Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اراء و مقالات

الدبلوماسية الأردنية «تناور» في «أضيق الزوايا»: بعد معادلة «نقلق ولا نخاف» تركيز على «لا نجتهد بل نتصرف بضراوة»

عمان – «القدس العربي»: بقاء الأردن في أقرب مسافة تنسيقية ممكنة من الجمهورية التركية والإدارة السورية، لا يزال الاستراتيجية المعتمدة برفقة ما تقتضيه المصلحة من اتصالات وتشبيك دبلوماسي مع العراقيين أحياناً، والأوروبيين في أغلب الأحيان.
تلك صيغة تقررت حتى الآن في احتواء المخاطر واتقاء شرور الانحيازات المعلنة لليمين الإسرائيلي.
التواصل مع المؤسسة العسكرية الباكستانية عبر استقبال رئيس الأركان للقوات البرية الباكستانية في عمان هو جزء إضافي من الاستراتيجية نفسها، في الوقت الذي تحرص فيه عمان على تسلل دبلوماسي هنا أو اختراق هناك تحت يافطة الشعور المستقر بحراك جيوسياسي خطر يمكن أن يسعى للمساس بالمصالح الأردنية، خصوصاً من جهة حكومة اليمين الإسرائيلي.
لم تعد المؤسسة الأردنية تقف في الأيام الأخيرة عند حدود طرح معادلة «نقلق ولا نخاف إلا الله» التي وردت ضمن محتوى خطاب العرش الدستوري الأخير في افتتاح البرلمان، بل حرصت على سياسات التشبيك سياسياً مع كل المساحات المفترضة لملء فراغات ناتجة أولاً عن سياق مخاطر يؤسس لها يومياً اليمين الإسرائيلي في غزة والضفة الغربية، وحتى في منطقة الأغوار. وثانياً عن الواقع الموضوعي الذي يشير له الخبير السياسي والاقتصادي الدكتور أنور الخفش، تحت عنوان الارتباك الذي تنتجه الإدارة الأمريكية الحالية للحلفاء والشركاء.
هوامش الضمانات الأمريكية تتقلص بإقرار جميع اللاعبين المخضرمين في الملف السياسي الأردني.
والقطيعة المعلنة بعداء سياسي وإعلامي واضح مع طاقم اليمين الإسرائيلي وحكومة نتنياهو، وصلت إلى نقطة اللاعودة عملياً حيث لا اتصالات ولا استشعارات، بل ولا محاولات أردنية خبيرة لاختراق جدار التغييرات التي يسعى إليها يمين إسرائيل ليس في غزة فقط، ولكن في الواقع الجيوسياسي في الضفة الغربية.
وقد عبر الأردن علناً عن خيبة أمله في هذا السياق «لا نثق بكل ما يقوله نتنياهو»، فيما واحدة من التحديات الناتجة عن حالة قطيعة شاملة مع وزراء اليمين الإسرائيلي تتمثل في نمو العداء بين الجانبين وغياب كل عناصر الثقة، خلافاً طبعاً لتلك التقارير السيادية التي تقدر – و»القدس العربي» تقتبس هنا- أن «اليمين المتطرف الأيديولوجي الاستيطاني لم يعد يزحف حول المنظومة العميقة في الكيان الإسرائيلي، بل استقر وسيطر على الأقل في الهيكل الأمني، وأصبح اللاعب المتنفذ الوحيد، وابتلع المنظومة الأمنية الإسرائيلية العميقة، وبات في طريقه لابتلاع المؤسسة العسكرية».
ذلك وضع لا يجعل اتفاقية وادي عربة في حالة تنشيط واستقرار، ويمثل تحدياً استثنائياً للمؤسسة الأردنية ومصالحها، ويستوجب الاندفاع باتجاهين وعلناً:
الأول هو العودة لإسناد الشرعية الفلسطينية، وتوحيد ومصالحة أقطاب حركة فتح.
والثاني هو الاستمرار في فضح ممارسات اليمين الإسرائيلي وعزله دولياً، وهي المهمة التي يقوم بها يومياً وبصورة علنية وزير الخارجية أيمن الصفدي.
لاحظ الجميع هنا بأنه، خلافاً للعادة، لم تتدخل الإدارة الأمريكية لا للضغط على الأردن ولا لترطيب الأجواء بينه وبين حكومة نتنياهو المدللة في واشنطن.
تلك ملاحظة يقترح سياسيون محترفون تأملها والتوقف عندها؛ لأنها تعني الكثير في بناء أو إعادة بناء استراتيجية اشتباك أردنية قائمة على المخاطر وكيفية مواجهتها، وفقاً لفهم الناشط السياسي محمد خلف الحديد وآخرين.
الوضع مربك للمؤسسات وللرأي العام في الأردن، لكن الثقة موجودة بإمكانية الاستدراك والاشتباك؛ بمعنى الحرص على مصالح الدولة والناس والحد الأدنى من الخسائر، على رأي المحلل الاستراتيجي البارز الجنرال المتقاعد قاصد محمود وهو يشير إلى أوراق قوة أردنية يعلم بها العدو.
الثقة موجودة بإمكانية تدوير الزوايا بصيغة «نقلق ولا نخاف»؛ بمعنى مواجهة القلق بدون تردد عبر آليات باتت مفهومة، لا تقف عند حدود إجراءات العودة مجددا للداخل الأردني، بل تسترسل دبلوماسياً وسياسياً وأمنياً باتجاهات محسوبة بدقة، فكرتها البقاء في حالة شراكة فعالة جداً عبر عنها وزير الاتصال في الحكومة الدكتور محمد المومني مع الشقيق المصري، والثبات في حالة تنسيق يومية مع الشركاء في أوروبا وتحديداً في ألمانيا وفرنسا، بهدف طرح الرواية الثانية على الطاولة الأوروبية، وعدم ترك رواية نتنياهو وطاقمه وحدها في غرف الحوار والدردشة.
في الأثناء، لا ضير من استقبال رئيس الجمهورية العراقي بحفاوة في عمان بالتزامن مع استقبال جنرال باكستاني رفيع المستوى.
ولا ضير من تنشيط فعالية التنسيق بصفة دائمة مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، وصولاً للرئيس رجب طيب أردوغان، بالتزامن مع تدشين بيروقراطي ناعم وهادئ لسيناريو إعادة بناء البنية التحتية للدولة السورية الجديدة، مع البقاء بصلابة في عمق معادلة دمشق والرئيس أحمد الشرع.
الأردن في سياق الرد على سيناريوهات مخاطر اليمين الإسرائيلي، لا يجتهد فقط بل يتصرف ويلعب بالأوراق المتاحة، ويناور في إعادة تدوير الزوايا الضيقة على أمل تحقيق صنف من التوازن الإقليمي للدور الذي يسعى الإسرائيلي لضربه، والأمريكي لتجاهله.
ولم يعد سراً القول بأن التنويع في التواصل الإقليمي هو الصيغة المعتمدة، لكن النتائج قد لا ترتسم وفقاً للمأمول، بسبب وجود تباين في مواقف الدول العربية من الملفات الأساسية، وبسبب ضعف التأثير الغربي والأوروبي، على حد تعبير الكاتب والمحلل السياسي عريب الرنتاوي. وما يظهر من استراتيجية الاشتباك أن الأردن الرسمي يلعب بالأوراق المتاحة، لكنه يقاوم وبكل ما تختزنه الخبرة من ضراوة الاشتباك، الاستسلام للمعادلة التي يحاول فرضها يمين إسرائيل، مستثمراً بدوره في حالة الفوضى التي تتسبب بها الإدارة الأمريكية الحالية.
الناشط السياسي الأمريكي الفلسطيني الدكتور سنان شقديح، يعيد تذكير الأردنيين بأن عليهم الانتباه؛ لأن الولايات المتحدة تتغير من الداخل والباطن، حيث لا مؤسسات عميقة ولا سطحية، وهي قرارات تنفيذية لشخص واحد فقط لا يمكن الرهان عليه، ومزاجه متقلب، ويلتهم الخبرات العريقة القديمة بصفة يومية.
لعل عمان ليست بحاجة ملحة لتصحو من هذا النوع، فهي في حالة مواجهة لمؤشرات الغياب الأمريكي المربك أحياناً، والحضور المربك أكثر في غالب الأحيان.

 

اظهر المزيد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading