اراء و مقالات

العاهل الأردني يستعد لمهمة شاقة بلقاء الثلاثاء المقبل مع ترامب… وبعد حراك «قوننة» منع التهجير: متى يبدأ مسار «دسترة» فك الارتباط؟

عمان – «القدس العربي»: بعد أول خطوة «تشريعية «أردنية عملياتية باتجاه «دسترة وقوننة» رفض ومنع أي تهجير للفلسطينيين إلى المملكة الأردنية الهاشمية – كما يفعل الكنيست الإسرائيلي – بالاتجاه المعاكس، تصبح الفرصة مواتية لطرح السؤال الأكثر أهمية في الواقع البنيوي: لماذا لا تتجه عمان تشريعياً ولأول مرة أيضاً لـ «تحصين» الجبهة الداخلية بخطوات نحو «دسترة تعليمات فك الارتباط»؟

سؤال يبقى في إطار فرضية حتى الآن، لكن بعض الساسة يطرحونه من بوابة الحرص على ما سماه رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري بـ»التزام الأردنيين حكومة وشعباً» بالتصدي لسيناريوهات «الوطن البديل». قبل سنوات طويلة نسبياً، كانت المقترحات التي تطالب بـ «دسترة سيادية» لتعليمات فك الارتباط الإداري والقانوني مع «الضفة الغربية» تصنف باعتبارها «مثيرة للانقسام» داخلياً ولا تجد الكثير من الدعاة والأنصار.
اليوم، ومع ما وصف بـ «الاقتراحات المجنونة» للرئيس دونالد ترامب بعنوان «تهجير ثم توطين» أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني في الأردن ومصر، أصبحت مقترحات المضي قدماً أردنياً بالفصل الدستوري التام بين «الضفتين»؛ بمعنى «دسترة القرار الشهير»، خطوة قد تصلح لتعزيز رسائل «السيادة» الأردنية التي تتوافق مرحلياً مع «القرار الشعبي الواضح والعارم» ضد مخططات التهجير.
هنا لا بد من التوثق من أن التنفيذ الفعلي الجريء والصريح لأول مذكرة بـ «مشروع قانون» هو خطوة في الاتجاه المتوافق ما بين المؤسسات والشارع تشكل «سابقة» تحظى الآن بغطاء رسمي ومرجعي، وستحظى بتأييد شعبي عارم على الأرجح.
«منع وحظر استقبال لاجئين فلسطينيين» هي فكرة زحفت ونمت بمبادرة من القطب البرلماني خميس عطية، وتبناها حتى عصر الأربعاء 18 نائباً، وتكمن أهميتها في أنها «أول رد صلب» من مستويات التمثيل التشريعي الشعبي على خطوات حديثة اتخذها اليمين في الكنيست الإسرائيلي يلغي فيها فعالية إنفاذ قوانين «أردنية» كانت سارية في الضفة الغربية.
النائب عطية، وهو رئيس كتلة حزبي «إرادة» و»الإسلامي الوطني» في البرلمان، عاد وأبلغ «القدس العربي» أن مجلس النواب هو في الاستجابة الوطنية لصلابة الجبهة الداخلية ووحدة الصف في مواجهة «مخاطر التهجير»، مشيراً إلى أن اقتراح القانون الجديد خطوة عملياتية في مسار دعم خيارات وقرارات وثوابت «قيادتنا».
الأهم هو الرسالة الكامنة وراء «الترتيب التشريعي» المستجد. والفكرة هنا أن كتل البرلمان لديها «قدرات وأوراق» في الحماية الوطنية لم يعد من المحظور طرحها، فيما لاحظ المراقبون أن المبادرة تحركت من نواب الوسط والأحزاب الوسطية تشريعياً، وليس من جبهة المعارضة التي تمثل الحراك الإسلامي.
الإسلاميون عملياً اقترحوا تشريعاً يتيماً حتى الآن، هو «قانون إلغاء اتفاقية وادي عربة»، في خطوة وصفها الخبير البارز في القانون الدولي الدكتور أنيس القاسم بأنها «لا تمثل الاتجاه الصحيح الآن»؛ لأن البند السادس يتيح مساحات «رد ومناورة» للأردن في حال مخالفة نصوص الاتفاقية الصريحة التي «تمنع تحريك السكان ديمغرافياً في الاتجاهين».
ما قصده القاسم وهو يشرح لـ»القدس العربي»، أن الاتفاقية تخدم تأمين المصالح الأردنية العليا وحقوق الرد الشرعية إذا طور «مجانين تل أبيب وواشنطن» موقفهم في ممارسة التهجير بصنفيه القسري والطوعي.
لذلك، تبدو خطوة حزبي «إرادة» و»الوطني الإسلامي» التي حركها الدينامو التشريعي خميس عطية، في «المسار الصحيح» أكثر لتوفير «مروحة خيارات أوسع وأكثر رشداً» أمام الدولة الأردنية، لأنها مبادرة تشريعية تشكل أساساً للقول إن موقفي الشارع والمؤسسات موحدان في رفض التهجير.
يتحرك مجلس النواب الأردني في البحث عن «تموقعه» على هامش مواجهة سناريوهات ترامب والتهجير.
وهذا الحراك واضح، ومرجح أنه يحظى بـ»ضوء أخضر» ويمثل المؤسسات بصورة منتجة أكثر؛ لأنه يخلو من «تشنجات شعبوية» لكنه يعكس في الوقت ذاته «جدية» قرار الدولة الأردنية في رفض التهجير، لا بل «استعمال كل الأوراق السيادية والسياسية والتشريعية والحقوقية» المتاحة في ممارسة هذا الرفض، حيث يمكن للأردن -برأي القاسم- أن يتحرك باتجاهات فاعلة ونشطة ليس دستورياً فقط ولكن عبر القنوات الدولية والعربية أيضاً.
في المقابل، لا يقف المشهد الأردني المتحرك الآن على محطة «الترتيبات التشريعية» فقط، فالمؤسسة الملكية المرجعية بصدد إعادة ترسيم «السردية الأمريكية»، إن جاز التعبير، عبر «تأكيد المؤكد الأردني»، بل وعبر المحاولة والاختراق ومناقشة الرئاسة الأمريكية باسم «وجهة النظر العربية» هذه المرة، حيث لقاء مهم الثلاثاء المقبل في واشنطن بين الملك عبد الله الثاني والرئيس ترامب شخصياً، تتواجه فيه السرديتان الأردنية والأمريكية.
الرهان كبير وواضح هنا على «بصمة أردنية» في سياق «تصويب المعطيات» وإعادة ضبط الإعدادات، بدلالة أن العاهل الأردني تلقى وأجرى عدة اتصالات مع زعماء عرب، بحيث ظهرت الحاجة لما يصفه رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز دوماً بـ «الخبرة الأردنية».
أعلنت عصر الأربعاء صحيفة عمون المحلية، عن اتصال هاتفي بين الملك وولي العهد السعودي الأمير بن سلمان خلال لقاء في القصر الملكي مع أركان مجلس الأعيان وتخلله -أي الاتصال- تأكيد سعودي على دعم «موقف الأردن».
قبل ذلك «اتصال مهم» أيضاً مع أمير قطر، ولقاء مع الرئيس محمود عباس في عمان أمس، ثمّن بعده عباس في بيان «موقف الأردن الراسخ» في «دعم القضية الفلسطينية وصمود الشعب الفلسطيني على أرضه ونيل حقوقه المشروعة».
وتم إجراء مشاورات مغلقة تفصيلية مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتنسيق أردني مع قطر والسعودية ومصر والإمارات قبل لقاء العاهل الأردني مع ترامب، حيث سيكون أول لقاء لترامب مع زعيم عربي وإسلامي ال بعد توليه الحكم.
ومن الجدير القول – وفقاً لبعض المحللين – بأن تتمكن «الخبرة الأردنية» خلال الأيام المقبلة من «إعادة تصويب أو مراجعة المقترحات التدميرية» المعاكسة للاستقرار التي طرحهات أمريكا على هامش استقبال دافئ لبنيامين نتنياهو أمس الأول الثلاثاء.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading