اراء و مقالات

الأردن: «فوبيا» شهر رمضان و«التشبيك» مع الحراك أبرز المخاوف الحكومية

الحكومة مهتمة بالسيطرة على إيقاع أسعار المواد الغذائية في شهر رمضان المبارك حتى لا يتحول هذا الشهر إلى ممارسة ضغط شعبوي وسياسي عليها.

عمان ـ «القدس العربي»: يبدو ان بوصلة القرار في الحكومة الأردنية تسلط الأضواء مسبقا على وضع برامج جاهزة للتعامل مع استحقاقات وتداعيات شهر رمضان المبارك المقبل. وهو أمر يبدو انه يمثل الحلقة الأهم في سلسلة تواقيت رسمية وحكومية ولها علاقة بأجهزة ومؤسسات الدولة تأخذ بالاعتبار المزاج السياسي والاقتصادي والمعيشي العام عند الأردنيين بالعادة في شهر رمضان وهو شهر سيأتي هذا العام بعد أقل من عشرة أسابيع في ظل حالة إحتقان اجتماعية عامة ومعيشية واقتصادية.

وبعد موسم شتاء قاس وفي ظل دخول البلاد المتوقع قبل نهاية شهر شباط/فبراير بالموجة الرابعة لفيروس كورونا حيث زادت نسبة الفحوصات الإيجابية بشكل لافت خلال اليومين الأخيرين.
وبالتالي زاد عدد الإصابات وسط تحذيرات وزارة الصحة وخلايا الأزمة ومركز الأزمات بان تزايد أعداد الإصابات في المتحور أوميكرون هو المتوقع خلال الأيام القليلة المقبلة.
الظروف السياسية الداخلية عموما بإنتظار شهر رمضان باعتباره مفصلا زمنيا تنتهي قبل حلوله التعديلات التشريعية المطلوبة ضمن مشروع تحديث المنظومة السياسية.
التيار الإسلامي في حالة إعلان قطيعة مع المنظومة والجدل يتعاظم وسط صمت حكومي ورسمي على حزمة من التعديلات الدستورية المهمة جدا وقانوني الانتخاب والأحزاب في طريقهما لمناقشة البرلمان والبلاد تستعد للتحول إلى حياة حزبية قوامها فصل العديد من الملفات الوطنية في الشؤون العامة لصالح مجلس الأمن القومي الجديد وبالمقابل تقاسم إداري مع أحزاب برلمانية وسياسية مرخصة في المرحلة المقبلة.
بمعنى أو بآخر الحديث عن شهر رمضان متوقع في غاية الإثارة المعيشية والاقتصادية والسياسية.
وتتزامن تحضيرات الشهر الفضيل مع دعوات نشطة في المستوى المناطقي وأحيانا العشائري وفي بعض المحافظات لإحياء الحراك الشعبي فيما مركز القرار في الأردن على ان الهدف المرحلي والتكتيكي الذي ينبغي ان تتفرغ له الحكومة وجميع مؤسسات الدولة في هذه المرحلة هو مواجهه البطالة أو وقف تدهور عدد الوظائف في القطاعين العام والخاص أو اتخاذ تدابير من أي نوع خاصة جدا تحول دون توسع رقعة البطالة والتي وصلت بين الشباب باعتراف الأرقام الرسمية إلى ما نسبته 50 في المئة من قطاعات السوق العاملة.
البطالة والعمل على إنتاج المزيد من الوظائف هو محور الاشتباك سواء في القصر الملكي وبتوجيهات ملكية أو على صعيد الطاقم الاقتصادي لرئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة. وبالتالي تحقيق أهداف محددة تغري أحيانا أو تقنع الرأي العام بان الحكومة لديها خطة قابلة للصمود والإنتاجية على الأقل على صعيد الحفاظ على وظائف الأردنيين لا بل تحريكها وتوسيعها في بعض القطاعات هو الهدف التكتيكي الأعمق حتى لاستراتيجية الاشتباك السياسي.
وفقا لرئيس غرفة تجارة عمان خليل الحاج توفيق تعزيز النشاط والحفاظ على وظائف الأردنيين يتطلب دوما ليس فقط التأسيس لشراكة حقيقية وصريحة بين القطاعين العام والخاص بل التنسيق مع مؤسسات المجتمع التجاري والعمل كتفا بكتف على الحفاظ على القطاع التجاري بصفته الدافع الأكبر للضرائب والمشغل الأعرض للوظائف.
وزير المالية الدكتور محمد العسعس يتبنى بصلابة وينجح مشروع لإعادة ترسيم التعرفة الجمركية على أمل اقتصارها على شريحتين وتخفيضها في خطوة كانت كبيره إرتاح لها القطاع التجاري.
طبعا ثمة في السياق إجراءات خاصة على صعيد وزارة الاستثمار التي يوجد وزير لها لكن بلا وزارة حقيقية حتى الآن ومع غموض أجندة وزير الاستثمار الحالي يمكن القول إن مسألة العمل على جذب استثمارات حقيقية من الخارج تتطلب الكثير من الإجراءات الجراحية في بنية القطاع العام والقطاع الخاص في الأردن. وبالتالي هذا الهدف أساسي ومهم لكنه طويل الأمد حسب مصادر مقربة من الطاقم الوزاري والأهم بمعنى أو بآخر هو الحرص على إقناع الشارع الأردني بان ماكينة مواجهة البطالة تتحرك وتتقدم إلى الأمام وليس عبر مشاريع لفظية أو وهمية بالتوظيف والتشغيل فقط، ولكن عبر العمل وفقا للأرقام والوقائع على برامج خاصة، لان الجهة الوحيدة التي يمكنها ان تخلط الوظائف الآن هي الاستثمارات والصادرات والقطاع التجاري والقطاع الخاص.
في كل حال الإجراءات التي تم اتخاذها على صعيد الضريبة والجمارك مؤخرا يفترض ان تخفف وطأة عامين من الاشتباك مع خسائر فيروس كورونا والعبور بالتعديلات الدستورية المثير للجدل يتطلب الآن تحقيق قدر من الوعود والاسترخاء للشارع الأردني وعلى الأساس الذي كان يقوله الملك عبد الله الثاني دوما في توجيهاته للحكومات المتعاقبة وهو التركيز على سياسات وبرامج للنمو الاقتصادي «تنعكس على المواطن».
وعبارة الانعكاس على المواطن هنا مربوطة في ذهن صانع القرار الأردني بالوظائف أضافة لأن الحكومة الحالية مهتمة بالسيطرة على إيقاع أسعار المواد الغذائية في شهر رمضان المبارك حتى لا يتحول هذا الشهر إلى محطة حراكية للسهر مجددا في الشوارع والميادين وممارسة ضغط شعبوي وسياسي على الحكومة أو حتى على الدولة.
الاستعدادات جارية على قدم وساق وهي في غاية الأهمية تحت عنوان السقف المرتبط بشهر رمضان المبارك حيث فوبيا متعددة على المستوى البيروقراطي.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى