اراء و مقالات

الذباب الإلكتروني في الأردن: ازدواجية في المواجهة؟

التحذير الرسمي والبيروقراطي الأردني من»الذباب الإلكتروني» الأجنبي الذي يستهدف البلاد والعباد بالتشويش والتشكيك والافتراء والفتن عليه أن يترافق مع إجراءات يغطيها القانون بالمقابل ضد النسخة المحلية من ذلك الذباب

التحذير الرسمي والبيروقراطي الأردني من» الذباب الإلكتروني» الأجنبي الذي يستهدف البلاد والعباد بالتشويش والتشكيك والافتراء والفتن عليه أن يترافق مع إجراءات يغطيها القانون بالمقابل ضد النسخة المحلية من ذلك الذباب.
غبار إلكتروني ينتشر بقلم مواطنين من الصنف الذي يؤسس أيضا للفتنة ولا بد من التصرف معه. لا يمكن إنكار الاستهداف الإلكتروني الخارجي. لكن النسخة المحلية تلك تسرح وتمرح بما يؤذي الأردنيين ويخدش كرامتهم دون رادع أو تصرف.
نقول ذلك حتى لا نغرق في بعض التأويلات والتكهنات التي تفترض بين الحين والآخر بأن بعض المؤسسات الرسمية والبيروقراطية تسمح لبعض المواطنين محليا بما لا تسمح به لآخرين.
دولة القانون والمؤسسات لديها مسطرة واحدة، والقول بوجود مسطرتين هنا نمط من العبث. لكن نحتاج لأدلة ووقائع تثبت بأن المعيار القانوني يطال من يتجرأ على مخالفة القوانين من أصحاب الرأي المراهق والتفتيتي أو من دعاة الفتنة والمساس بالوحدة الوطنية.
لم يعد سرا: قلة قليلة تحترف ممارسات الذباب الإلكتروني ولا تمثل طبعا لا جوهر الأردنيين ولا معدنهم لكنها فئة موجودة، وصحيح أنها قليلة التأثير على الوجدان والوعي العام، لكن صحيح أيضا أنها تلعب في التأسيس لفتنة وتغليب الروح وبث الغبار السلبي الدور نفسه الذي تلعبه الذبابة الإلكترونية المستوردة، وهي تحاول الإساءة للأردنيين في الثوابت والمقدسات والأصول.
نقرأ تعليقات وتغريدات مختلة ومنحرفة. نسمع أشرطة فيديو لا تقل انحرافا تستمتع، وهي تمارس هوايتها في بث الكراهية والانقسام بين مكونات المجتمع.
الحق يقال: لا نشعر بأي متعة جراء الصمت على هذه المادة الفيروسية التي يروجها البعض أو يقترحها آخرون في الوقت الذي تصمت فيه السلطة الحكومة بطريقة مريبة عن بعض الأقلام التي تحترف التأزيم والتوتير وتشيطن كل من يتعاطف مع المقاومة الفلسطينية مثلا.

التحذير الرسمي والبيروقراطي الأردني من»الذباب الإلكتروني» الأجنبي الذي يستهدف البلاد والعباد بالتشويش والتشكيك والافتراء والفتن عليه أن يترافق مع إجراءات يغطيها القانون بالمقابل ضد النسخة المحلية من ذلك الذباب

أصحاب هذا الرأي وللأسف الشديد يحظى بعضهم بالرعاية والتسمين على مستوى بعض أذرع الإعلام الرسمي.
عندما هاجمنا مرارا وتكرارا قانون الجرائم الإلكترونية الكريه، قيل لنا مرات عديدة من جهة السلطات والحكومة آنذاك بأن هذا القانون وظيفته ردع السلبية ومنع استغلال منصات التواصل الاجتماعي لمضمون ومحتوى الحرية في الرأي والتعبير، بعدما سطت تلك المنصات عمليا على الخطاب الإعلامي والاجتماعي.
قيل لنا دوما بأن مكاسب وفوائد قانون الجرائم الإلكترونية المشار إليه وطنية بامتياز، وأن هذا القانون السيئ لن يستخدم لا ضد المعارضة الشرعية، ولا ضد أصحاب الرأي والتعبير الحر، ولا ضد النشطاء السياسيين، بل سيستخدم لحماية الدولة والمؤسسات والمجتمع من الممارسات المنحرفة على شبكات التواصل.
نعم قيل لنا ذلك باعتباره حجة علينا وعلى المهنيين الذين حذروا من نتائج وتداعيات مثل هذا القانون. لكن الوقائع حتى الآن على الأقل تسرد رواية معاكسة لما قيل في الأسباب الموجبة، فقانون الجرائم الإلكترونية للأسف يستخدم بتعسف وبعشرات الحالات لاستهداف حريات التعبير ونصوصه الخشنة، استخدمت ضد نشطاء وأصحاب رأي سياسيين لا بل استدعي بسببه، وأحيانا حوكم بموجبه نخبة من أنقى الوطنيين الأردنيين، مما يدفع للاعتقاد بأن هذا القانون أداة متعسفة في يد السلطة ضد أصحاب الرأي الآخر فقط، وأحيانا ضد أصحاب الرأي السياسي.
القرائن الواقعية تثبت بأن نصوص القانون المشار إليه لا تستخدم بالمقابل في مواجهة تلك الأمراض التي يبثها الذباب الإلكتروني المحلي، ورغم وجود نصوص رادعة جدا في القانون إلا أننا لا نعرف الكثير من الحالات التي استخدم فيها لملاحقة أو ردع من يسيئون للوحدة الوطنية أو يحاولون المساس بالسلم الأهلي أو من يسعون إلى تحريض الدولة على رعاياها.
أصحاب الرأي المتشنج والتعليق المختل متواجدون والقانون لا يتابعهم. تلك نقيصة في تشريع ضللتنا الحكومة التي وضعته، وهي تتحدث عن أهدافه النبيلة والسامية مع تثمين الإعلانات المقدرة التي صدرت عن مديرية الأمن العام عدة مرات، وهي تحذر من أن الإدارة المختصة ستلاحق الإساءات والمخالفات على الشبكة وستطارد من يبثون الفرقة بين المواطنين لكن ذلك واجب الدولة برمتها وليس المنظومة الأمنية المحلية فقط.
لا مبرر لاعتقاد البعض بأن أجهزة الدولة تصمت قصدا أو تتواطأ أحيانا مع طروحات متشنجة تهدد الوحدة الوطنية، وتبث ببساطة عبر الشبكة بالصوت والصورة أحيانا. تلك فرية فيها ادعاء، لكن الحكومة واجبها المصادقة على الاتجاه المعاكس بالإجراء دون السماح بالازدواجية في تطبيق معايير القانون الذي ينبغي استخدامه حقا كمسطرة واحدة لردع كل من تسول له نفسه المساس بوحدة الأردنيين، أو انتهاك أكثر من 13 قانونا ومشروعا وضعت لردع أي محاولة تؤدي إلى تفكيك صلابة الجبهة الداخلية الأردنية.
منظومة العدالة التابعة للحكومة عليها واجب. ينبغي أن لا يخبرنا المسؤولون بعد الآن بأن الحكومة لا تعرف عن ماذا نتحدث فهي تعلم حرفيا ما الذي نتحدث عنه وبالتفصيل الممل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading