اراء و مقالات

التهجير «إلهاء»… الكنيست «يقضم» بالتقسيط «التشريعات الأردنية» ويلغي «أنظمة الانتداب» ويطمع في «أملاك الغائب»

عمان- «القدس العربي»: قد لا تخدم الذرائع، التي كانت تقال لأسباب سياسية أو أمنية في الماضي، مصالح الأردن الأساسية والعليا اليوم إذا ما كان الهدف هو التعايش أو البحث عن صيغة للتكيف مع طموحات ومشاريع اليمين الإسرائيلي المعلنة؛ ليس لأن الأردن فقط أصبح هدفاً لخرائط اليمين الإسرائيلي المنشورة والمبثوثة، ولكن أيضاً –وهذا مستجد خطير جداً– لأن على رأس الولايات المتحدة باعتباره الصديق الممول والحليف الأهم، إدارة جديدة أظهرت بكفاءة وحرفية للأردنيين رسمياً وشعبياً أنها لا تحفل بهم ولا بتصوراتهم ولا حتى باستقرارهم ومصالحهم.
أي مراقب لمنصات التواصل الاجتماعي الأردنية تواجهه بعدما تلاشت بنسبة كبيرة مساحات إنكار المخاطر تلك الاجتهادات الإسرائيلية التي تتسارع على الأرض لضم الضفة الغربية.
إحدى الوثائق المهمة نشرها الناشط السياسي محمد خلف الحديد، مؤخراً، وتعرض بالرقم والحيثية والتفصيل لنسخة مكتوبة ومعتمدة إسرائيلياً من صفقة القرن الثانية، وتظهر في الحيثيات الرقمية بتلك الوثيقة الإسرائيلية أن الرئيس دونالد ترامب يرغب في تهجير مليون ونصف فلسطيني إلى الأردن، على أساس استقبال المملكة لمليون مهجر من الضفة الغربية، ونصف المليون من أبناء قطاع غزة.
تلك حتى برأي الناشط الحديد، ليست مجرد فكرة على ورق الآن؛ فتصريحات الرئيس الأمريكي العلنية وممارساته وإجراءاته الحالية واللاحقة تقول إنه قرر المضي قدماً في هذا المشوار دون أدنى انتباه أو حتى احترام لمصالح الأردنيين.
بالتوازي، تصدر وثيقة أخرى يصفها خبراء بأنها أكثر خطورة في دلالاتها، عن مركز بحثي اسمه «معهد الدراسات الصهيونية».
وما قاله بحضور «القدس العربي» الباحث الأكاديمي البارز الدكتور وليد عبد الحي، عدة مرات، هو لفت النظر إلى أن ما تقرره معاهد الدراسات الإسرائيلية العميقة والكبيرة تتبناه الحكومات المنتخبة، ويدخل دون تردد إلى نطاق الإجراءات على الأرض.
يثق الدكتور عبد الحي بأن المشروع الأردني الهاشمي مستهدف، وينصح بالتعامل مع الوقائع على هذا الأساس في إحدى دراساته المثيرة.
الأهم هو ملخص ورقة معهد دراسات الصهيونية التي تتناول ما تسميه الدراسة، وقد حصلت «القدس العربي» عليها، الأصول العقارية اليهودية في الضفة الغربية التي صادرتها حكومة الأردن بعد انتهاء حرب عام 1948 وسيطرة الأردن آنذاك على الضفة والقدس بموجب القرار الشهير بوحدة الضفتين.
فقد بعض اليهود حقوقهم في تلك الممتلكات، لكن الدراسة الجديدة تقترح بأن قرار الفقدان هنا غير شرعي، وحكومة إسرائيل ملزمة بإعادة الأصول لأصحابها الأصليين.
وقد ورد نص عند تشكيل حكومة الائتلاف اليميني الحالي بخصوص تلك الأملاك التي كانت بين يدي الأردن، فيما يتوقع قريباً صدور مرسوم إسرائيلي بضم تلك الأملاك وإعادتها إلى مؤسسات يهودية.
وما تتحدث عنه تلك الدراسة هو حصراً العقارات اليهودية التي وضعها الأردن وفقاً لقانون الانتداب البريطاني تحت إدارة ما سمي بـ «وصي ممتلكات العدو» وعلى أساس أن ضم الأردن للضفة الغربية عام 1950 لم يعترف به دولياً.
المفارقة الأغرب أن ورقة معهد الدراسات الصهيونية تطلق وصف «الاحتلال الأردني» على قرار وحدة الضفتين، وتفترض بالنتيجة أن ما بني على باطل لا ينشئ حقوقاً قانونية، وأن مصادرة الأردن لتلك العقارات ليس شرعياً.
الأكثر إثارة هو خلاصة تلك الدراسة التي تتحدث عن واجب أخلاقي وقانوني لإسرائيل بإعادة الممتلكات اليهودية في الضفة الغربية، وتقترح الدراسة أن ذلك لن يفتح الباب أمام مطالبات عربية مماثلة، ولن يعيق أي تسوية سياسية مستقبلية مع الفلسطينيين.
ولا يقف الأمر عند هذه الخطة، فالكنيست الإسرائيلي وفي سياق هجمته التشريعية لتقويض الإدارة الأردنية القديمة في الضفة الغربية، يقرأ الآن نص مقترح قانوني جديد يسطو على ما يسمى بأملاك الغائب التي وضعتها سلطات الأراضي الأردنية في الضفة الغربية في سياق أمانة أو وديعة قانونية سياسية بعد حالات النزوح وحرب 1967. ويبلغ الناشط السياسي الأمريكي الفلسطيني الدكتور سنان شقديح «القدس العربي» بأن الخطر الأبعد من التسليم بهذه الإجراءات في الضفة الغربية هو تحقيق سوابق قد تؤدي إلى تحرك إسرائيل لاستعادة عقارات تتخيل أو تفترض أو تفبرك أن ملكيتها تعود ليهود في العمق الأردني، وكذلك في أماكن أخرى بجوار فلسطين المحتلة.
3 قوانين أردنية قديمة معمول بها في الضفة الغربية حتى الآن تقدم أعضاء بالكنيست باقتراحات لإلغائها.
تلك برأي الناشط السياسي الحقوقي عاصم العمري وآخرين، هجمة واضحة وحادة الملامح على التشريعات الأردنية التي احتفظ بها أهل الضفة الغربية لإدارة شؤون حياتهم بعد هزيمة 67.
وهي التشريعات التي تنظم بموجبها الكثير من المعطيات والمصالح لأهل الضفة الغربية في ظل الاحتلال، لا بل تعتمد عليها حتى السلطة الفلسطينية أحياناً، كما تبرر وجود وثائق سفر أردنية مع مئات الآلاف من الفلسطينيين ومن عدة أصناف.
تلك باختصار، ملامح حراك تشريعي تلتقطها مجسات الدولة الأردنية المختصة بعنوان تجريف الأنظمة واللوائح والتشريعات الأردنية في الضفة الغربية تمهيداً فيما يبدو لمشروع الضم، فيما لم تتضح بعد ملامح الهجمة الأردنية المعاكسة في ملفات القوانين والعقارات وأملاك الغائب أو أملاك الانتداب البريطاني.
لا أحد على الأقل باسم الحكومة الأردنية يناقش هذه المسائل بصورة علنية بعد.
والاعتقاد سياسياً وصل إلى قناعة بأن إسرائيل تقضم الوصاية الأردنية في القدس والبنية التشريعية في الضفة الغربية بالتدرج والتقسيط وبغطاء سياسي أمريكي، تمهيداً لفرض وقائع تصفية القضية الفلسطينية، ولا يبدو حشد الأردنيين وراء فكرة التهجير سوى قنبلة دخانية مسمومة قد يكون هدفها إلهاء الجميع، فيما يعبث الكنيست إجرائياً بالطبق الأردني في الضفة الغربية.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading