اراء و مقالات

ترقب شعبي لـ «خطاب العرش» في الأردن بعد «تهنئة» باستقلال فلسطين

تفاعل مع رام الله عشية «عام الضم»

عمان ـ «القدس العربي»: يسأل أردنيون بصورة أكثف وأكبر هذه الأيام عن غياب تعليقات وتصريحات وزير الخارجية النشط أيمن الصفدي، في الوقت الذي تغيب نسبياً فيه السردية الرسمية المرتبطة بعناصر الاشتباك مع مشاريع وأطماع وتوجهات واتجاهات حكومة اليمين الإسرائيلي، وعلى رأسها وأبرزها الخطط المعلنة بضم الضفة الغربية في العام 2025.
رغم غياب الوزير الصفدي عن مسرح الضوء والأحداث من دون مبرر علني على الأقل واضح، شهد الأسبوع الماضي جملة اعتراضية مرجعية مسيسة وعميقة لها دلالاتها عندما هنأ الملك عبد الله الثاني الرئيس الفلسطيني محمود عباس برسالة خاصة بمناسبة الذكرى الـ 36 لإعلان الاستقلال الشهير بالجزائر.
ملك البلاد وفي رسالته لعباس، أعاد التأكيد على الثابت الأردني الأساسي والمفصلي، وهو دعم حقوق الشعب الفلسطيني وإسنادها.
دون ذلك ودون تلك الجملة الاعتراضية المسيسة العميقة مجدداً وللأسبوع الثالث على التوالي، لا بيانات تمثل الناطقين الرسميين لا في الحكومة ولا في وزارة الخارجية، باستثناء التنديد بين الحين والآخر بقصف النازحين ومدارس الأونروا. المرحلة أقرب إلى الترقب الشديد للمستجدات بعد عاصفة التسريبات الإعلامية التي طالت وتطال الطاقم المعاون للرئيس الأمريكي الجديد المنتخب دونالد ترامب.

غياب الصفدي

غياب الوزير الصفدي عن التعليق والاشتباك برز كسؤال سياسي، والتهنئة المرجعية للرئيس عباس باعتباره عنوان الشرعية الفلسطينية، هو عنصر إضافي مهم في ترتيب المشهد.
والانطباع الذي رصده سابقاً عبر «القدس العربي» عدة مرات الخبير الدكتور جواد العناني، بعنوان ضرورة التشبيك مرحلياً بين مطبخين الأول في عمان والآخر في رام الله، قد يتقمص قريباً تشخيصاً في اتجاه تنشيط وتفعيل خلية أزمة أمنية استراتيجية مع السلطة الفلسطينية.
وما يتردد في وقت مبكر، أن الأردن ليس بصدد تبرير حالة تكيف من أي صنف مع مخاطر نوايا يمين إسرائيل المعلنة بضم الضفة الغربية رسمياً، وإخضاعها للسيادة الإسرائيلية.
ما الذي تستطيع كل من عمان ورام الله فعله معاً في المرحلة الحرجة المقبلة؟

تفاعل مع رام الله عشية «عام الضم»

سؤال يتردد بحزم وكثافة وسط النخب الأردنية هذه الأيام. والسياسي البارز الوزير السابق عدة مرات سمير الحباشنة، يؤكد في مناولة نقاشية حديثة مع «القدس العربي» أن التحرك محطة ضرورية وبأسرع وقت ممكن، مقترحاً أن الوقت قد حان لاستخدام واستعمال أوراق القوة الممكنة في التصدي والرد.
على المحك أطماع حقيقية من موتوري اليمين الإسرائيلي. والمؤسسة الأردنية مع الشرعية الفلسطينية سبق لهما أن تصديا للنسخة الأولى من صفقة القرن في الماضي، والإشارة هنا أن الأردن والسلطة الفلسطينية، قادران على نحو أو آخر على إخراج أي ترتيب يميني أيضاً عن سكته. وكل المطلوب اتفاق مركزي القرار في رام الله وعمان، على موقف موحد وكلمة واحدة.
وما تشير له أوساط متابعة في القرار الأردني، أن على الرئيس عباس أن يعدل في لهجته وتكتيكاته ويدفع في اتجاه توفير مساحات سياسية تساعد الأردن في التنسيق والتحرك من أجل دعم السلطة الفلسطينية.
تحصل كل هذه التطورات فيما تعلن الملتقيات الشعبية الأردنية الحراكية عن اجتماعات طارئة وعودة إلى الشارع رداً على المجازر والإبادة في شمال غزة وجنوب لبنان، لكن مع إضافة في بيانات الملتقيات هذه المرة تتمثل في عبارة «الدفاع عن الوطن الأردني».
العبارة الأخيرة مهمة؛ لأنها ترافق الفعاليات الشعبية الجديدة التي لم تكن تتحدث عن الدفاع عن الأردن في تظاهرات العام الماضي برمته بعد 7 أكتوبر، الأمر الذي يجعل مجمل مسار التطبيع والاحتفاظ باتفاقية وادي عربة قيد النقاش والضغط الشعبي.
كما يجعل السؤال حول استراتيجية الأردن في التصدي والرد، خصوصاً على مشروع ضم الضفة الغربية، وتحديداً في عهد ترامب مطروحاً وبقوة وعلى جميع الصعد الرسمية والسياسية والسيادية وأيضاً الشعبية والشعبوية.

خطر داهم

الخطر داهم في مقايسات خارطة النخب الأردنية التي تبدأ من نمطية تحضيرات شخصية من وزن الرئيس أحمد عبيدات وتنتهي إلى خطابات الملتقيات والمعادلة التي يقترحها المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين مراد العضايلة، والقائلة بأن الدولة والقيادة والجيش والشعب معاً في المواجهة.
المحطة الأهم وسط التساؤلات والنقاشات هي الانتظار العميق لمضمون خطاب العرش الذي سيلقيه ملك الأردن صباح اليوم الإثنين في افتتاح الدورة العادية للبرلمان، وسط مناخ محلي عام يغيب فيه اليقين السياسي وتتزاحم الأجندات والتحذيرات، فيما أغلب التقدير سياسياً أن خطاب العرش سيجيب عن أسئلة الشارع ويعيد ترسيم الثوابت المرجعية ويطلق شرارة الجاهزية للتعاطي مع مرحلة جديدة بعنوان الأولويات والتحديات.
يتوقع المراقبون الخبراء أن تحظى المسألة الفلسطينية بحصة وافرة من محتوى ومضمون خطاب العرش، فيما بين ثنايا الخطاب شرح وتوجيهات وتشخيصات باسم الحكومة قبل تدشين الموسم البرلماني الجديد وخارطة طريق مقترحة للتفاعل مع الوقائع الجديدة، ليس على المستوى الفلسطيني فقط ولكن على المنسوب الإقليمي أيضاً.
تترقب الأوساط السياسية الأردنية خطاب العرش بشغف. ويمكن القول مبكراً إن الاتجاهات العامة للدولة والقرار المركزي ستصبح أوضح عندما يستمع الشعب الأردني قبل ظهر الإثنين لخطاب مؤسسة عرشه بعيداً عن التهويلات والتأويلات وحتى عن السيناريوهات التي تبالغ بدورها في إنكار المخاطر.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading