اراء و مقالات

الدغمي «يستقيل»… والعرموطي «ينسحب» والقضاء يحقق في «المال السياسي»

ما الذي يحصل قبل الانتخابات الأردنية؟

عمان ـ «القدس العربي»: لا يمكن قراءة قرار رئيس البرلمان الأردني الأسبق عبد الكريم الدغمي إعلان استقالته مبكراً من حزب «إرادة» السياسي الوسطي بعد أسابيع قليلة من الانضمام للحزب أصلاً، إلا في سياق الهزات الارتدادية التي بدأت تطفو على السطح ضمن معادلة طوارئ الانتخابات المقبلة وبعدما قررت الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات توجيه ضربة مبرمجة لم يثبتها القضاء بعد لما يسمى بالمال السياسي ودوره في الانتخابات.
استقال الدغمي علناً من حزب «إرادة» وأبلغ الرأي العام بأنه سيكشف عن أسباب استقالته لاحقاً. وهي صيغة تعني عندما يستخدمها لاعب محنك مثل الدغمي، أن المزيد من الإثارة تحت يافطة التجهيز للانتخابات قادم لا محالة.
لم يربط الدغمي بين استقالته وتلك البيانات التي تصدر عن حزب إرادة، أحد أكبر أحزاب الوسط في البلاد، بعنوان حملات تشويه وتشويش من جهات مختصة تطال الحزب قبل أيام قليلة من إعلانه لقوائمه الانتخابية. وأمطر قادة ونشطاء حزب «إرادة» المشهد الإعلامي ببيانات التنديد بحملة ما، تستهدف الحزب.
استقال الدغمي على الأرجح على تلك الخلفية، وإن كان لم يعلن ذلك، لكن استقالته هنا أعقبت قراره السابق والمثير أيضاً للجدل بالانسحاب من المواجهة الانتخابية والامتناع عن ترشيح نفسه تحت عنوان إخلاء الساحة قليلاً لوجوه جديدة.
وأعقب القراران بكل حال منسوب الإثارة والتكهن الذي ارتفع بالمشهد العام بعدما أعلنت الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات وبتصريح رسمي، أنها دفعت بملف جريمة انتخابية محتملة للتحقيق بعد منشور إلكتروني زعم فيه أحد الشباب بأن مالاً طلب منه لضمان مقعد في قوائم الترشيح.

«دور المال السياسي»

الشاب لاحقاً تراجع عن إفادته، لكن الهيئة كانت قد حولت الملف للتحقيق مع ما سمته بمعززات تتعلق بمحادثات عبر تقنية «واتساب» وهو ما يحصل لأول مرة عملياً، فيما تسبب ذلك باندلاع نقاش تأزيمي بعنوان «دور المال السياسي» في الانتخابات العامة، الذي تقول السلطات الرسمية إن بصماته وآثاره ظهرت في بعض التعبيرات الحزبية أيضاً ومجدداً بدون أدلة حاسمة.
مراجع الهيئة المستقلة اعتبرت المنشور المشار إليه بمثابة «إبلاغ عن جريمة» والقوانين تلزم الهيئة بمتابعتها والتحقق منها، فيما يترك القرار النهائي بحصول جريمة من عدمه للسلطة القضائية.

ما الذي يحصل قبل الانتخابات الأردنية؟

وهو ما أشار إليه رئيس الهيئة موسى المعايطة، عندما صرح علناً بأن مؤسسته تقوم بواجبها، وأن الهيئة ليست مركزاً أمنياً ولا محكمة، وتقف على مسافة واحدة من جميع الأحزاب والمرشحين للانتخابات.
الهيئة عمليا ًلم تعلن أسماء، لكن حزب «إرادة» هو الذي تحرك وأعلن للرأي العام عن اتهامات لقياداته وشن حملة، بالمقابل، بعنوان استهداف مسيرة الحزب قبل الانتخابات، ثم تحدث قياديون فيه -بينهم رئيس نادي الوحدات بشار الحوامدة والأمين العام نضال البطاينة- عن أموال سياسية تدفع في الدوائر الانتخابية الفرعية، والجهات المختصة لا تقوم بواجب التعقب.
القرار المتعلق بالتحقيق بشبهة عرض مقعد برلماني للبيع هو رسالة فيما يبدو للدفاع عن مصداقية إجراءات النزاهة قبل الانتخابات. ووجود جريمة مبلغ عنها علناً يلزم الهيئة بالتحرك والتحريك والمتابعة، وفقاً لروايتها.
لكن حزب «إرادة» الوسطي يطرح أسئلة علنية بالمقابل عن خلفيات التوقيت.
وحملة تبادل الاتهامات ضمناً تطرح بالتوازي تساؤلات عما إذا كانت التحركات الإجرائية ثم الإعلامية في متابعة تأثيرات المال الانتخابي قد انطوت على مبالغة وتضخيم يمكنهما المساهمة في خدش الانتخابات قبل حصولها وإنتاج صراعات بين مراكز قوى حزبية يمكن الاستغناء عنها بصورة قد تلحق ضرراً بمضامين مسار التحديث السياسي.

من خدش ماذا ولماذا؟

هذا هو السؤال الذي يثيره المراقبون والمشتبكون، في مقاربات سمعتها «القدس العربي» مباشرة من رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي، فالقرار والاتجاه واضح لصالح انتخابات نظيفة وخالية من الشوائب.
لكن انسحاب لاعب تشريعي مهم آخر من المنافسة الانتخابية مبكراً هو القطب البرلماني صالح العرموطي، يؤشر بالنص على وجود شوائب؛ فقد فاجأ العرموطي قبل أقل من أسبوعين على اليوم المخصص لتسجيل المرشحين، جميع الأوساط ببيان مهم يعلن فيه الانسحاب من الانتخابات، مع أنه مقعد منافس بقوة بحكم دوره وبصمته وشعبيته، وأيضاً بحكم اعتبارات تحالفه مع حزب جبهة العمل الإسلامي، معترضاً بصيغة متأخرة قليلاً على المسار القانوني الذي يمنعه من الترشح عن القائمة العامة الوطنية كمواطن أردني.
أطلق العرموطي وهو يترك الملعب الانتخابي، جملة مثيرة من الأسباب الوطنية والمهنية، وتطرق إلى واجب التضامن مع معركة طوفان الأقصى، وتحدث عن استدعاءات أمنية لمرشحين وأنصارهم، لا بل عن اعتقالات لا توحي بحرية الانتخاب والاقتراع ومناخ حريات عامة، ثم أشار حصراً لواقعة اعتقال السلطات للمرشح الإسلامي عن مدينة العقبة، خالد الجهني.
لم يكشف العرموطي بالتأكيد في بيانه عن كامل الأسباب والخلفيات، لكنه انضم بالانسحاب علناً من المشهد الانتخابي إلى لاعبين كبار وأساسيين غيره منذ سنوات طويلة في مسرح التشريع والبرلمان، أهمهم القطب خليل عطية الذي ترك الانتخابات بعد 27 عاماً من جلوسه تحت القبة، وبينهم أيضاً المخضرم الدغمي، والنائب لعدة دورات أيمن المجالي، وقبلهم بصورة مرجحة عبد المنعم العودات، والخبير البارز الدكتور خير أبو صعليك، كما تقول الأنباء.

وجوه جديدة

سياسة الوجوه الجديدة بالخلاصة تتموقع عشية الانتخابات الأردنية. أما الهزات الارتدادية تحت عنوان «إعلان حرب على المال السياسي» فيرى البعض أنها تخضع للتضخيم والمبالغة أحياناً، وهو مؤشر على توقع المزيد من الهزات الارتدادية، خصوصاً في ظل حوار صاخب خلف الستائر والكواليس عنوانه: من يترشح للمقاعد المضمونة والميسورة باسم الأحزاب داخل هيئات حزبية أخرى قابلة أيضاً للتفخيخ؛ لأن الأمر لا يقف ولن يقف عند حدود الجدل المرتبط بحزب إرادة والمبالغة في استهدافه حصراً.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading