حراك نشط في منزل الرئيس عباس في العاصمة الأردنية: تبادل «أرشيف المعلومات» الأمنية وتحريك «خلية الأزمة»
أدبيات «مواجهة» دبلوماسية على محور عمان – رام الله
بالتزامن، تواجدت القيادة الفلسطينية في العاصمة الأردنية عمان، وبدأت مباحثات «أزمة مشتركة» على أساس «إنقاذ أمل السلام» والاستعداد لمواجهة «قتل السلام» على حد تعبير وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي وهو يستقبل أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الدكتور صائب عريقات.
منزل الرئيس محمود عباس في عمان شهد حراكاً حيوياً خلال اليومين الماضيين، وبدأت الاتصالات تتكثف حتى عبر القنوات الأمنية، حيث مدير المخابرات الفلسطينية ماجد فرج، وحيث زيارات لمبعوثين ومسؤولين من الدولة الأردنية العميقة وتبادل معلومات، وحيث القيادي جبريل الرجوب.
وأيضاً حيث وجود عدد كبير من كبار موظفي الأجهزة الفلسطينية ومسؤولي الملفات في عمان، تمهيداً لعملية «تعاون غير مسبوقة» مع الدولة الأردنية، كما أشيع في أوساط الرئيس عباس.
يتجه الطرفان بوضوح نحو إعادة إحياء «خلية الأزمة» التي شكلت سابقاً ولم تتنشط، والمطلوب اليوم – حسب معلومات «القدس العربي»- تنشيطها في مواجهة احتمالات عودة اليمين الإسرائيلي للحكم بعد حل الكنيست.
الخلية نفسها كانت قد شكلت من عريقات والصفدي ومديري المخابرات في الجانبين قبل عامين، لكن عملها لم ينجز بالصورة المأمولة، فيما بدا واضحاً أن الرئيس عباس راغب الآن بوقف أي تجاذبات أو خلافات مع الأردن واستعادة الثقة متكاملة للعمل الثنائي وعلى أساس المصير المشترك.
صدرت توجيهات من الرئيس عباس بوضع كل المعلومات الفلسطينية بعد الآن بين يدي المؤسسات الأردنية، وبعد وصول معلومات لرام الله عن إمكانية إجراء اتصالات بين عمان وقيادات في حركة حماس في إطار تنسيق الأردن لجهوده في التصدي للمرحلة اللاحقة. وعمان كانت قد لاحظت مؤخراً بأن مسؤولين بارزين في السلطة يستمرون في «إخفاء معلومات» عن الجانب الأردني، الأمر الذي انتهى بالاتفاق فعلاً على تجديد عمل خلية الأزمة والتنسيق على أرفع المستويات.
وعلى جبهة موازية كان العاهل الأردني يستقبل، قبل ثلاثة أيام، نخبة من أعضاء البرلمان الأردني الممثلين لبعض المخيمات وبعض أركان المجلس النيابي، في حديث تم التأكيد فيه مجدداً على «ثوابت الأردن» في القضية الفلسطينية.
في اللقاء، أشار الملك إلى أن بلاده لن تغير موقفها في ملف القدس، وستواصل تضامنها مع الشرعية الفلسطينية، ولن تقبل الإجراءات الأحادية الإسرائيلية التي تؤدي إلى قتل عملية السلام والمساس بجوهرها واتفاقياتها، بما في ذلك ضم الأغوار وشمالي البحر الميت.
ويعتقد مسؤولون في القصر الملكي الأردني بأن تأخر فرصة ما يسمى بصفقة القرن بالولادة وترتيبات الإدارة الأمريكية واستمرار أزمة تشكيل الحكومة في تل أبيب.. من المعطيات التي ينبغي استثمارها أردنياً وفلسطينياً.
أحد المسؤولين في الديوان الملكي الأردني قال لـ»القدس العربي»: ثمة هامش للتحرك المكثف الآن، وعلينا استثماره؛ لأن الطرفين الأمريكي والإسرائيلي يخفقان حتى اللحظة بتسويق خيار دفن «حل الدولتين» أو ترويج الاعتراف الأمريكي بالمستوطنات، والذي قد يعقبه الإقرار بضم مناطق «سي» في السلطة الفلسطينية والضفة الغربية إلى إسرائيل.
المسؤول نفسه أكد أن القيادة الفلسطينية بصدد التحرك والمواجهة، وتم إبلاغ الجانب الفلسطيني بأن الخيار الوحيد المتاح هو التحرك مجدداً في عمق المجتمع الدولي، وعلى طريقة التحرك الذي انتهى دبلوماسياً بتصويت لصالح بقاء أعمال وكالة الغوث للاجئين لثلاث سنوات، مؤخراً.
وفي هذا السياق، يعتقد السياسي البارز عدنان أبو عودة أن المواجهة أصبحت حتمية الآن سياسياً ودبلوماسياً، ويرى في نقاش حول المستجدات مع «القدس العربي» بأن اليمين الإسرائيلي يحاول بوضوح «حسم» مسألة الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية، وهو يلوح بضم الأغوار وشمالي البحر الميت.
الوزير الصفدي، وبعد استقبال عريقات، استعمل عبارات «صدامية» دبلوماسياً مع الأجندة الإسرائيلية، وتحدث عن «عملية قتل منهجية لعملية السلام» وعن التحرك في العالم لـ»إنقاذ أمل السلام».
في الوقت نفسه، أحضر عريقات ما في جعبته من «مجاملات بالجملة» وهو يعلن بأن السلطة تعرف طبيعة الأزمة الحالية في العلاقات بين الأردن وإسرائيل جراء الإجراءاءت الأحادية، واعتبر أن القيادة الأردنية اتخذت موافقة تستوجب الشكر إزاء محاولات قتل الأمل في السلام، مشيراً إلى تحرك ثنائي دولي في السياق.
على الهامش، كان رئيس الوزراء الأردني الأسبق طاهر المصري قد حذر علناً من الصمت على «لعبة تصفية القضية الفلسطينية» وبصيغة تعيد تأهيل إسرائيل في المنطقة وتحسم الملفات من طرف واحد، معتبراً في حديث لـ «القدس العربي» بأن «شكل المنطقة سيتغير» بالترسيم الإسرائيلي، ومصالح المملكة الأردنية الهاشمية والنظام الرسمي العربي ستصبح «في مهب الريح».
بوصلة «المخاوف» الأردنية الفلسطينية رجحت كفة إطلاق عملية «تصعيد مبرمجة» في تبادل المعلومات وتدشين مرحلة جديدة تتوقف فيها الاجتهادات ومظاهر العمل الفردي مع السلطة الفلسطينية، الأمر الذي يعتقد سياسياً أنه وراء الحراك النشط في وزارة الخارجية الأردنية خلال اليومين الماضيين وفي منزل الرئيس عباس بضاحية عبدون الراقية في العاصمة عمان.