«الإخوان» و«الحردان»: سؤالان هما الأصعب في الأردن على طاولة الرئيس حسان
وسط استبعاد إشراك الإسلاميين في الحكومة المقبلة
عمان ـ «القدس العربي»: سؤالان مطروحان بقوة على طاولة رئيس الوزراء الأردني الجديد الدكتور جعفر حسان، ومن المرجح ألا يستطيع تجاوزهما إذا ما بدأ بمشاورات مكثفة وسريعة لاختيار طاقمه الوزاري، يعقبها حتماً ـ حسب الأعراف السياسية والدستورية- مشاورات من طراز آخر أكثر تسيساً مع الكتل البرلمانية الأبرز التي تعتبر كتلة التيار الإسلامي الأهم بينها.
السؤال الأول: كيف سيدير الدكتور حسان الذي لا يعرف الكثير من السياسيين في البلاد بحكم انحيازاته الليبرالية الاقتصادية وإقامته الطويلة في الظل، العلاقة الاشتباكية مع عدد كبير من الخصوم السياسيين له ولتجربته من الذين أغضبهم في الماضي أو اتهموه بإقصائهم؟
سؤال بالتأكيد محرج بطبيعة الحال، وفرض إيقاعات على رئيس الوزراء الجديد يتطلب الإجابة عليه، لا بل وضع استراتيجية يمكن أن يتكفل بها في هذا السياق لتخفيف آثار ردة الفعل المعاكسة للدكتور حسان رجل يوضع في موقع نائب رئيس الوزراء.
عدد «الحردانين»
السؤال الثاني وهو الأهم: ما هي الاستراتيجية التي يمكن لرئيس وزراء لا يميل إلى الإسلاميين لا بل يتحفظ على دورهم وحصتهم ولا يتقارب ولا يؤمن بالتقارب معهم، أن يعتمدها عندما يتعلق الأمر بنيل ثقة البرلمان والاضطرار لمخاطبة مجلس نواب مليء بالإسلاميين الذين يحتلون الصدارة؟
ذلك أيضاً سؤال مزعج ومقلق، واستراتيجية الحكومة الجديدة لا بد لها بكل حال من توفير إجابة عليه. وهما سؤالان برسم تقييم المرحلة على أساس تكليف الدكتور حسان الذي سيميل على الأرجح لتجنب إشراك شخصيات سياسية وطنية كبيرة في طاقمه الوزاري؛ إما لأنه لا يعرف مثل تلك الشخصيات، أو لأنه يعتبر نفسه في إطار مدرسته الإدارية والسياسية نقيضاً للزعامات الوطنية أو يمثل مدرسة أخرى ساهمت عملياً خلال عدة مواقع في إبعاد وتهميش العديد من الشخصيات والرموز السياسية.
عدد «الحردانين» من الدكتور حسان كبير جداً على رئيس وزراء مستجد، والعدد الأكبر يمثل حتى في رأي الدكتور ممدوح العبادي، من لا يعرفون شيئاً عن «الرجل الجديد في الدوار الرابع» وحسان أجاد الإقامة مطولاً في «ظل القرار» وها هو الآن ينتقل إلى المسرح والأضواء.
وسط استبعاد إشراك الإسلاميين في الحكومة المقبلة
شريحة هؤلاء تضم الآن برلمانيين خسروا الانتخابات ورموز الحركة الإسلامية الذين لم يفتح معهم حسان بمواقعه السابقة أي نافذة، لأن رمزية رئيس الحكومة الجديد كمثقف ليبرالي ومؤلف كتاب عن «الاقتصاد السياسي في الأردن» في مستوى الاتهام إسلامياً بخصوص ما يسميه المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين، الشيخ مراد عضايلة، بتيار «تغريب المجتمع وإنكار هويته الإسلامية».
دائرة الخصوم المفترضين تشمل أيضاً سياسيين كباراً وأعضاء بارزين في نادي رؤساء حكومات الماضي، وبعض رموز البيروقراط في حكومة سلفه الدكتور بشر خصاونة، وإلى حد ما الخصاونة نفسه وآخرون وقادة في القطاع الخاص يتحدثون عن إقصاء منهجي مورس ضدهم لصالح بعضهم في «خيمة التحديث الاقتصادي» الشهيرة التي أشرف عليها الرئيس حسان شخصياً قبل عام ونصف.
لا بد من القول إن الدكتور حسان ثمة من يتربص به في إطار رمزيته السياسية وانحيازاته الليبرالية الاقتصادية من السياسيين ومن خبراء التكنوقراط. وثمة من هو منزعج أو غاضب من دوره في الإقصاء والتهميش لعدد واسع من السياسيين والخبراء.
خبرة منقوصة
وبالتأكيد، وجوده بعد انتخابات نزيهة وشفافة مع برلمان مسيس وقوى فيه أغلبية واضحة من الأعضاء لصالح الأحزاب السياسية يعني تعرض حكومة الدكتور حسان لإرهاق سياسي وضغط شديد في مجالي الملفات السياسية والخدمات.
وأغلب التقدير أن خبرة الدكتور حسان منقوصة في التعامل مع التيارات السياسية والحزبية تحت قبة البرلمان، ولم يسبق له أن كان عضواً في أي طاقم سياسي أو صالون سياسي أو حتى حزب سياسي. وهي مسائل لا تحسب له في الواقع الحالي، إلا إذا كان المقصود من حكومته إظهار قدر من التوازن السياسي بعد برلمان مسيس وقوى فيه أغلبية واضحة من ممثلي التيار الإسلامي.
الخصوم يمكن التعامل معهم بالقطعة والتقسيط ووفقاً للغطاء الذي تمارسه المؤسسات الأخرى العابرة للحكومات لدعم الحكومة المستجدة، ما يبقي وزارة حسان عملياً «محتاجة للآخرين».
وبما أن قطاعاً واسعاً من النشطين والفاعلين يتهم حسان شخصياً والمقربين منه بإبعادهم عن «اللجان الملكية والأوسمة» والتشكيلات الاستشارية والعينية، فالفرصة متاحة مبكراً لرصد عملية «قصف» للحكومة قد تعوز بعضها الموضوعية.
وبطبيعة الحال، وجود الدكتور حسان في الحكومة يرجح التعامل بحزم وشدة معها، حيث لا حصانات ولا تقديرات، وحيث الواقع الاجتماعي والسياسي يشير إلى أن نقد الحكومة هو الأمر المرجح وغير المكلف والمطلوب أحياناً؛ لأن طبيعة وظيفته في الأدوار السابقة في مؤسسة القصر ومكتب الملك كانت توفر له حصانة من النقد المباشر على الأقل.
وليس سراً أن تكليف الدكتور حسان قد يشكل مفاجأة أو صدمة للتيار الإسلامي صاحب الأغلبية باسم وتوقيع جماعة الإخوان المسلمين في قبة البرلمان، لكن التيار الإسلامي لا يشخص الاعتبارات وينتظر، كما يقول عضايلة بيان وزاري من الحكومة.
استبعاد إشراك الإسلاميين
ويستبعد طبعاً الجميع الآن إشراك الإسلاميين في حكومة حسان مبكراً، لكن التشاور مع الإخوان المسلمين قد يضطر الدكتور حسان إلى تقديم بعض التنازلات المبكرة خلافاً إلى اضطراره بالتأكيد لمخاطبة التيار الإسلامي عموماً، إلا أن المدرسة التي سيستعين برموزها وتلاميذها الدكتور حسان هي المدرسة الليبرالية الاقتصادية.
لذا، قد ترفض العديد من الشخصيات ذات الحضور الاجتماعي والسياسي والوطني الانضمام للحكومة في الوقت الذي تصبح فيه خيارات حسان في اختيار الأسماء مقيدة ومحددة على السيناريو الذي اقترحه شريكه في الخط الليبرالي الدكتور عمر الرزاز يوماً بعد استفسار من «القدس العربي» عندما قال: «الإصلاحيون والليبراليون واليساريون ودعاة التيار المدني وكثر غيرهم، لا يمثلون أكثر من 2٪ من الأردنيين».
وخلاصة الرزاز هذه يصادق عليها الواقع الموضوعي بعد الانتخابات.