اراء و مقالات

السقا للخصاونة و«إنذار مبكر»: لماذا قرر «إخوان الأردن» تذكير الحكومة بـ«تجريم» التدخل في الانتخابات؟

في سياق «المواجهة التي تهدف للحد من نفوذ الإسلاميين انتخابياً»

عمان ـ «القدس العربي»: عصفوران بحجر إعلامي واحد، يخطط الأمين العام الجديد لحزب «جبهة العمل» الإعلامي وائل السقا، لاصطيادهما معاً عندما يقرر وفي وقت مبكر للغاية مخاطبة رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة شخصياً، بمذكرة مباشرة وصريحة تتحدث عن مضايقات بيروقراطية يتعرض لها أنصار وأعضاء الحزب لأسباب انتخابية.
العصفور الأول بدون شك هو الانتقال إلى مستوى الاشتباك الدعائي المجاني وركوب موجة حرص أكبر أحزاب المعارضة في البلاد على منظومة النزاهة الانتخابية بصيغة تعيد تكرار مظلومية الإسلاميين باعتبارهم قيد الاستهداف دوماً عشية انتخابات في غاية الأهمية يفترض أن تجري يوم 10 أيلول المقبل.

العصفور الثاني

العصفور الثاني سياسي بامتياز أيضاً؛ فحزب الجبهة وأمينه العام يستثمران أيضاً وبمذكرة مدروسة بعناية قدر الإمكان، في هوامش الضمانات المرجعية والقانونية لوثيقة التحديث السياسي.
وهنا على نحو أو آخر يمكن القول إن ابتداء المذكرة بفقرة تعيد التذكير بما يتضمنه قانون الانتخاب الجديد ضمن معيار التحديث السياسي عندما ينص على تجريم معاقبة وملاحقة ومساءلة الحزبي، ثم على تجريم أي محاولة من أي موظف عام للتدخل في الانتخابات.
حقاً، يعرف الإسلاميون مع غيرهم أن نصاً صريحاً في قانون الانتخاب يتضمن عقوبة قد تصل إلى السجن لأي موظف عام يتدخل. لكن في القراءة التفسيرية، فالمسألة قد تكون مرتبطة إجرائياً بيوم الاقتراع والصندوق والفرز، وليس بما يمكن أن يفعله الموظف العام زمنياً قبل ذلك، باعتباره أيضاً أحد المواطنين.
وبالرغم من فهم الإسلاميين للمسألة قبل غيرهم، فإن مخاطبة المسؤول عن الولاية العامة، وهو رئيس الوزراء، خطوة ذكية سياسياً لا تقف عن حدود التأشير المبكر على مضايقات أمنية، بل تتعدى لإظهار الثقة بأن الحكومة هي المسؤولة ـ بحكم ولايتها العامة ـ عن إلزام الموظفين في الدولة بنصي قانوني الأحزاب والانتخابات، وحصراً في جزئية تعزيز النزاهة.

في سياق «المواجهة التي تهدف للحد من نفوذ الإسلاميين انتخابياً»

ما يوحي بأن مذكرة المهندس وائل السقا عميقة التسييس، أنه يعلم من قبل أن هيئة مستقلة هي التي تدير الانتخابات وليست الحكومة، ويعلم من قبل أن المواجهة التي تهدف للحد من نفوذ الإسلاميين انتخابياً هي عابرة للحكومة أساساً، وثمة من يرى أنها متطلب شرعي وملتزم بالقانون لضمان مصالح عامة وتوازن في خارطة الأحزاب.
مبكراً وفي نقاش عدة مرات مع «القدس العربي» أوضح رئيس الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات موسى المعايطة، بأن تجريم تدخل أي موظف عام هو منجز إصلاحي وديمقراطي بامتياز، وما تقوله مذكرة المهندس السقا بحكم موقعه هو أن التيار الإسلامي بصدد الاستثمار في هذا النص القانوني وإطلاق إنذار مبكر يخفف من المضايقات البيروقراطية والإدارية ضد مرشحي الحزب وأنصاره، بلهجة تساعد دوماً في جذب المزيد من الأصوات في المجتمع.
دور وحجم نفوذ وتأثير الحكومة محدود جداً في إدارة العملية الانتخابية، ودورها في إدارة الجانب العملياتي في الانتخابات أقل من المحدود. ولجان الهيئة المستقلة قد تكون الجهة التي ينبغي أن توجه لها المذكرة التي قرر الإسلاميون وضعها على طاولة رئيس الوزراء لتحقيق أكبر معدل ممكن من التسييس المسبق، لا بل والإحراج البيروقراطي المفيد في هذه المرحلة. الأهم برأي الأمين العام لحزب الميثاق أكبر أحزاب الوسط الدكتور محمد المومني، كما سمعته «القدس العربي» مؤخراً، هو أن التنافس قبل الصندوق أمر متاح، والضوابط القانونية واضحة، ومن الصعب على الموظفين الإداريين التدخل في العملية الانتخابية لأن النص القانوني واضح في التصدي لذلك.
الأهم في مذكرة وائل السقا، أنها تعرضت لتفاصيل لها علاقة بمضايقات إدارية وأمنية تطال بعض الأعضاء في الحزب أو تقايضهم بمصالح مواطنين، كما تطال مرشحين وشركاء مفترضين لقوائم الحزب.
المذكرة أشارت إلى حوادث محددة هنا، بينها إجبار عضو في الحزب على تقديم استقالته ومقايضة غيره انتخابياً بمصالح أقرباء لهم والتدخل بالضغط في حالات محددة على مرشحين تناقش معهم مسألة الشراكة في الدوائر الانتخابية. يعلم السقا ومكتبه التنفيذي مسبقاً، أن الحكومة آخر من يؤثر في إجراءات متابعة النزاهة الانتخابية، ما يجعل المذكرة سياسية بالمقام الأول، خصوصاً أن مجلس شورى الحزب قرر المشاركة في الانتخابات بعدما ربط تلك المشاركة بإجراءات منظومة النزاهة، فيما صرح السقا مبكراً ـ وهو من المعتدلين في التيار الإسلامي عموماً ـ بأن التدخل ضد الاتجاه الإسلامي في انتخابات الجامعة الأردنية مؤخراً يحتوي على رسائل سلبية ضد التمكين والتحديث أولاً، وضد الانتخابات النيابية ثانياً.

مؤشرات الاشتباك

يدخل الإسلاميون عملياً بمذكرتهم المبكرة مؤشرات الاشتباك السياسي الانتخابي من أوسع أبواب التذمر والشكوى، فيما كان رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي يخاطبهم ضمناً عن بعد وهو يعبر في محاضرة عامة عن أمله في ألا تسعى بعض الأحزاب إلى الاستثمار في الداخل والانتخابات بأحداث خارج البلاد.
المقصود من هذا التحذير الرفاعي هو ملف قطاع غزة. والمفهوم بالتوازي أن الإطار العملياتي يرغب في أن يحصل الإسلاميون على حجمهم الحقيقي بقدر رغبته في أن لا يتصدر تيارهم أي أغلبية ورغبته أيضاً في عزل ملف غزة ومعركة طوفان الأقصى قدر الإمكان عن مؤشرات ونسبة التصويت في انتخابات أيلول، وأيضاً عن متطلبات ومقتضيات الاستقطاب الشعبي.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading