اراء و مقالات

جيل شاب ينكأ السؤال «الجارح»: أين سيقف ترامب إذا هاجمتنا إسرائيل؟

الأردن والثقة بحكومة جعفر حسان…

عمان ـ «القدس العربي»: لعل رئيس الوزراء الأردني الجديد الدكتور جعفر حسان، لا يملك «الإجابة المقنعة» على السؤال السياسي المهم الذي وجهته له عضو البرلمان الشابة والتي قد تكون الأصغر سناً بين نواب برلمان عام 2024 بعنوان «هل التحالف مع الولايات المتحدة يضمن لنا كأردنيين استقرار المملكة في ظل الدعم أمريكا المؤكد دوماً لإسرائيل؟».
النائب الشابة راكين أبو هنية، تقصد طبعاً التأشير على تلك العلاقة العميقة بين يمين تل أبيب ويمين واشنطن في مرحلة الرئيس دونالد ترامب، وتأثيرها على مصالح الأردن الأساسية.

سؤال برلماني مهم

سؤال أبو هنية وعلى مدار يومين من نقاشات مجلس النواب للبيان الوزاري لحكومة حسان، قد يجلس بوقار وحيداً في مستوى «الأسئلة السياسية الوطنية المهمة» التي طرحت على الحكومة خلال النقاش العام بالثقة بها.
طبيعي القول إن الدكتور حسان سيحصل في النهاية بسبب توازنات قوى الأمر الواقع، على «ثقة البرلمان» بدون الاضطرار للإجابة عن أحد أكثر الأسئلة المنتجة للحيرة وسط الأردنيين، وهو بكل حال سؤال سبق أن طرحه علناً المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين الشيخ مراد عضايلة، عندما لوح ترامب نفسه بـ «توسيع إسرائيل».
عملياً، كل ما قاله في «السياسي العميق» الرئيس حسان تحت القبة، عبارة بلا آليات ولا تعني الكثير بعنوان «حل القضية الفلسطينية في فلسطين». لكن الحكومة التي يغلب عليها طابع «التكنوقراط الاقتصادي» لا تستطيع الجزم بتقديم أي إجابة من أي صنف مقنع على عضو البرلمان الأصغر سناً بين رفاقها، راكين أبو هنية، التي توقع كثيرون لها بصمة مرسومة في الخطاب السياسي، فيما ظهرت الجملة التكتيكية والسياسية غائبة عن عدد لا يستهان به من زملائها في كتلة جبهة العمل الإسلامي.
السؤال الأهم في الواقع، سبق أن طرحه العضايلة وسياسيون آخرون بلغة أوضح: إذا حصل تعارض أو تعاكس بين «اعتداء اليمين الإسرائيلي» على الأردن مستغلاً ظروف الإقليم وبين إدارة الرئيس ترامب… أين ستقف واشنطن «اليمينية»؟
بعض المقترحات ذهبت في سؤال أبو هنية، الذي تحول الآن إلى «سؤال برلماني» ستتجاهله الحكومة بصورة مرجحة إلى منطقة أكثر إزعاجاً: «إذا هاجمت إسرائيل الأردن لأي سبب وبأي وقت… مع من ستقف القواعد العسكرية الأمريكية في الأرض الأردنية؟

الأردن والثقة بحكومة جعفر حسان…

أي مسؤول أو سياسي أردني رسمي إذا طرح عليه السؤال الأخير، سينضم فوراً إلى قائمة «سوء الحظ» وبالطبع ما تفضله أي حكومة -برأي السياسي الدكتور رامي عياصرة- هو عدم طرح مثل هذا السؤال من حيث المبدأ، وإن كانت كل الفرضيات ـ بتقدير العياصرة ـ يجب أن تدرس في إطار توافق ووطني وحوار منتج عبر مؤسسة البرلمان بدلاً من الإجابات الفرضية.
سواء قصدت أم لم تقصد، سلطت البرلمانية الشابة أبو هنية الضوء عبر قبة البرلمان وفي أول منازلة خطابية لها، السؤال الأكثر غموضاً وإنتاجاً للإرباك، وإن كان المخضرم رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز قد انفرد بدوره وطنياً في مشروع إجابة عن «أسئلة الشارع القلقة» عندما أعلن أن «الأردن لن ينتحر من أجل أي قضية».
بالتوازي، التقدير الأرجح أن سؤال أبو هنية حاضر وبقوة مرحلياً، ليس وسط النخب السياسية فقط لكن في أقنية الدولة العميقة أيضاً التي استعدت حوارياً منذ أكثر من 3 أسابيع وعبر اجتماعات سيادية حاولت معرفة ما الذي ينبغي الاستعداد له عند التقابل مع برنامج الرئيس ترامب.
طبعاً، الدولة الأردنية تملك كل الخبرات العميقة التي تمكنها -كما فعلت لعقود- من القفز بين الألغام وملاعبة الكمائن والمطبات، حيث لا يستطيع التيار الإسلامي أو غيره الاستهانة هنا لا بالقدرات ولا بالخبرات بصيغة بدأت أهم الخطوات أساسا عبر ما وصفه السياسي الخبير طاهر المصري وأمام «القدس العربي» الأسبوع الماضي، بالتموقع في «منتصف المسافة» لإدارة الاتجاه بصورة أفضل بعد اكتشاف أفضل الطرق للتعاطي مع «الحقبة الترامبية « الجديدة.
سؤال النائب أبو هنية مقصود، ولا صلة له بحيثيات الثقة.
وبالأساس، ليست وزارة حسان هي الجهة التي تملك إجابة عليه، ورئيسها «لن يجيب» علناً وفرضياً حتى لو توفرت لديه إجابة، فيما ينتقل الاستفسار إلى مجمل الزوايا الوطنية ووسط الشارع بكثافة حتى على لسان صغار المتظاهرين، تنديداً بإسرائيل وحربها، ودعماً للشعب الفلسطيني ومقاومته.
والأرجح أن الدولة ستحصل على «إجابة ما « لاحقاً بعد مرحلة أساسية وشيكة من «الاستشعار والاستكشاف».

«مرحلة التكيف»

وبعدما ارتفعت نسبياً تعليقات وتصريحات توحي بأن «مرحلة التكيف» على أساس حماية «المستقبل والمصالح» بدأت فعلاً للتو ابتداء من القيم العريضة والأساسية التي تضمنها خطاب العرش في افتتاح دورة البرلمان الذي سيمنح الثقة لحكومة حسان بالتأكيد على الرغم من كل التحرشات المناكفة سياسياً، من أبو هنية أو غيرها من «نواب الجيل الجديد».
نقاشات البرلمان غادرت بمعظمها مربع الملف السياسي، لأن النواب يعلمون مسبقاً بأن الحكومة ليست «جهة اختصاص» على الأرجح، فيما الاستكشاف الذي يعتقد أنه سيلامس قريباً في واشنطن محطات أساسية، قد ينتهي بإنارة الطريق ولو نسبياً، وتوفير إجابات يمكن أن تقال بدون تسرع لعموم الأردنيين.
مع ذلك، إن نكت بعض مداخلات الإسلاميين أكثر من غيرهم، جرح الأسئلة الحرجة من الصنف الذي لا أمل بالتفاعل معه بدون «احتكاك وصدام بالخيارات واختبارات مباشرة».

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading