القيادة الوسطى – السويداء ودرعا ثم «تصويت الكنيست»: هل «يسترخي» الأردن بين الألغام؟

عمان- «القدس العربي»: لا يمكن معرفة مفاصل خريطة الطريق التي قررتها الحكومة الأردنية للسير أو المشي بين ألغام تسوية إقليمية توصف بأنها كبرى.
لكن الجزء الأكثر إثارة منها قد يكون تصويت الكنيست الإسرائيلي على قانون ضم الضفة الغربية، الأمر الذي يعني حسم الصراع، ما يثير التساؤلات حول تلك الخارطة إن وجدت، هو التصريح الذي صدر على لسان رئيس الوزراًء الدكتور جعفر حسان قبل عدة أيام، يتحدث فيه عن تحولات جذرية عميقة حول المملكة وتداعيات في الإقليم ينبغي الاستعداد لها.
حسان هنا لم يشرح شيئاً محدداً، ولم يتقدم بتفاصيل. لكن فهم ما قاله وفقاً لما يراه الخبراء ليس انطلاقاً من شخصيته الوظيفة، ولكن بتصنيفه كشخصية تكنوقراطية أردنية سبق أن كانت قادرة على التواصل مع الإدارة الجمهورية الأمريكية، بدليل حصول وفده المفاوض مؤخراً على صفقة اعتبرت جيدة في ملف رسوم الجمارك التي فرضها الرئيس دونالد تراًمب.
مؤخراً، الدور الأردني الذي يبدو أنه مهم ومركزي في استعادة التهدئة في جنوب سوريا يرسم مساراً في الصداقة والتحالف والعلاقات الاستراًتيجية ليس مع الطاقم الدبلوماسي الأمريكي النافذ بقيادة الوزير ماركو روبيو، والمبعوث توماس باراك فقط، ولكن أيضاً مع رموز القيادة الأمريكية الوسطى العسكرية والتي يعني وجود علاقات وتواصل دائم معها الجلوس في خارطة الأصدقاء والتحالفات إلى جانب اسرائيل.
وهو وضع مهم ليس فقط لأنه يمنح الأردن أفضلية في الحفاظ على مصالحه، ولكن لأنه يلحق مصالح الأردن بتفاهمات متقدمة أكثر على الصعيد الإقليمي.
نسبياً، حصل شيء من هذا القبيل في الترتيبات الثلاثية مع السوريين والأمريكيين بشأن ملف السويداء ودرعا مؤخراً.
ونسبياً، قدر خبراء من بينهم المرجع في القانون الدولي الدكتور أنيس القاسم، في نقاشات مع «القدس العربي»، بأن توازنات المصالح هنا يصبح منظورها مرتبطاً بالجلوس في الإقليم مع الإسرائيليين وعلى نفس الطاولة، بالرغم من كل ما يقال عن قطعية بين عمان وحكومة تل أبيب الحالية.
التقديرات مبكراً، أن عمان بعدما جلست على طاولة ترتيبات توماس باراك والقيادة الوسطى الأمريكية في الملف السوري، يمكن أن تجلس على نفس الطاولة في الملف الفلسطيني، الأمر الذي يبقى في دائرة التوقعات، لكنه قد يوفر مظلة ما لتأطير المصالح الأردنية ضمن رؤية نصح بها الأمريكيون مبكراً الجانب الأردني عندما اقترحوا على وزير الخارجية أيمن الصفدي التخفيف من حدة الاهتمام بالقضية الفلسطينية، والتركيز على مصالح الأردن.
تلك واحدة من أخبث النصائح برأي الدكتور القاسم، وآخرون يراقبون عن كثب دلالات وإشارات الابتهاج الأمريكي بإشراك الأردن في دور ثلاثي له علاقة بالجنوب السوري.
انسحاب البصمة الأردنية بالملف السوري على المسألة الفلسطينية هي الجزئية التي تحتاج للتأمل والنقاش، في الوقت الذي يحتفظ فيها الأردن بثوابته العلنية فيما يخص القضية الفلسطينية مع التخفيف من ذكر تلك الثوابت حتى على لسان كبار المسؤولين وفي الإعلام الرسمي الأردني.
المصالح الأردنية الأساسية في الملف الفلسطيني حصراً أشبه بالاستلقاء والنوم بين الألغام. ورئيس الوزراء حسان، استخدم مفردة لها علاقة بالأمل عندما تحدث عن الوحشية الاسرائيلية في غزة مؤخراً، معتبراً أن الأهم هو تثبيت الفلسطينيين على أرضهم.
دون ذلك، لا نقاشات رسمية جادة في جزئية ترتيب الأولويات ولا رؤية تربط ما حصل من تنسيق بملف الجنوب السوري مع فرضيات وسيناريوهات تحاول تتبع وفهم ما يمكن أن يحصل من تفاهمات لاحقة بشأن القضية الفلسطينية مادام الأردن صديقاً مقرباً من واشنطن، ويدير العلاقات مع الولايات المتحدة في مناخات وبيئة مؤسسات مهمة، مثل البنتاغون والقيادة الوسطى.
أغلب التقدير هنا أن الاحتمالات مزدحمة أيضاً على الطاولة ومتساوية في تأثيراتها.
وأغلب التقدير أن الأردن تجنب التحرك بفعالية لإحباط خطة تصويت الكنيست على ضم الضفة الغربية، ليس فقط لأن لديه تصورات أو معطيات ومعلومات من الجانب الأمريكي، ولكن لوجود قناعة بأن تصويت الكنيست ليس أكثر من خلط للأوراًق وخطاب لليمينيين الإسراًئيليين، هدفه المباشر إحباط خطة بعض الدول الأوروبية لشرعنة حل الدولتين.
عمان هنا تقراً خطوة الكنيست باعتبارها ليست خطراً داهماً وكبيراً، وتلك قراءة قد تنطوي -برأي الدكتور القاسم- على خطأ بصري؛ فالتصور الذي صوت عليه الكنيست خطر جداً على مصالح الأردن، ويبدل ويغير في الوقائع. لا بل نتائجه وتداعياته أقرب -في راًي القاسم- إلى إعلان حرب؛ لأن يمين إسراًئيل لا يوجد ما ومن يمنعه من قذف كتلة بشرية كبيرة على دولة مثل الأردن يعاني شعبها أصلاً من شح المياه.
لا يعلم القاسم ولا غيره في الواقع، كيفية إدارة الحكومة الأردنية لحساباتها وأولوياتها، لكن ما يعلمه بصفة يقينية أن ما يعيق التهجير هو فقط عدم وجود دول تقبل بالمهجرين، والاحتمالات في الضفة الغربية مفتوحة على مخاطر تمس حقوقاً ثابتة للأردنيين في العمق الفلسطيني، وهو ما يقتضي التنويه والانتباه.
وتلك ملاحظات من الصنف الذي لم يعد من المنطق تجاهله أو تجاهل الأسئلة التي يطرحها وتؤدي إليه بانتظار المستجدات في كل الأحوال.