اراء و مقالات

«تنبيه» بلهجة العودات للإسلاميين…. حكومة الأردن: كيف ومتى ستدفع «فاتورة الانفتاح؟»

لا يجادل الإسلاميون في الموقف الرسمي لكنهم يطالبون بانعكاس نبض الشارع على إجراءات توقف عملية التطبيع مع إسرائيل ويطالبون بخطوات احترازية.

عمان ـ «القدس العربي»: يتقدم وزير الشؤون السياسية والبرلمانية في الحكومة الأردنية عبد المنعم العودات خطوة مرسومة إلى الأمام وهو يستقبل قبل أيام قليلة وفدا يمثل حزب جبهة العمل الإسلامي أكبر أحزاب المعارضة في البلاد ويرسم في الأثناء حدودا لأصول اللعبة على أساس المشاركة السياسية.

أبلغ العودات الوفد الذي ترأسه وائل السقا الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي وحزبها بأن الحكومة معنية بالانفتاح والتواصل مع جميع الأطياف الحزبية لكنه ضمنا قرر أن يحذر من «التشكيك بالموقف الرسمي إزاء تطورات الأحداث في الإقليم هو جزء من الأجندات المشبوهة».
لم يصدر أي توضيح من الحكومة عن الخلفية التي تدفعها لإبلاغ الإسلاميين بأن التشكيك بالموقف الرسمي ستعتبره الحكومة أو تصنفه جزءا من أجندات مشبوهة.
عبارة «أجندات مشبوهة» تتلاقفها بعض الأقلام بمناسبة وبدونها وتطال حصرا التيار الإسلامي أحيانا بهدف شيطنته مع المقاومة، الأمر الذي لا يعتقد أنه دخل في حسابات الوزير المخضرم العودات.
منطق العودات وهو قانوني وبرلماني خبير بعيد عن التشكيك بالمعارضة، بالمقابل واللافت جدا في المسألة أن التيار الإسلامي الأردني لا يتبنى أي تشكيك بالموقف الرسمي، لا بل مؤخرا صدرت بيانات ومذكرات علنية تشيد بالموقف الرسمي على أكثر من صعيد وفي أكثر من اتجاه ما لم تصنف بيانات تطالب بإجراءات ضد إسرائيل وضد التطبيع باعتبارها جزءا من التشكيك بالموقف الرسمي خصوصا في جزئية التوافق الوطني العام على «مخاطر اليمين الإسرائيلي».
خلافا للتوقعات تقارب الإسلاميون من الحكومة الجديدة التي شكلت بعد الانتخابات برئاسة الدكتور جعفر حسان.
ويستن الوزير عودات سنة حميدة عندما «يستقبل» رسميا حزب جبهة العمل الإسلامي قبل غيره من بعض أحزاب الوسط.
سبق ذلك بيانات تصدر عن التيار الإسلامي تشيد بالمواقف التي يعلنها وزير الخارجية أيمن الصفدي وبالموقف الذي أعلنه الملك عبد الله الثاني في نيويورك على هامش الاجتماعات الأممية الأخيرة، فيما صدرت بتوقيع المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين عدة بيانات تثمن المساعدات التي ترسل لأهالي غزة لا بل تدعم المؤسسة العسكرية وتشيد بخطواتها في إطلاق التجارب لصواريخ بعيدة المدى.
كل تلك البيانات الإيجابية صنفت سياسيا باعتبارها مؤشرا يقول فيه الإسلاميون بأنهم راغبون بالانفتاح على الدولة والسلطة والمؤسسات الرسمية في المرحلة اللاحقة خصوصا بعدما اعتبرت نزاهة الانتخابات هي الرافعة التي قفزت بجماعة الإخوان المسلمين إلى سدة الكتل البرلمانية في انتخابات 10 أيلول/سبتمبر الماضي حيث فاز التيار الإسلامي وتربع عمليا على الصدارة فيما يتعلق بكتل البرلمان الصلبة والمسيسة.
يشيع الإسلاميون عمليا مناخات إيجابية في التعاطي مع المرحلة ولا يجادلون في الموقف الرسمي ولا يشككون فيه لكنهم يطالبون بانعكاس نبض الشارع على إجراءات توقف عملية التطبيع مع إسرائيل لا بل يطالبون في بياناتهم مرة تلو الأخرى بخطوات احترازية تحت عنوان استعدادهم للمشاركة في حماية الوطن من أطماع اليمين الإسرائيلي.
الأطماع التي يتحدث عنها الإسلاميون وغيرهم لا تناقشها الحكومة ولا تنفيها ولا تؤكدها إلا في اطار نمو واضح لقواعد الاشتباك مع حكومة اليمين الإسرائيلي.
التناغم مع الإسلاميين بدأ أصلا بلقاء عقده رئيس الوزراء الجديد عندما كلف بتشكيل الحكومة مع المهندس وائل السقا ووفد آخر لحزب الجبهة وباكورة الحوارات التي قرر أن يجريها الوزير العودات مع الأحزاب السياسية بدأت عمليا بأكبر تلك الأحزاب مع انها تمثل المعارضة.
الرسائل في رسم حدود قواعد اللعب مع وزارة الشؤون السياسية والحكومة عنوانها العريض الآن هو لفت نظر الإسلاميين إلى ضرورة تجنب التشكيك في المواقف الرسمية.
الظرف الذي يدفع الوزير المختص بالملف السياسي العودات إلى رسم هذا التحديد لم يتضح بعد، لكن أغلب التقدير أن هدف الحكومة أن يفهم التيار والشارع بأنها ستذهب في اتجاه الانفتاح السياسي وستسمح بتعبيرات الحراك الشعبي المناصر للقضية الفلسطينية لكن بدون المساس بالمعادلات المرتبطة بمصالح الدولة العليا وتوازناتها وتحالفاتها.
الحكومة بالنتيجة قد لا تجد نفسها بصدد التسامح مع أي محاولة للتشكيك بمواقف الدولة تجاه القضية الفلسطينية علما بأن الحركة الإسلامية الأردنية في الواقع آخر من يشكك وأن كانت أول من يطالب بوقف جميع أشكال التطبيع مع الإسرائيليين على أساس منهجي يقول بوجود أطماع يمينية لتصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن.
هنا حصرا يتضح أن وزارة الدكتور جعفر حسان تنقل عدوى الانفتاح السياسي المباشر مع القوى السياسية في المجتمع إلى الوزراء والأوضح بعد حضور الوزير العودات للقاء رئيس الوزراء مع وفد نقابي ثم لقائه قادة جبهة العمل الإسلامي، أن الملف السياسي بمعناه البرلماني والحزبي سيتحرك به العودات بشكل خاص ومستقل في المرحلة المقبلة.
لكن ما لا يعلمه المختصون بعد هو تلك المسافة التي يمكن أن تذهب إليها حكومة حسان فيما يتعلق بملف العلاقة برمته مع الحركة الإسلامية داخل قبة البرلمان وخارجه حيث غموض لا يستهان به بالإطار.
وما لم يعرف بعد مدى استجابة هذه الحكومة وطاقمها إلى إمكانية دفع كلفة وفاتورة مظاهر والتزامات الانفتاح السياسي خصوصا وأن وزارة حسان مصنفة باعتبارها الوزارة التي كلفت بإكمال برمجة مسيرة التحديث السياسي في البلاد.
سؤال الكلفة والفاتورة والقابلية سيبقى يطارد الحكومة الجديدة والمؤشرات التي تضع الانفتاح السياسي مع القوى النقابية والشعبية قد تكون إيجابية.
لكنها ستصبح سلبية إذا لم تنته بمعادلات متزنة وبفواتير يعلم الجميع من الذي ينبغي أن يدفعها.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading