اراء و مقالات

بعد «خطاب العرش» الأردني… حكومة «لا تشرح» وشارع غاضب وقلق

سؤال ضاغط: «إذا مدت إسرائيل يدها شرقاً كيف سنرد؟»

عمان ـ «القدس العربي»: يعيد ناشط أردني هو ماجد سليم – تفاعلاً مع «القدس العربي» ـ طرح السؤال القديم المتجدد:
إذا لم تفهم إسرائيل رسالة خطاب العرش الأخير، وإذا لم يوجد من يترجم لها خطابنا ومدت يدها شرقاً.. كيف سنرد؟
عند تقييم وتمحيص تفاعل الأردنيين ما بعد المعادلات التي رسمها خطاب العرش قبل 3 أيام، يظهر مثل ذلك السؤال بدون شكوك شغف الحالة الوطنية العامة ليس بطرح الأسئلة فقط، ولكن بالتحدث عن التفاصيل، حيث أهوال ما يجري في غزة وحصراً لأطفالها وبسطائها في الشمال تقرع كل أجراس المخاطر بالرغم من التأكيدات والتوضيحات الرسمية.
تعليق الناشط سليم، حاول التفاعل مع منصة «القدس العربي» الخاصة بالملف الأردني. لكن قبل ذلك بيومين على الأقل، طرح الخبير العسكري البارز اللواء محمد الصمادي، مقاربة علنية أيضاً تظهر استقرار المخاوف والهواجس عندما اعتبر أن « الأردن المستقر» لا يتعايش مع «مشروع نتنياهو بالدولة اليهودية» بعدما استدعى العدو في حربه على لبنان وغزة تلك المعتقدات التلمودية التي تشرعن قتل الطفل الرضيع قبل الإنسان الكبير.
ما قاله في الواقع الجنرال الصمادي وسط نخبة متابعين ومثقفين وسياسيين في ندوة استضافها المنتدى الإسلامي العالمي للوسطية، يظهر مجدداً ليس فقط نقص الرواية والسردية وشغف الشعب الأردني بالتفاصيل، ولكن يظهر بأن النخبة العسكرية من كبار المحللين المتقاعدين قد تخالف مع الرواية التي تحاول إما إنكار المخاطر أو تجاهلها.
ضرب الجنرال الصمادي عنصراً حيوياً في مسألة الحسابات والتقديرات، وقبله بفترة قصيرة كانت «القدس العربي» ترصد في ندوة أخرى مغلقة، تلك الجملة الاعتراضية الصريحة والصاخبة للجنرال المتقاعد أيضاً الفريق قاصد محمود، وهو يندد بأي سيناريو يحاول التخفيف من المخاطر على الأردن.
كان الجنرال محمود قد تحدث موسعاً مع «القدس العربي» في الماضي عن أوراق القوة في أي اشتباك أردني.

عنصر حيوي

مقاربة ما يجري للأطفال تحديداً في غزة، سمعت «القدس العربي» أيضاً وبالتفصيل وجهات نظر متعددة في انعكاساتها على الشعب الأردني على هامش جلسة نقاشية أخرى صاخبة بضيافة لجنة دعم غزة في حي الطفايلة بالعاصمة عمان.

سؤال ضاغط: «إذا مدت إسرائيل يدها شرقاً كيف سنرد؟»

مع تلك اللجنة، قال نشطاء الحي بوضوح، إن تجريف كل مؤشرات الحياة من جهة العدو الإسرائيلي في غزة لا يمكن قراءته إلا في سياق الاستعداد لاحقاً لإخضاع الشعب الأردني وإذلال مؤسساته، فيما أحد النشطاء المتحدثين يرفع من نبرة صوته وهو يطالب «القدس العربي» بأن تنقل على لسانه ما يلي: إذا صمتنا كأردنيين عما يفعله الكيان المجرم، لا نخون الوطن فقط بل نخون تراب أجدادنا وأطفالنا وعائلاتنا. الصخب ازدادت حدته في نقاشات الأردنيين، والتعبيرات التي ظهرت على الأقل في أذرع الإعلام الرسمي المحلية بعد خطاب العرش المهم لا تظهر بأن أحداً في الحكومة التقط الرسائل بذكاء أو يحاول ترجمتها بأي قدر من المهارة والمهنية للناس، لأن قواعد الاشتباك والمعادلات الأساسية رسمها في الواقع خطاب العرش في افتتاح دورة البرلمان.
لكن التفاصيل والحيثيات وشرح المعادلات للرأي العام مهمة الحكومة والنخب والأدوات، التي يبدو واضحاً أن أحداً في الصف البيروقراطي لم ينفذها بعد.
واقعياً، أي قراءة أفقية في المقالات والحيثيات التي تبعت خطاب العرش عززت مخاوف الأردنيين، مع أن القيمة المركزية في رسائل ذلك الخطاب المهم دستورياً هي التي تتحدث عن دولة راسخة في الأردن لا مجال للمجازفة بمستقبلها، ولن تتخذ سياسات تعرضها للخطر.
لسبب غامض لكنه مرتبط على الأرجح بخمول الحلقات الوسيطة البيروقراطية، لم تشهد عمان أي محاولات لترجمة منطوق ومحتوى خطاب العرش ورسائله العميقة لعموم الأردنيين؛ لأن بناء الرواية والسردية وظيفة الحكومة والمؤسسات في الواقع، ولأن القراءات التي ظهرت أو نشرت أو ترددت تبدو سطحية قياساً بالدلالات الأعمق المقصودة أو المطلوبة.

«الحاجة لخطوة داخلية»

لذلك يستنسخ كل سؤال عام سؤالاً آخر. ومع استمرار الحرب بشراسة على أهل غزة وجنوب لبنان وطول فترتها، تزيد رقعة مخاوف الأردنيين خصوصاً من الجزئية التي طرق بابها الجنرال الصمادي عندما تحدث في ندوته عن «إزاحة السكان من الضفة الغربية في اتجاه الأردن» فيما مقالات لكتاب محترفين ظهرت هنا وهناك تقر بوجود تيارات ووجهات نظر تتصارع في عمق مخاوف الأردنيين من حل القضية الفلسطينية على حسابهم.
يقود الجدال إلى استنتاج أشار له الكاتب الصحافي ماهر أبو طير علناً بعنوان «استمرار الشعور بالحاجة الى خطوة داخلية من نوع مختلف للتوافق على الثوابت وتحديد الأخطار والحلول بعيداً عن التهوين أو التهويل».
ما يقترحه أبو طير تحدث عنه كثيرون في الواقع وبجرأة وبعنوان يقول في صحيفة «الغد» تحديداً بأن رفع المعنويات بسذاجة لا يقف في وجه الأزمات فعلياً.
في المقابل، وإزاء الدلالات الواقعية التي زرعها خطاب العرش، وبعد 3 أيام منه، لا بد من الإشارة إلى قصور إجرائي وتنفيذي وبيروقراطي من جهة الحكومة وبقية المؤسسات في المتابعة والتفصيل والشرح، ولا بد من ملاحظة أن التيار السياسي الأعرض شعبياً، وهو الحركة الإسلامية، لم يعلق بعد على المضامين والمعادلات التي طرحت، وهو ما يبقي الأسئلة الشعبية على الأقل عالقة في مكان ما. وعلى الأرجح، ستبقى عالقة إلى أن تبادر أدوات الإدارة مع الحكومة للتحدث أكثر مع الأردنيين.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading