اراء و مقالات

الأردن «تحرش وتحديث»: اذبحوا جامعة «لنعشي واوي» ونرجوكم «شطف الدرج من الأعلى»

حسنا فعلت فضائية «المملكة» التلفزيونية، وهي تحرص على ابلاغ الأردنيين بكل تفاصيل ما جرى في البحر الميت منتصف الأسبوع الماضي، تحت عنوان إطلاق مشروع تحديث المنظومة الاقتصادية.
وحسنا فعلت الشبكة نفسها، وهي تلتقط الى جانب فضائية «رؤيا» اللقطة المثيرة التي شوهد فيها رجل أعمال ملياردير يشرب أمام الكاميرات خليطا من سماد جديد ينتجه مع بعض المياه.
المشهد فانتازي على نحو أو آخر، لكن السؤال الذي طرحه ضيف عربي في المناسبة: لماذا غابت كاميرات وميكروفونات شبكات تلفزة عربية وعالمية عن الحدث؟
الحديث هنا عن حدث كبير كان يستوجب اشتباكا متلفزا بصورة مختلفة.
توفير مليون فرصة عمل والوصول الى إرضاء نسبته 80 في المئة على المستوى الشعبي واستثمارات بالمليارات ورجل أعمال ينتج سمادا ويشربه مخلوطا ببعض المياه.
كل تلك وقائع لطيفة ومهمة كان ينبغي أن يسمح للإعلام العربي والعالمي بتغطيتها أيضا، شريطة ألا يعتقد الشعب أن نخبته في البزنس في طريقها لإنتاج مشروب السماد بدلا من المياه.

مشكلة اسمها التحرش

تكفل تلفزيون الحكومة ببعض التفاصيل، فيما كانت فضائية «رؤيا» منشغلة، وبجرأة تحسب لها بعيدا عن الرؤية الاقتصادية، بطرح مشكلة مسكوت عنها لعقود في الأردن اسمها التحرش.
في تقديري تحرش بنا رجل الأعمال، الذي شرب خليط السماد إيجابيا، فقد وعدنا بزراعة تستهلك كمية أقل من المياه بنسبة 85 في المئة، شريطة أن لا يراجع أين منا عيادة طوارىء بعد تقليد صاحبنا.
باسم الشعب الذي سمع الكثير من الوعود، حتى ثقبت آذانه تماما أطالب بشربة سماد مماثلة لكل مواطن حتى نقتنع بالوعد الزراعي الجديد.
كل ما حصل في البحر الميت رائع ومدهش ونحن معه بالتأكيد.
لكن، وبصراحة، لا أعلم من أين سنأتي بعاطلين عن العمل جدد لملء شواغر في مليون فرصة سيتم توفيرها في 10 سنوات.
زميل خبيث اقترح، بعد وجود فائض من فرص العمل لاحقا استيراد بعض اللاجئين لإكمال المهمة.
الروعة تكتمل وتتوهج إذا ما أجابت جماعة تحديث المنظومات عن السؤال التالي: لماذا اعتقل بعض المعلمين بعد إعلان البحر الميت وهم ذاهبون للمشاركة في احتفال الاستقلال؟
لا أحد يبلغنا عن كيفية تحديث المنظومات بدون اعتقالات أو هندسة انتخابات وحريات.

التحرش وشعب القديسين

طبعا، في المقابل جلد جيش المعلقين الذي يميل لإنكار الحقائق في عمق المجتمع محطة «رؤيا» التلفزيونية لأنها تجرأت مهنيا، ولأول مرة على جمع 3 أطراف في مشكلة التحرش للتحدث معا وبصراحة على المباشر والهواء الحي.
أين هي المشكلة؟ الرجل متهم بالتحرش، قدم روايته ودافع عن نفسه وفتاتان ظهرتا على هاتف المحاور المتمكن الزميل محمد الخالدي وسردتا روايتيهما وفي الاستوديو معلقان موثوقان يضيفان للنقاش.
يستحق الزملاء في «رؤيا» التحية على موقفهم والشكر على تلك المهنية، التي لا غبار عليها، لا بل تشكل احتياجا ملحا لأن الأردن سياسيا بالفكرة المتخيلة وطن الصمود والتحدي، واجتماعيا، وطن الفضيلة، والقديسين.
آن الأوان للتحدث بالحقائق الاجتماعية كما هي.
آن الأوان أيضا لشطف الدرج من الأعلى بخصوص الإصلاح.

جامعة يتعشى عليها «واوي»

« لا تذبح جمل عشان تعشي واوي».
تلك مقولة أردنية شعبوية بامتياز، تتكرر في سياق التغطية التلفزيونية الدولية والإقليمية لما سمي بحادثة «متحرش التكنو» غفل التلفزيون الأردني عن تلك الحقيقة، التي تقول إن فايروس «واوي المنصات الإلكتروني» المتعطش للتسلل بخبث واصطياد الدجاجات لا ينبغي السماح له باصطياد سمعة واحدة من أرقى الجامعات العربية وأهمها أردنيا، وهي جامعة العلوم والتكنولوجيا.
«جامعة التكنو» كما يلاطفها الأردنيون في العادة هي الوحيدة بين أول 500 جامعة في العالم والوحيدة التي تقبل معايير كلية الطب فيها ضمن شروط البورد الأمريكي.
لكن في المقابل نتحدث عن جامعة «حصان أو جمل»، بكل ما يعنيه ذلك من معنى لها فضل على الأردنيين ولا يسيء لها حصول خطأ فردي إن حصل أصلا، وعلينا أن نحذر كل الحذر من معادلة الجمل والحصان والواي، الذي يتسلل إلكترونيا عبر منصات التواصل أحيانا فيبالغ ويفرط في التداول بلا رحمة.
«التكنو»، مؤسسة محترمة وطنيا وتصرفت بذكاء عندما طالبت الفتيات بكسر حاجز الصمت وشكل رئيسها «لجنة تحقيق» برئاسة «امرأة أكاديمية» لطمأنة المجتمع، ثم أحالت الملف للتحقيق القضائي.
ثمة «واوي صغير يتجول بيننا»، وهو لمن لا يعرفه من فئة الثعالب تربص بواحدة من أفضل الجامعات المحلية والعربية، وهو يعبث وعبر «فيسبوك» و»واتس آب».
سياسة المجتمع والحكومة في «ذبح الجمل لكي يتعشى الواوي» تحتاج اليوم لأن تتوقف مرة واحدة وإلى الأبد. دون ذلك لا نفع من تحديث المنظومات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى