اراء و مقالات

الأردن وملف أحلام التميمي: «أحسن ما نحكي بالموضوع» … هل تبدأ قريباً مرحلة «تجريم» التعاطف مع حماس؟

هل غادرت التميمي بلادها قسراً فعلاً؟ هل طلبت منها السلطات الأردنية المغادرة، أم صدر قرار بيروقراطي بإبعادها؟

عمان- «القدس العربي»: الجدل المثار على مدار ليلتين حول الأسيرة الأردنية المحررة سابقاً من سجون الاحتلال، أحلام التميمي، يصلح كأداة قياس سياسية أو نموذج لاستنتاج ما يمكن أن يحصل لاحقاً مع قائمة طويلة من أبناء حركة حماس الأردنيين والفلسطينيين بسبب لوائح الإرهاب الأمريكية المصنفة.
سبق للإدارة الأمريكية في الماضي أن طالبت الأردن بتسليم أحلام التميمي، وهي صحافية أدينت بالمؤبد من محكمة إسرائيلية، ثم تم تحريرها في صفقة شاليط قبل ترحيلها للأردن ثم صدور قرار محكمة أردنية يمنع تسليمها للولايات المتحدة التي طالبت قضائياً بتسليمها.
بقيت التميمي خلف الأضواء في عمان منذ يوم 7 أكتوبر، لكن تقارير لا تنسب إلى مصدر محدد، ظهرت على مدار يومين في منابر تابعة للمقاومة الفلسطينية تحدثت عن قرار أردني رسمي بإبعاد السيدة التميمي، وهو ما لم تؤكده أو تنفه الحكومة الأردنية رسمياً.
رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي، في جلسة خاصة صباح الإثنين، وضع يده نسبياً على حساسية هذا الملف عندما وجه خطابه لزميله النائب عن كتلة العمل الإسلامي الدكتور أحمد الرقب، بعبارة «أحسن ما نحكي بهذا الموضوع».
الرقب طرح تساؤلاً تحت قبة البرلمان عن تلك التقارير التي أشارت لقرار إبعاد التميمي عن بلادها، خصوصاً أنها تحمل الجنسية الأردنية.
لكن الصفدي ظهر أنه استكشف الموضوع سابقاً، واعتبر هذه التقارير غير دقيقة، وهي صيغة تحاول لفت النظر إلى عدم صحة أنباء إبعاد التميمي، لكنها صيغة في الوقت ذاته قد لا تنفي مطالبتها بالمغادرة؛ أي البحث عن مكان آخر لأغراض تجنب الإحراج.
لفت النظر أن الحكومة لن تصدر بياناً بالحيثيات، والتميمي نفسها لم تعلق على التقارير والأنباء، وحركة حماس تجاهلت المسألة لأسباب مفهومة.
الصيغة التي ناقش فيها جزئياً مجلس النواب مسألة مغادرة التميمي توحي ضمناً سياسياً بأن السلطات الأردنية لديها تصور مسبق عن قوائم بأسماء شخصيات تقول السلطات الفدرالية الأمريكية إنها مطلوبة لها أو لإسرائيل.
يبدو أن هذه القائمة ثمة من يعتقد وسط جهات الاختصاص الأردنية بأن الجانب الأمريكي سيعيد تسليط الضوء عليها.
هل غادرت التميمي بلادها قسراً فعلاً؟ هل طلبت منها السلطات الأردنية المغادرة، أم صدر قرار بيروقراطي بإبعادها؟
هذه أسئلة مطروحة الآن على المستوى الشعبي، والاستمرار في تجاهل الإجابة عليها رسمياً قد يفتح المجال أمام سيناريوهات وتوقعات لاحقاً بخصوص ملف مسكوت عنه عملياً، ويرتبط بما أشار له قبل أسابيع القيادي البارز في حركة حماس ومكتبها السياسي الدكتور موسى أبو مرزوق، عندما تحدث عن العشرات من أبناء حركة حماس الأردنيين، الذين يحق لهم العودة الآمنة قانونياً إلى بلادهم.
السلطات من جانبها تعتقد بوجود قائمتين من أردنيي حركة حماس الموجودين في الخارج وليس داخل فلسطين المحتلة.
الأولى تضم أشخاصاً عاديين وغير مطلوبين لجهات قضائية أو قانونية خارجية، والأخرى تضم مواطنين فلسطينيين ينتمون لحماس ويحملون أيضاً الجنسية الأردنية، والأضواء لا تلاحقهم.
الأهم أن الضوء الذي تسلط فجأة على ملف أحلام التميمي يبدأ مسلسل التكهنات، خصوصاً أن توقعات مراكز القرار المحلية هو مواجهة موجة قريباً في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة رونالد ترامب بعنوان إخراج حركة حماس من المعادلة في غزة والضفة الغربية.
أحد التداعيات المفترضة لهذا التصور تقول إن إدارة الرئيس دونالد ترامب ستهتم في حال الانتقال لإنجاز المرحلة الثانية لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، بتدشين مرحلة مطاردة حركة حماس سياسياً ومالياً وقانونياً خارج فلسطين المحتلة، الأمر الذي يفتح المجال أمام سلسلة من الإشكالات في الساحة الأردنية وفي غيرها، خصوصاً إذا ما قررت إدارة ترامب العمل على محاصرة أو إغلاق مكاتب حركة حماس في الخارج وتجفيف التمويل ومطاردة كوادر الحركة الأساسية على الأقل.
مغادرة أحلام التميمي أو غيرها بهذا المعنى، قد تصبح خطوة وقائية في سياق تجنب الإحراج، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بعناصر وكوادر في الحركة يلاحقها الرادار الأمريكي بكثافة واهتمام منذ سنوات.
لا يوجد نص رسمي أردني معتمد يشرح كيفية التصور أو ماهية الخطوات الوقائية في هذا الملف، لكن الانطباع يتزايد حتى لدى أوساط حقوقية مسيسة بأن حملة أمريكية شرسة قد تبدأ لاحقاً لمضايقة أبناء حركة حماس وحتى المتعاطفين معها، خصوصاً في الدول التي ظهر فيها تأثير ملموس وحاضنة اجتماعية بعد أحداث 7 أكتوبر.
والأردن في هذا السياق، قد يمثل الحاضنة الاجتماعية الأكثر اهتماماً وإثارة للجدل بتأييد المقاومة الفلسطينية.
وبصرف النظر عن تلك المعطيات غير الدقيقة على حد وصف رئيس مجلس النواب الصفدي، فالمرجح جداً أن النقاش حول ملف التميمي جزء أصغر من نقاش عاصف لاحقاً قد يبدأ قريباً إذا ما قررت الإدارة الأمريكية بعد إنهاء الحرب في غزة، ابتزاز الدول وحتى الشعوب المتعاطفة مع حركة حماس، مثل الأردن وتركيا وحتى قطر والجزائر.
قريباً، يحذر الناشط الحقوقي المسيس والبارز عاصم العمري، من تحركات مريبة في إطار تشريعات وإجراءات تعسفية سينشط من أجلها الأمريكيون تحت عنوان تحريم أو تجريم حتى التعاطف مع فصائل المقاومة الفلسطينية.
يقدر العمري -كما فهمت «القدس العربي»- بأن تلك المرحلة قادمة لا محالة، وبعض مؤشراتها تتزاحم لأن الإدارة الأمريكية الجديدة تسعى إلى مقايضة وقف العمل العسكري بإخراج المقاومة الفلسطينية من الواقع الموضوعي والحواضن والدول.
العمري يضم صوته للقائلين بالاستعداد لهذه المرحلة، وعنوانها مجدداً سيكون «حماس تنظيم غير مشروع، وكوادر هذا التنظيم ستتم مضايقتها ومحاصرتها».

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading