«حمقى» الكيان بعد تصويت الكنيست يثيرون المزيد من مخاوف الأردنيين: متى تتكئ الدولة على جبهة الداخل؟
قرار الكنيست قرأ من نخب أردنية بارزة باعتباره إسقاطا لمنطوق اتفاقية وادي عربة لأن الإستراتيجية الأردنية برمتها تمأسست على السلام الذي يقر بالحدود.
عمان ـ «القدس العربي»: لا تعليق رسميا أردنيا محددا أو مفصلا خارج سياق الشجب والتنديد والتحذير أو خارج سياق التفكير بما يسمى القانون الدولي بعد قرار الكنيست الإسرائيلي الأخير والخاص بقانون يمنع الاعتراف بدولة فلسطينية.
«إسرائيل ينبغي أن تحاسب وتعاقب» هذا ما قاله وزير الخارجية أيمن الصفدي تعليقا على ما يسمى بالقرار الاستشاري لمحكمة العدل العليا في لاهاي.
لكن كثيرين في المسار السياسي والإعلامي في عمان يرفضون التسليم بأن إصدار بيان تلو الآخر من الخارجية يستند إلى التذكير بالقانون الدولي هو الورقة الوحيدة الرابحة بيد الأردنيين.
«لا نملك ترف البقاء صامتين إزاء تداعيات العدوان» هذا ما ألمح له وزير الخارجية الصفدي عندما تحدث مع «القدس العربي» عن الخيارات والاشتباك وأهمية «وضع الرواية الإسرائيلية» أمام المجتمع الدولي في الموقع الذي تستحقه.
القناعة تزحف وتزيد بان قانون الكنيست المستحدث والذي ردت عليه ضمنا محكمة لاهاي بمداخلتها الاستشارية العريضة يخرج من السكة أو يسقط اتفاقية أوسلو.
وبالتالي قرار الكنيست قرأ من نخب أردنية بارزة باعتباره إسقاطا لمنطوق اتفاقية وادي عربة أيضا لأن الإستراتيجية الأردنية برمتها تمأسست على السلام الذي يقر بالحدود خلافا لخريطة سيموريتش الشهيرة.
الكاتب الأردني السياسي كمال ميرزا نشر مرافعة يعبر فيها عن الأسف لأن سلاح بلاده الوحيد هو التذكير بالقانون الدولي حيث إسرائيل وبدعم أمريكي وأحيانا غربي تضرب القوانين الدولية مرة تلو الأخرى عرض الحائط فيما يشير الوزير الصفدي مباشرة إلى أن المجتمع الدولي هو في الواقع الموضوعي مساحة المناورة الأساسية برد العدوان على غزة ولإنقاذ ما تبقى من سمعة عملية السلام.
قال الصفدي ذلك مباشرة بعد تصريحه الشهير بعنوان «اتفاقية وادي عربة ورقة يعلوها الغبار ملقاة في متحف».
المفاوض الوطني الأردني البارز الدكتور دريد المحاسنة قرأ أيضا مسابقة اليمين الإسرائيلي في حلقات التتبع مذكرا وعبر «القدس العربي» أيضا بأن الجانب الآخر لم يحترم أصلا في مرحلة السلام وقبل التطورات الأخيرة كل الاتفاقيات المبرمة في جوار ومحيط وجوهر وادي عربة.
أي رهان على احترام إسرائيل لوادي عربة في زمن اليمين المتطرف مضحك برأي المحاسنة. لكنه رهان ينسجم مع الوهم وفقا للرأي الذي سمعته «القدس العربي» أيضا من خبير بوزن الدكتور مروان المعشر فيما يطرح سياسي بارز هو الدكتور ممدوح العبادي تساؤلات بعنوان «إنكار المخاطر» فيما قرارات ووثائق حزب الليكود المصنف باليمين المعتدل الآن ترسم حدود إسرائيل الكبرى بما لا يعترف بوجود الأردن وبالصيغ التي انتخب قادة الليكود على أساسها.
الرهان على مقولات حل الدولتين والتمسك بأطراف ما يسمى بالقانون الدولي أصبح لعبة العاجز هذا ما يجمع عليه خبراء عدة في السياق الأردني هذه الأيام والقطب البرلماني خليل عطية يقول إن القانون الدولي لا يصلح حتى للدفاع عن نفسه والإسرائيلي يمزقه إربا.
جملة المخاوف وسط الأردنيين تصاعدت مؤخرا أكثر بعد الاحتمالات التي عززها المعشر عندما ربط علنا بين فوز دونالد ترامب المرجح بالانتخابات الأمريكية الرئاسية وبين تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن.
كل الضمانات التي تقدمها الدولة الأردنية لشعبها لا تنجح حتى اللحظة في احتواء الخوف والقلق. ولعل ذلك هو ما دفع المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين الشيخ مراد العضايلة إلى مقاربته العلنية الجديدة عندما اعتبر بان التحالف بين اليمين الصهيوني والأمريكي والأوروبي قادم لا محالة قائلا إن تصريحات الهولندي فلدر وتوقعات فوز ترامب تصب في هذا الاتجاه.
اقترح العضايلة بأن حمقى الكيان لا يمكن التنبؤ بسلوكهم السياسي خصوصا بعد عجزهم عن حسم المعركة عسكريا في غزة.
وبالتالي ثمة خطر وجودي قادم على الدولة الأردنية وهويتها ولا خيار أمام الأردنيين إلا تمتين جبهتهم الداخلية وما اقترحه العضايلة أيضا أن تتكئ الدولة على الجبهة الداخلية في ظل هذه المخاطر. وكل هذه التفاعلات تعني بالنتيجة بأن منسوب القلق يتزايد.
وما يلاحظه الخبراء عموما هو أن مؤسسات الحكومة الأردنية توقفت عن مخاطبة الجمهور وأن أحدا من كبار المسؤولين لا يتجرأ على الخروج إلى الشارع وتقديم ضمانات بخصوص الجبهة الداخلية والسيادية والسياسية بعد قرارات الكنيست الأخيرة والانتهاكات المتتالية للوصاية في القدس.
الأكثر إثارة تماما هو أن أذرع الإعلام الرسمي لا تناقش هذه الملفات وكبار الساسة الناطقون باسم مؤسسات القرار لا يظهرون للدفاع عن الخيارات والثوابت أو لشرحها على الأقل ولو بهدف طمأنة الاتجاهات العامة في سلوك غير مفهوم بعد قوامه الرهان فقط على الأمريكيين وحمايتهم، وعلى المجتمع الدولي فيما يتخذ يمين إسرائيل يوميا تموقعات حاسمة وخطرة جدا على المصالح الحيوية الأردنية.