Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اراء و مقالات

الأردن ومؤشرات «قلق بيروقراطي»: هل تندفع حسابات فيروس «الجيل زد» في المطبخ؟

عمان ـ «القدس العربي»: لا مبرر إطلاقاً للعزف مجدداً على أوتار «الهلع البيروقراطي» في المشهد الأردني، وعلى أساس معادلة «جيل زد» وما فعله في المملكة المغربية الشقيقة، أو على أساس احتمالات عبور ما حصل بالمغرب إلى دول الجوار زحفاً نحو الشرق مجدداً.
لا أساس للمقارنة ولا المقاربة هنا.
والأكثر إنتاجية هو اتخاذ كل الاحتياطات والإجراءات الحكومية التي تؤدي إلى تحصين الجبهة الداخلية حتى لا يعبر الفايروس المقلق بعنوان اضطرابات شبابية هذه المرة، ربما تكون صاخبة وتتغذى في كل الأحوال على أصناف الإحباطات التي تتراكم وسط الأردنيين ابتداء من الوضع المعيشي والاقتصادي الصعب، وانتهاء بتحديات البطالة والفقر، مروراً بطبيعة الحال في حزمة الأسئلة الشعبية الحائرة التي أنتجتها في عمق المجتمع الأردني تداعيات معركة طوفان الأقصى حمالة الأوجه والاحتمالات.
مجدداً، لا مبرر للقلق البيروقراطي ليس فقط لأن الظروف والاعتبارات تختلف، ولكن لأن مشكلات الهوية الفرعية في الأردن جدلية وقديمة ومستقرة، ومن الصعب تحويلها إلى برنامج تغذية في إطار خطاب سياسي أو حراك شعبي عارم. طبعاً، قطاع الشباب في الأردن يعاني من بعض التيه والضياع.
وطبعاً، موجبات وأسباب التحريك الشعبي، خصوصاً الاقتصادية، قائمة وموجودة لكنها من الصنف القابل للاحتواء مبكراً جداً بسلسلة قرارات جريئة ومطلوبة طوال الوقت، ويمكن أن تبدأها الحكومة بشجاعة وإن كانت مرتبطة، قولاً وفعلاً في المقام الأول، بأزمة الأدوات وتصرفات الحكومات التي تتعاقب بعيداً عن إيقاع نبض الشارع.
العودة للداخل الأردني محطة استحقاق مهمة. ولدى الأردنيين تساؤلات وملاحظات لكنها من الصنف القائم على احترام الشرعية والمنجز والرغبة في الإصلاح بعيداً عن الفوضى، بدلالة أن الشارع أظهر حكمة وصبراً في كثير من التفاصيل أكثر من نخب الحكومة والسياسة وطبقات المسؤولين. على أي حال، المقارنة والمقاربة تعبير عن خطأ بصري. وما لاحظه الجميع مؤخراً أن القلق المبالغ فيه وغير المبرر أحياناً من عبور «فايروس الجيل زد» على الطريقة المغاربية ربما يكون الوسيلة التي تسعى إلى تضخميها قوى الأمر الواقع؛ لتبرير المزيد من التعسف وحجب الحريات والتشدد في تطبيق القوانين الناظمة للرأي والتعبير.

مشاجرة ضخمة

اشتم الخبراء حديثاً رائحة القلق البيروقراطي غير المبرر، وحصراً من الشيفرة التي تكفل ما يسميه الإعلام الدولي بـ «الجيل زد» في الترتيبات التي حاولت احتواء ثم قراءة أحداث ما يسمى بمشاجرة ضخمة جماعية في الجامعة الأردنية، أبرز جامعات البلاد.
يمكن اشتمام رائحة المبالغة البيروقراطية من خلال الاندفاع في تطبيق قواعد حظر النشر على عدة قضايا محلية بسيطة، كان آخرها مشاجرة طلابية يحصل مثلها على مدار العام وفي كل الجامعات.
المشاجرات المناطقية وأحياناً عشائرية الطابع، تجري من سنين طويلة بين الأردنيين في الجامعات والملاعب والأحياء والقرى والمخيمات، ولا يوجد -برأي الناشط الحقوقي عاصم العمري- أي مبرر لتكريس سياسة التخويف من حريات الأردنيين، ولا يوجد في السجل ما يؤشر إلى أن مشاحنات الطلاب أكثر من مجرد مشاجرات تتيح القوانين والصلاحيات التعاطي معها بيسر ونعومة دون المبالغة والتضخيم لا في طبيعة مثل تلك المشاجرات التي تحصل لأتفه الأسباب في أي مكان، ولا من باب المبالغة في العقوبات الصارمة.
لذلك، يمكن القول إن المشي بيروقراطياً على حبال اضطرابات ما حصل في دول عربية شقيقة بتوقيع «الجيل زد» هو حرفة يجيدها خصوم الديمقراطية والإصلاح وأصحاب الرؤية الضيقة والمصالح الأضيق؛ فقط لإعاقة اتجاهات التحديث التي حظيت بالتوافق مؤخراً، ما يعيد النقاشات إلى مربع قديم عنوانه تجنب التضخيم في المشكلات الاجتماعية المحتقنة لتجنب الميل البيروقراطي للسيطرة والتحكم، مع أن الدولة منشغلة حقاً بسلسلة من التحديات التي يفرضها الواقع الجيوسياسي على الأردنيين جميعاً بمستوى الأفراد والمجتمعات والمؤسسات.
الارتباك الذي ظهر في الأداء الحكومي على خلفية مشاجرة ما حصلت في إحدى الجامعات جراء ما سماه الكاتب البارز أحمد سلامة بـ «اندفاعات تكنوقراطية لحكومات غير مسيسة» هو عنصر يمكن تلمسه، فيما بعض الترتيبات المبالغ فيها والعقوبات الصارمة تعيد إنتاج نقاشات القسوة والتعسف.
ذلك يحصل بدون مبرر عملياً، لكن الرائحة التي يشتمها الخبراء هي تلك التي تفترض أن حسابات «الجيل زد» دخلت وباندفاع في معادلة الطبخ والطهي الرسمي. وإذا كان التقدير البيروقراطي دقيقاً فعلى الحكومة واجب الاحتياط والتحوط في خطابها وأدائها، تجنباً للمبالغات الاحترازية.

«الجيل زد»

والمطلوب هنا في السياق، تذكير الجميع بأن «الجيل زد» بنسخته الأردنية، إن وجد، فهو مختلف تماماً، حتى وإن برزت لاحقاً محاولات تقليد استعراضية. وعلى الحكومة استذكار أن قطاع الشباب الأردني الذي يطالب بفرص عمل ومحاربة الفساد هو ذاته القطاع الحيوي الذي قيل له مرجعياً في أحد الأيام بمعادلة «الضغط من القمة على القرار الحكومي والبيروقراطي بالتوازي مع الضغط من القاعدة».
ذلك توجيه يعرفه الجميع وتنفرد به الحالة الأردنية ويعزز الأطر القانونية الدستورية السلمية لأي مطلبيات. لذا، يمكنه أن يصلح كقاعدة انطلاق تتحرك فوراً في اتجاه القاعدة الشابة الاجتماعية لمحاورتها والتقارب والتفاهم معها، قبل وصول أي عدوى من الخارج، وقبل ظهور أي مجموعات نشطة تسعى للتقليد. وهذا السلوك الإجرائي المطلوب ينبغي أن يتميز بالدقة والجرأة أيضاً.
وعلى المؤسسات واجب الذهاب مبكراً باسم الحكومة، لمحاورة القواعد الشابة قبل تصور البعض بأن فرض الحوار على الدولة ممكن لاحقاً عبر الشارع، مع التذكير بأن أزمة البطالة ضاغطة، والأزمة مع الحركة الإسلامية استهدفت إقصاء قطاعات نشطة من التيارات الشابة. ومع التذكير أيضاً بأن استقطاب الشباب للتحاور والتقارب مبكراً، أفضل من الاضطرار للبحث عنهم في لعبة الشارع.

 

اظهر المزيد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading