الأشقاء والحلفاء ضد «الإسلاميين» في الأردن: هل يدخل النظام الانتخابي إلى «مخبز التحديث»؟

عمان- «القدس العربي»: صعب جداً في المرحلة الحالية التكهن بالصيغة التي يمكن أن يصبح على شاكلتها قانون الانتخاب الأردني بموجب قيود واشتراطات مسار تحديث سياسي لم يعد أحد على مستوى الحكومة والصالونات يكرر القول بأنه- أي المسار- لايزال الاستراتيجية المعتمدة لبناء التمثيل البرلماني والحزبي مستقبلاً.
الأصعب قد يكون «إدخال» نصوص وصياغات مستحدثة على النظام الانتخابي إلى «مخبز التطوير والتحديث» في مرحلة تحصل فيها «مراجعات محلية» مرتبطة بعنوان «الحركة الإسلامية» وأخرى «إقليمية وأمريكية ولاحقاً دولية» لها علاقة بملف «الإسلام السياسي».
حكومة عمان هنا لا تتحدث عن اهتمامها أو انشغالها بتعديل قانون الانتخاب الحالي الذي جرب لمرة واحدة فقط، ومضمونه الأساسي «تخصيص» أكثر من «ثلث» عدد المقاعد لقوائم وطنية على مستوى الأحزاب، فيما تركت بقية المقاعد لانتخابات على أساس فردي في الفروع المحلية.
المنطق القانوني بالنص والتصريح كان يتحدث عن رفع عدد المقاعد المخصصة لقوائم الأحزاب العامة إلى نحو 50% في الانتخابات المقبلة على أن تصل إلى 75% في التي تليها وصولاً لتحقيق الهدف خلال عشر سنوات، وهو سلطة تشريعية محكومة تماماً بالأحزاب السياسية؛ بمعنى الانتقال لمنسوب تداول السلطة وتجربة حكومة الأغلبية البرلمانية.
تلك كانت الفرضية التي برمج قانون الانتخاب الحالي على أساسها، لكن الجميع يسأل سياسياً حالياً على نحو مباغت: هل تصمد تلك «الخلطة» أم ستدخل قريباً إلى الفرن الخاص بمطبخ أو مخبز «التطوير بعد التجربة»؟
عند الممارسة، وجد الساسة ووجدت معهم مؤسسات القرار الرسمي أن الاصطدام بالحائط أصبح ضرورة؛ لأن التيار الإسلامي حصراً هو الذي يستفيد أكثر من غيره من الأحزاب الوسطية أو الموالية، حيث نصوص القانون الذي تشكلت بموجبه تركيبة مجلس النواب الحالي أتاحت المنافسة للأكثر خبرة في التعامل مع وقائع الاقتراع والانتخاب، ومع وقائع الحضور الجماهيري.
الإسلاميون حصراً كانوا المفاجأة الأبرز بعدما فازوا بـ 31 مقعداً من أصل 138 فيما حصلوا على 17 مقعداً من المخصصة للقوائم العامة مكرسين القناعة بأنهم يمثلون الحزب الأكثر جاهزية لاقتناص الفرص في ظل ترتيبات قانونية مثل التي أفرزت برلمان 2024.
تلك فضاءات في سلطة التشريع يعتقد رسمياً وبيروقراطياً، أنها مقلقة ومزعجة خصوصاً في ظل التجربة التشريعية والرقابية مع نواب التيار.
المراجعة هنا مطلوبة برأي البرلماني عبد الناصر الخصاونة، وصولاً إلى صيغة أكثر إنصافاً تعيد التمثيل الإسلامي إلى حجمه الطبيعي المنطقي، فيما يرى نواب الوسط وبينهم الدكتور إبراهيم طراونة، أن التجربة الحزبية تتطور، وأحزاب الوسط ينبغي أن تواجه التحدي بتطوير خطابها وبرامجها مع مرور الوقت.
لذلك، «تعديل» نصوص النظام الانتخابي بات ورقة مطروحة على طاولة التحديث، لكن خلفيات وأسس مثل هذا التعديل لم تتضح بعد، والجميع سياسياً تحت انطباع يقول بأن البرلمان الحالي قد تكون دورته المنعقدة الآن الأخيرة، رغم عدم وجود أدلة أو قرائن على ذلك.
القطب البرلماني الإسلامي صالح العرموطي، طالب الحكومة بالتدخل للحد مما سمّاه النميمة التي يتم على أساسها وبموجبها ترويج سيناريوهات حل البرلمان والانتخابات المبكرة.
عملياً، وحتى اللحظة، لايوجد تصور لا لدى الحكومة ولا لدى الأحزاب السياسية المشتبكة تحت قبة البرلمان عن الصياغات التي يمكن أن يتطور لها قانون الانتخاب الحالي.
لكن مبادئ تعديل وتصويب النصوص المفترض فيها أن تلامس 3 مساحات رئيسية، ما قد يهدد فرصة زيادة عدد مقاعد القوائم العامة المخصصة للأحزاب في المرة المقبلة إلى 50% بسبب ثبوت عدم جاهزية الأحزاب الوسطية، وصعوبة المجازفة مجدداً بأن تبقى الأغلبية البرلمانية في الأحزاب والفروع الداخلية في زوايا الثلث المعطل بتوقيع نواب الحركة الإسلامية.
النقاشات بصياغتها الأولية تتناول 3 محاور في ملف تطوير أو تعديل أو تغيير «النظام الانتخابي» دون تحديد سقف زمني بعد لآلية التفاعل والطرح.
المحور الأول، ذلك المتعلق بهندسة نصوص انتخابية لا تدين بالأغلبية للإسلاميين في المرات المقبلة؛ بمعنى العودة إلى صيغة متوازنة تمنح التيار الإسلامي عدداً من المقاعد تلائم حجمهم الطبيعي.
الاستفسار هنا حصراً يصبح: كيف سيؤثر ذلك على النصوص، وما هي القيم التي سيتم ترسيخها في تلك النصوص؟
تلك تساؤلات محرجة وصعبة، لكن النظرية الافتراضية هي تلك التي تقول بثبات عدد المقاعد المخصصة للأحزاب السياسية وتجنب زيادتها بعد الآن، والعمل بصيغة هندسة نصوص تؤدي إلى تقليص مقاعد الإسلاميين عن القوائم العامة، خصوصاً أن تعبيرات الإسلام السياسي وحصراً في الأردن، باتت مطلوبة وبإلحاح ومستهدفة هذه الأيام من «الصديق والحليف والشقيق» على مستوى النظامين العربي والأمريكي.
والمعادلة التي ينبغي التفكير فيها تمثلها الجزئية التي تفترض بأن الحفاظ على قيمة وجوهر «التحديث السياسي» قد يتطلب هندسة «تعديلات» على النظام الانتخابي بدلاً من التورط في «التدخل المباشر» في الانتخابات كما كان يحصل في الماضي.
في المحور الثاني، اقتراحات برسم «التسريب» عن مقترح إضافي يدرس خلف الستائر، وفكرته «إعفاء الدولة والسلطة التنفيذية» من قيد وشرط «إجراء انتخابات حكماً بعد أو خلال 4 أشهر فقط» إثر انتهاء ولاية البرلمان أو حله.
مطلوب أن تصبح فترة السماح هنا عاماً فأكثر، حتى تستطيع السلطة التنفيذية العمل بهدوء لأطول فترة ممكنة.
وهو أمر اكتشف الخبراء أن الحكومات تحتاجه في المراحل الانتقالية ما بين انتخابات تجري مرتين في عهد أي حكومة.
وفي المحور الثالث سيناريوهات تتعلق بتعديل دستوري يمنع أو يحول دون تقديم الحكومة التي تحل البرلمان أو توصي بحله لاستقالتها، حيث كان السيناريو المعمول به رحيل السلطتين معاً.
وما ينقل عن الحكومة الحالية أنها راغبة في إجراء مثل هذا التعديل الدستوري، بحيث لا يوجب النص رحيل السلطتين معاً.
العصف الذهني على مستوى مؤسسات القرار يعمل بنشاط في عنوان صيغة النظام الانتخابي، وملف الانتخابات وتصور شكلها وملامحها والاستحقاق قد يبرز بعد عبور الميزانية المالية من مجلس النواب.
