ترامب يعرض: «الموت أو الانتحار» وهاكابي يمهد لهدم الأقصى … وإلى أهل الأردن: «شدوا بعضكم»!

كريستيان أمانبور، المذيعة الأمريكية الشهيرة، التي تصطاد الزعماء والوزراء لصالح قناة « سي أن أن» جربت حظها، من باب الاستدراك في باريس مع زميلنا الصحافي سابقا والوزير للخارجية الأردنية لاحقا، أيمن الصفدي، فسألته عن «محادثات» الليلة الكبيرة إياها مع الرئيس دونالد ترامب.
لسبب قد يبدو مفهوما، قالها الوزير الصفدي هذه المرة بـ»الفم المليان»: لا يوجد فلسطينيون لديهم رغبة في الهجرة إلى بلادنا أو يقبلون ذلك، ولا نريد من جهتنا المزيد من اللاجئين… نعم عبارة تستحق التصفيق.
من المتابعة المباشرة لنوايا الأردنيين الفلسطينيين، كما يقرأها كل من يشاهد تلفزيون «المملكة» وقناة «أخبار جنين» نزيد على كلام الوزير: ليس فقط لا يوجد أردني أو فلسطيني يقبل بالتهجير والتوطين، بل الجميع سيقاتل حرفيا في الاتجاه المعاكس، تلك قناعات مستقرة بعيدا عن ما تقرره الحكومات والقمم العربية، وما ينتجه من أفلام أكشن الرئيس دونالد ترامب.
قرر الصفدي التفاعل أكثر مع الكاميرا، وهو يعرض الوقائع: «35 في المئة من سكان الأردن لاجئون».
نعم صحيح، بالرغم من أن قناة «المملكة» الناطقة باسم البوصلة الرسمية في عمان لا تقول ذلك بصراحة: لا توجد دولة في العالم ينبغي لها أو يحتم قدرها أو تقتضي تحالفاتها أن يزيد عدد اللاجئين فيها على عدد مواطنيها.
انتحار سياسي
ذلك في الديمغرافيا «اختلال قاتل»، وأقرب صيغة لانتحار سياسي، ولا نبالغ إن قلنا اليوم إن الشعب الأردني بمختلف مكوناته لم يعد يرغب المشاركة في لعبة «تحويل البلد إلى مخيمات لاجئين ولوجستيات»، وبصرف النظر عن الرائع، التي كانت تقال للبسطاء أيام زمان.
المذبحة التي ارتكبتها ماكينة التحالف الأمريكي – الإسرائيلي – الغربي العسكرية ضد أهلنا في غزة قلبت المعادلات في عمق الشعب الأردني، حيث لا «ضمانة» إطلاقا بعد الآن، لا من السلام ولا من الصديق الأمريكي بأن لا يقصف المدرج الروماني، إذا ما أصر السفير هاكابي ما غيره على إسطوانة «ترامب – التلمودي»، كما وردت في قناة «فوكس نيوز».
ولا ضمانة بأن لا تتعامل قذائف مايك روبيو الجديدة زنة 2000 رطل، التي أرسلها لتل أبيب مع «حي عبدون الراقي» في العاصمة عمان، كما تعاملت قذائف أنتوني بلينكن –لا ذكره الله بخير حتى وفاته – كما تعاملت مع «جباليا».
الدولة الأردنية لم تعلق رسميا على تصريح هاكابي عن «إجراءات تلمودية سيتخذها السيد الرئيس ترامب بخصوص الملف الفلسطيني»، رغم أنها – أي الدولة – تعرف مسبقا بأن القصد المرجح هو «هدم المسجد الأقصى»، بعدما أصبح «ضم يهودا والسامرة» تحصيلا حاصلا.
العصابة، التي تحكم واشنطن وتل أبيب، لم تعد لا صديقة ولا شريكة، واستعراض الميكروفونات في البيت الأبيض، الذي أداره ترامب الأسبوع الماضي، وهو ينصب كمينا للأردن، خير دليل، حيث تسأل مراسلة «سي بي أس» المعتمدة ترامب «ما هو موقف الأردن؟» فيتشاطر العجوز السمسار بكلمتين ويحيل المايكروفون للجانب الضيف أملا في «اصطياد خائب».
تلك عصابة لا يوجد ما يردعها مستقبلا من قصف أطفال الأردن ومصر، تماما كما فعلت في غزة ومخيمات الضفة الغربية.
شدوا بعضكم
كل الحق الآن مع كل أردني وفلسطيني حر وشريف أصبحت «التسويات» المألوفة في الماضي وراء ظهره، فالمجزرة في غزة على حد تعبير الأغنية التراثية الفلسطينية «بتهز حتى الموت»، وإذا كان الشعب على ضفتي نهر الأردن أمام «خيارين في الموت»، أزعم أنه سيختار الصيغة، التي اقترحها مسلسل «الخديوي» المصري في مقدمته الموسيقية من قصيدة «وإما ممات يغيظ العدا».
من ينكر ذلك عليه ترديد المقطع الشهير للحاجة الفلسطينية اللاجئة في مدينة الزرقاء وهي تغني: «شدوا بعضكم يا أهل فلسطين والأردن.. شدوا بعضكم».
وما نقترحه ببساطة على زميلنا الصفدي في جولته المقبلة مع قناة «سي أن أن» أو مع «المزيونة» أمانبور أو حتى مع «الجزيرة» أن نغني في باريس ودافوس مع تلك الحاجة و»نشد بعضنا ولو قليلا».
في الأثناء يمكن إبلاغ الجميع أن الشعب الأردني يستضيف أكثر من»4 ملايين لاجىء فلسطيني» على الأقل، لديهم «حق عودة» ونحو مليوني نازح، هؤلاء لا تحرمهم «الجنسية» من المطالبة لا بتحرير الوطن الفلسطيني، ولا حماية وانقاذ الوطن الأردني.
ومن واجب الدولة الأردنية مساعدتهم ما دام روبيو يكمل مشوار «الإرهاب الأمريكي»، الذي بدأه بلينكن، عندما حضر للمتوسط على متن حاملة طائرات قائلا «جئتكم بصفتي يهوديا وليس وزيرا للخارجية».
للتذكير فقط، فإن غالانت المجرم تحدث مبكرا عن «حيوانات بشرية»! ونتنياهو الذي يخجل هتلر من مستوى وحشية جرائمه، خطب قائلا «اقتلوا كلابهم وقططهم أيضا و.. حميرهم»!
حتى الحمير في غزة قصفها «جيش الرب» شخصيا، لدي مصلحة كمواطن أردني بأن يعدل معالي وزير الخارجية خطابه قليلا، لأن في حديقتي المنزلية قطة تقيم إلى جانب أطفالي. وهي مستهدفة من المجموعة التي تدير العالم، ويمثلها المخبول السفير هاكابي، الذي قال ضمنا إنه سيحفر من أجل الهيكل المزعوم، بدون أي رد «عربي أو إسلامي» في انتظار «الموعود» في القمم العربية الوشيكة!