اراء و مقالات

العرموطي يرد على إساءات الكنيست للأردن… ومجلس الأمه من دون «لجنة أمن قومي»… والتشريعات المضادة بعيدة عن «صفة الاستعجال»

عمان- «القدس العربي»: مرة جديدة تتجاهل وزارة الخارجية الأردنية اتخاذ إجراء أو إعلان موقف باسم الحكومة لتوضيح موقفها من «إساءة بالغة ومصورة» ضد المملكة نقلت بتوقيع أحد قادة لجان الكنيست الإسرائيلي.
الأهم في مداخلة رئيس ما يسمى بلجنة الأمن القومي في الكنيست، بوعز بسموث، أنها تعكس أزمة صامتة وحقيقية تتكرر تعبيراتها بين الأردن واليمين الإسرائيلي، لأنها تمنح المعارضة الأردنية المزيد من المواد التي تبرر مطالبتها بالرد على الإسرائيليين وصولاً إلى منطقة إلغاء اتفاقية وادي عربة.
وهو ما فعله ظهر الإثنين تحت القبة رئيس كتلة جبهة العمل الإسلامي في البرلمان صالح العرموطي.
واحدة من المفارقات التي تثيرها بصيغة أسئلة المداخلة المصورة للمتطرف الإسرائيلي -نفاها لاحقاً- هي تلك التي تكشف لنواب الأردن خلو مجلسهم ومؤسستهم من لجنة معنية بملف الأمن القومي؛ أيضاً لأن مجلس الأمن القومي الأردني الذي تشكل قبل سنوات قليلة بموجب تعديل دستوري، لم يجتمع إلا مرتين حتى الآن على هامش الحدث السوري.
رغم تطورات حادة على الصعيد الفلسطيني والسيناريوهات الأمريكية عن التهجير ومخاطر الأطماع اليمينية الإسرائيلية، لم تبادر الحكومة الأردنية إلى تأطير اجتماعات بعنوان الأمن القومي، ولا حتى للرد على المزاعم الإسرائيلية المتشددة. البرلماني العرموطي وجه خطابه لعضو الكنيست الإسرائيلي بصيغة «اخرس»، مذكراً بوجود إرادة وشعب وجيش لديهم القدرة على التصدي للمجرمين النازيين في الكيان.
العرموطي طالب الحكومة باتخاذ موقف. لكن الأسباب التي تدفع الحكومة وحتى رئيسها الدكتور جعفر حسان، للامتناع عن الرد والتعليق واتخاذ موقف لا تزال غامضة، علماً بأن وزير الخارجية أيمن الصفدي هو المسؤول الأول عن الاشتباكات الخارجية والدبلوماسية دون أن يعني ذلك أن رواية حكومة حسان في المسألة الإسرائيلية حصراً مطروحة بين يدي الرأي العام.
صحيح أن عضو الكنيست المشار إليه أثار ضجة واسعة بعدما تداول الأردنيون بكثافة الفيديو الذي يتحدث فيه قائلاً إن الأردن وسوريا ينبغي أن يخضعا تماماً لإسرائيل، ويجب على الأردن البقاء من دون قدرات عسكرية، وإسرائيل هي التي تتحكم بأموره، وهو ما استدعى انفراد العرموطي باسم التيار الإسلامي بالرد والتعليق قبل العبور إلى توضيح بسيط تقدم به عضو الكنيست نفسه قائلاً إن الفيديو المنشور مفبرك.
لا يحتاج أعضاء الكنيست المتشددون إلى تقديم أدلة جديدة على استهدافهم للأردن، فقد أصدر الكنيست حزمة تشريعات مؤخراً تعطل تماماً بعض القوانين الأردنية النافذة في الضفة الغربية تمهيداً لضمها في المشروع العدائي المباشر والواضح برأي العرموطي وغيره من نواب التيار الإسلامي، الذين تقدموا بسلسلة مقترحات قانونية للرد على الإسرائيليين لم تعالج بعد ولم يعرف مصيرها.
يبلغ العرموطي «القدس العربي» بأن البقاء في دائرة الصمت رداً على تصريحات الأوغاد في اليمين الإسرائيلي، قد لا يمثل الخطوة المطلوبة؛ لأن الأطماع لم تصبح سياسية أو على الورق فقط، بل يمارسها العدو.
مقابل تشريعات الكنيست التي تحاول عملياً احتلال بنية التشريعات الأردنية الفاعلة في الضفة الغربية تحديداً، لم تقل اللجنة القانونية في مجلس النواب بعد موقفها من صفة الاستعجال التي منحت منذ أكثر من شهر لمشروع قانون خاص بتجريم قبول التهجير.
قانونية النواب كانت قد أعلنت على لسان رئيسها مصطفى العماوي، أن قانون منع التهجير سيحظى بصفة الاستعجال. حصل ذلك منذ أسابيع، ويظهر للجميع أن صفة ذلك القانون الذي اقترحه نواب حزب «إرادة» لا تبدو ملحة أو مستعجلة حتى الآن على الأقل.
بعض المسائل بدأت تحتاج إلى تفسير، ومن بينها تجميد صفة الاستعجال لمشروع قانون حاسم ينص على تجريم القبول بأي تهجير فلسطيني، وبينها خطوات أخرى غير مفهومة، مثل عدم انعقاد مجلس الأمن القومي للرد على اليمين الإسرائيلي والامتناع عن تشكيل لجنة برلمانية للأمن القومي تساهم في تصليب جبهة الموقف الرسمي الثابت وتناقش تفاصيل خطط وأطماع اليمين الإسرائيلي ضد المملكة تحت قبة التشريع الشعبية، على اعتبار تلك خطوة مهمة، رداً على حماقات اليمين الإسرائيلي التي ثبت -برأي السياسي مروان الفاعوري- أنها تستهدف الأردن، دولة ومؤسسة وشعباً.
الفاعوري يضم صوته إلى العرموطي وآخرين في الدعوة إلى رد هجمة اليمين الإسرائيلي التشريعية.
لكن الحكومة لا تتخذ خطوات في هذا الاتجاه، لأنها فيما يبدو تعمل ضمن المنطق الذي يقول إن تسكين الأزمة الصامتة والعلنية عملياً مع اليمين الإسرائيلي هو الخيار الأفضل، بمعنى حرمان ذلك اليمين المتطرف من مادة وذخيرة قد يستخدمهما ضد الأردن للإخلال بمعاهدة السلام تحديداً.
العرموطي ورفاقه يعاودون الطالبة بإلغاء اتفاقية السلام، فيما الخبير القانوني الدكتور أنيس القاسم اقترح عبر «القدس العربي» بأن إلغاء الاتفاقية خطأ في هذه المرحلة؛ لأنها ضامنة لشرعية الموقف الأردني، والإلغاء يعدّ خطوة تخدم اليمين الإسرائيلي، الأمر الذي يعترض عليه طبعاً النائب العرموطي مع احترامه لاجتهاد القاسم، معتبراً أن الكيان يخالف الاتفاقية التي فقدت شرعيتها منذ التوقيع عليها في كل حال.
بعض الدوائر الرسمية العريقة في عمان ترى أن النتيجة التي انتهت إليها مواجهة سيناريو التهجير كافية ولا مبرر للاستعجال بتشريعات جديدة، كما تقدر بأن مخاطر التهجير من الضفة الغربية إلى الأردن ليست وشيكة.
وضبط الإعدادات مع الأمريكيين يتطلب التحوط الوقائي في إدارة سياسة تحول دون تذخير اليمين الإسرائيلي ضد المملكة.
قد تخدم هذه السياسة حقاً في الأروقة والكواليس، ولكن ما قاله بصيغة متلفزة رئيس ما يسمى بلجنة الأمن القومي في الكنيست الإسرائيلي، يعكس أزمة أعمق وأبعد في الواقع مع الأردن.
ويدل مجدداً على أن القوى الحاكمة في تل أبيب هي من الصنف الذي يرى الفرصة سانحة فعلاً لفرض الوصاية على الجميع في الإقليم، بمعنى حسم الصراع وتصفية القضية الفلسطينية حتى على حساب الأردن، الأمر الذي لا تخفف من أضراره أو تحبطه فقط الأوراق التكتيكية التي تستخدم حتى الآن.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading