اراء و مقالات

المكون «الأردني ـ الجهادي» في منظومة الدفاع السورية: ما هي التوقعات والدلالات والخلفيات؟

عمان- «القدس العربي»: الأضواء التي لاحقت تعيين أحد رموز التيار السلفي الجهادي الأردني في قمة هيكل صناعة القرار في وزارة الدفاع السورية الجديدة، لها ما يبررها من أكثر من زاوية، سياسية بالمقام الأول قبل الاعتبارات الأمنية.
نخبة من وزراء الاختصاص في الحكومة الأردنية يواصلون التفاعل بحذر شديد مع المتغير السوري الكبير بالرغم من خطابات الدعم والمساندة ومظاهر الانفتاح الحدودي واللوجستي.
عملياً، تعيين الأردني عبد الرحمن حسين الخطيب والملقب بـ “أبو حسين الأردني” مشهد كان متوقعاً بصورة مرجحة في عمان، ليس لأن الأخير كادر متقدم جداً الآن في منظومة الدفاع السورية الجديدة فقط، ولكن لأنه موصوف بمرجع أساسي ومهم في جبهة النصرة تحديداً، وبقي منذ عام 2016 إلى جانب القائد العام للعمليات أحمد الشرع، وشريكاً له في كل المعارك التي خاضتها جبهة النصرة منذ عام 2016 ضد بقية التنظيمات الأصولية المتشددة.
لا يعرف الرأي العام الكثير عن “حصة المكون الأردني” الهيكل الدفاعي السوري، لكن الأجهزة المختصة لديها الكثير من المعلومات والمعطيات على الأرجح، فيما الحكومة الأردنية قد تجد نفسها في مواجهة مفارقة بدت إشكالية ومقلقة عند توقعها، وفكرتها أن الملف الأردني في قياسات من يحكمون الثورة السورية الآن قد يناط بأردنيين جهاديين أو شركاء للمعارضة السورية.
وضع سياسي ودبلوماسي حمال أوجه، ولا تختبره الحكومات بالعادة.
وزير الخارجية أيمن الصفدي، قابل القائد أحمد الشرع وأسس في نقاش معه بعض الاعتبارات الضرورية للبلدين.
مع ذلك، التعاطي العميق مع مشروع الثورة السورية الذي يتحول ببطء إلى دولة وبرعاية أمريكية وتركية وإقليمية قد يحتاج صيغة ما لاحقاً، إما لبرمجة العلاقة مع التيار الأردني في الثورة السورية أو لاحتواء انفعالات ثم حسابات رموز ذلك التيار، الذي يرى المراقبون والخبراء أنه نافذ وقوي وحضوره مفصلي في فصائل المعارضة السورية منذ عام 2011.
حاولت حكومة عمان باجتهاد ملموس طوال الشهر الأخير تجاوز ذلك الكمين.
والمعنى هنا: استطلاعات تقديرية جرت مع رفاق للخطيب أبو حسين الأردني، من العائدين من سوريا.
لم يختبر سابقاً أن دولة تريد تفصيل وقياس مصالحها مع دولة جوار لها مستقبلاً قد تجد نفسها مضطرة للتعامل مع مواطنيها ورعاياها.
الوضع مربك، لكن التلميحات كثيرة في أوساط عمان السياسية، إلا أن هذا المستوى من الإرباك يجب تجاوزه وعدم الوقوف أكثر مما ينبغي عنده، حفاظاً على مصالح الأردن مستقبلاً التي تصاغ الآن بهدوء شديد وفي إطار بقاء الاعتبار للأولية الأمنية دون التورط بالانغلاق على الثوار ومشروعهم.
المجازفة تبدو صعبة ومعقدة هنا، لكن الواقع يقول في دمشق اليوم إن أردنيين من التيارات الأصولية علقوا منذ عام 2011 مع المعارضة السورية موجودون في واقع وإدارة الفصائل التي تحكم دمشق.
بعض هؤلاء الأردنيين تحديداً في مفاصل قرار مهمة داخل تشكيلات فصائل المعارضة، بما في ذلك مواقع متقدمة ليس في وزارة الدفاع الجديدة فقط، ولكن أيضاً في الإطار التنظيري الفكري الذي أسس ودعم تأسيس جبهة النصرة أصلاً، وقدم مساهمة فعالة في تكوين ظاهرة القائد الحالي أحمد الشرع خلافاً لأن أردنيين ينتمون للمدرسة الفكرية السلفية يدير بعضهم القضاء الشرعي والمحاكم الشرعية في بعض الفصائل، لا بل يتمتع بعض رموز السلفية الجهادية الأردنية بموقع اعتباري معنوي كبير جداً، خصوصاً في جزئية المحاكم الشرعية داخل هيئات وتشكيلات إسلامية مسلحة في الشمال السوري.
وتلك احتياجات وتساؤلات أثارها بطبيعة الحال ملاحقة الأضواء للعميد الجديد أبو حسين الأردني، الذي يحتل الآن المرتبة الثالثة تماماً في منظومة وزارة الدفاع السورية الجديدة، ما يعني أن الحكومة الأردنية قد تضطر فعلًا للتفاوض لاحقاً مع بعض رعاياها من أصحاب الموقع المتقدم في الثورة السورية، الأمر الذي لم يختبر سابقاً، ونتائجه تبقى مرهونة بقدرة المؤسسة السورية الجديدة على ضبط إيقاع الحسابات الشخصية لشركائها من الجهاديين العرب.
وهذه جزئية تلتفت لها مؤسسات عميقة في الدولة الأردنية مبكراً كما التفت لها خبراء ومستشارون أجانب يحاولون تلمس مشكلات الطريق ما بين عمان ودمشق في المرحلة الحالية.
أغلب التقدير أن نوايا من يمكن وصفهم بالأردنيين من قادة الثورة السورية، وهم كثر بالمناسبة، غير معروفة بعد تجاه بلادهم ومصالحها، وهو ما يدفع الخطاب الرسمي الأردني عملياً إلى التركيز على ملف إعادة بناء الدولة والمؤسسات في سوريا.
تلك قد تكون الطريقة الوحيدة لتجاوز أخطاء عام 2011 التي ارتكبت أردنياً وعربياً عندما فتح المجال لمئات السلفيين الجهاديين للعبور والاستقرار، وقد تكون الدرب الوحيد في اتجاه التأسيس لمعادلة مع سوريا الجديدة تخلو من الشخصنة واندفاعات وانفعالات وأحياناً أحقاد رعايا أردنيين علقوا في الأرض السورية، بصيغة تتطلب الحذر من جميع الأطراف، والمرونة من جهة الحكومة الأردنية بالمقابل، وما ظهر عليه الأمر عند تدشين مرحلة البحث عن مشاورات أو تقاطعات مع أردنيين في العمق السوري الآن لإغلاق ملف أي تجاذبات أو خلافات والسعي لتطلع إلى الأمام.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading