حيوي على «تآكل» جدار الحصار السعودي الإماراتي المصري على دولة قطر، وعدم وجود اي وظيفة منتجة له خصوصا بالفهم الأردني للتطورات الحادة في المنطقة.
وفي السياق نفسه يمكن اعتبار الاستقبال الأردني الحار أيضا رسالة مودة ترد على «تحية قطرية» مميزة بعيدا عن حسابات «الحصار» ومنظومته المتهالكة، وضمن سياقات «التنويع السياسي» التي تقصدها عمان بهدوء وحذر هذه الأيام.