Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اراء و مقالات

الأردن: خطاب «التكيف والتعايش» يتوارى… ومخاطر الحدود تتصاعد

سقوط «أوسلو» يسحب معه «وادي عربة»

عمان ـ «القدس العربي»: بدأت صحف رسمية أو شبه رسمية أردنية تنشر مقالات تسأل بالعناوين عن جدوى وإنتاجية بقاء اتفاقية وادي عربة للسلام مع إسرائيل في ظل التطورات والمستجدات.
طرح الكاتب ماهر أبو طير، سؤالاً بمقال من هذا الصنف قبل عدة أيام.
السؤال نفسه لم يكن خياراً بالنسبة للأردنيين الذين تعايشوا لثلاثة عقود كاملة مع عقيدة اسمها «عملية السلام استراتيجية بقاء واستمرار ومستقبل». والثابت الأساسي في الفكر السياسي الرسمي الأردني هو التعايش وإنجاز السلام والدولة الفلسطينية.
الجزء الأول المتعلق بإنتاجية الاتفاقية والتعايش يتجه نحو الحاوية أو الحافة حالياً، مع حافزية غير مسبوقة على المستوى الاجتماعي السياسي لإعلان نهاية حقبة وادي عربة، التي لم يعد ـ حتى برأي السياسي والبرلماني محمد الحجوج ـ يوجد من يحترمها في الكيان.
كل تلك الاعتبارات سقطت تماماً الآن بعدما تعالت في عمان الأصوات السياسية والإعلامية التي تقرع جرس الإنذار في ضوء ما يخطط له الكيان الإسرائيلي اليميني المتطرف، ليس في غزة فقط التي قال علناً في القاهرة وزير الخارجية أيمن الصفدي إن النظام الإسرائيلي دمرها، وليس في الضفة الغربية التي وصف الصفدي ذاته أن إسرائيل تخطط لسرقتها؛ ولكن أيضاً في القدس، والأهم ـ وفقاً لخبير الاستخبارات العسكري المتقاعد الأردني نضال أبو زيد ـ في الأغوار وعلى الحدود.
أبو زيد أحد الذين حذروا مبكراً عبر «القدس العربي» من أن نشاطات الجيش الإسرائيلي على الحدود مع الأغوار مريبة من جهة تكثيف الوجود العسكري، ثم تأسيس ما يسمى فرقة «جلعاد» ولاحقاً حديث نتنياهو الدائم عن بناء جدار عازل مع الأردن خلافاً طبعاً ـ وهذه كانت ملاحظة مسجلة بتوقيع أبو زيد طوال الوقت منذ أشهر صمت الجانب الإسرائيلي ـ عن عصابات تهريب المخدرات التي تحاول استخدام تقنيات غير معهودة، مثل البالونات، في تهريب المخدرات من جنوب فلسطين إلى الداخل الأردني.

مسألة في غاية الحساسية

مسألة الحدود الأردنية في غاية الحساسية، ومسألة ضم الأغوار فيما يبدو تفتح السيناريوهات على مصراعيها، فيما الشهر المقبل وكما سجل الكاتب أبو طير، سيكون شهر تحدي الوصاية الأردنية في المسجد الأقصى وأوقاف القدس، الأمر الذي يعيد إنتاج ليس أزمة صامتة أصبحت متدحرجة ومتحركة، ولكن طبيعة التحدي الوجودي الذي يواجه الأردن، وهو ما عبر عنه نائب رئيس الوزراء الأسبق والبرلماني والخبير الإقتصادي البارز الدكتور محمد الحلايقة، عندما قال علناً إن هدف اليمين الإسرائيلي يتجاوز سيناريو الوطن البديل، فهو يريد الأردن بمعنى الوطن الأصيل، كما شرح حلايقة لاحقاً لـ «القدس العربي».

سقوط «أوسلو» يسحب معه «وادي عربة»

هنا طبعاً تتعالى الأصوات، ومؤخراً لاحظ الجميع أن وزيرين على الأقل في الحكومة، هما الصفدي ووزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني، رفعا من سقف التصعيد في الحديث عن النظام الإسرائيلي الذي يقتل ويدمر ويسرق ويريد الهيمنة ليس فقط على سوريا ولبنان والضفة الغربية وغزة والعراق، ولكن أيضاً على المنطقة برمتها؛ لأن المومني طرح معادلة «الأردن خط من نار» وهي لهجة جديدة تماماً، ومستجدة، يقابلها صمت مطبق لكل أصوات وأقلام دعاة التعايش والتكيف وحتى صمت دعاة «التعاطي الواقعي» وفي المقابل انتعاش الطروحات التي تطرح سؤالاً في غاية البساطة اليوم: ما وظيفة اتفاقية وادي عربة في ظل تصرفات اليمين الإسرائيلي؟
سبق للوزير الصفدي أن وصف تلك الاتفاقية بأنها «ورقة يعلوها الغبار ملقاة في متحف». في السياق، ما يقوله الأردنيون بأن تقويض اتفاقية أوسلو ـ وهي العملية الإسرائيلية التي تجرى حالياً بتسارع ملحوظ ـ يعني بكل بساطة خروج اتفاقية وادي عربة عن السكة.

مصير اتفاقية وادي عربة

المعنى أن اتفاقية وادي عربة لن تعود قادرة على توفير ضمانات الحماية، لا للأردن ولا لمصالحه ولا حدوده، كما كانت وظيفتها طوال ثلاثة عقود. قد يوفر الخطاب المشار إليه سالفاً أساساً لمقايضة عربية شاملة بدأت ملامحها تظهر ولو بخجل، وعنوانها «لا مكان لأي اتفاقيات بدون أوسلو».
لعل ضرب بعض الكتاب على الوتر الحساس المتعلق بالتواطؤ الأمريكي هو الأكثر إنتاجية في إعادة إنتاج الأسئلة وسط الأردنيين، فاتفاقية أوسلو التي وقعت برعاية أمريكية وغربية، لا يوجد من يتأسف عليها أو يحاول إنقاذها، لا في الولايات المتحدة ولا حتى في نطاق القدرات الأوروبية.
بالتالي، تقويض أو سقوط «أوسلو» فعلاً قد يؤدي إلى إخراج اتفاقية وادي عربة عن سكتها، بمعني أنها لم تعد ضامنة لمصالح الأردن، وبمعنى أن الثانية لحقت بالأولى، لا بل نصوصها مركبة على دولة فلسطينية ضمنتها أو تحدثت عنها الأولى.
تحصل المفارقات هنا فيما يتطور وينمو ويزحف اليمين الإسرائيلي ومؤسساته وأجهزته في اتجاه الهيمنة على كل دول المنطقة، وهو ما يعتبره الأردن إصراراً على إعادة قراءة الإنذار المبكر الذي تمثل بتصريحات بنيامين نتنياهو الشهيرة عن شغفه الشخصي في إسرائيل الكبرى.
«إسرائيل قد تعبث بالساحة الداخلية الأردنية أو قد تحاول العبث» هذا ما حذر منه عدة مرات السياسي المخضرم طاهر المصري، وبدأت تميل إليه بعض الأقلام القريبة من القرار الرسمي.
العبث بالداخل الأمني الحدودي أيضاً لا يستهان به ويهدد وظيفة اتفاقية وادي عربة المألوفة، التي بنيت على أساسها كل فرضيات العلاقة المتميزة مع العمق الإسرائيلي والتكيف والتعايش.
تلك عناصر تسقط الآن معنوياً وإعلامياً، مما يفرض تحديات بإيقاع غير مسبوق على الدولة الأردنية، وهو ما يفسر تصعيد التصريحات وبعض الاجتماعات السيادية والمشاورات التي تجري بحثاً عن شريك فلسطيني بكفاءة ولو بمستوى الحد الأدنى، يعيد إنتاج الموقف في الضفة الغربية؛ أو بحثاً عن شريك عربي ينسق موقفاً موحداً ينتهي بإعادة الاعتبار لما كان يسمى في الماضي القريب عملية السلام.

 

اظهر المزيد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading