اراء و مقالات

حسان في زيارة خاصة لواشنطن: بعد صدمة الجمارك والمساعدات … «محطة ترامب»… أين يقف الأردن؟

عمان- «القدس العربي»: يعود رئيس الوزراء الأردني الدكتور جعفر حسان إلى عمان من زيارة خاصة جداً بمدلول سياسي واقتصادي يقف خلالها على محطة واشنطن، دون تحديد هوية المسؤولين الذين سيتمكن رئيس الوزراء الأردني من التفاوض معهم بين ممثلي الإدارة الأمريكية.
زيارة حسان إلى واشنطن هي الأولى خارجياً بعد تشكيل حكومته منذ عدة أشهر، وتحظى بالتأكيد بضوء أخضر أمريكي محصور فيما يبدو بملف التفاوض الجمركي بعد صدمة الاقتصاد الأردني ورجال الأعمال وكبار المصدرين بالنسبة التي فرضها ترامب جمركياً على الأردن، والتي وصلت إلى نحو 20 % على الأقل.
يفاوض الدكتور حسان فنياً بصورة أساسية، ويلتقي المسؤولين المباشرين عن قطاعات الاستيراد والتصدير في الولايات المتحدة.
لكن ما يقترحه الخبير الاقتصادي البارز الدكتور جواد العناني، هو أن وقوف حسان على محطة واشنطن له جانب سياسي أيضاً على أساس استكمال ما بدأه الملك عبد الله الثاني مع الرئيس دونالد ترامب، ثم التركيز على سعي حكومة حسان لاستمرار المساعدات الأمريكية التي سبق لترامب أن علقها مؤقتاً.
ملف الرسوم الجمركية ينظر له في عمان باعتباره ملفاً فنياً وتقنياً، لكن المساعدات ملف سياسي بامتياز.
وما يسجله حسان وطاقمه الاقتصادي نقاط نشطة وفعالة مرتبطة فيما يبدو بنظرة تأملية واقعية وتأخذ باعتبارها كل الاحتمالات في ملف المساعدات الأمريكية، الذي شكل التلويح بتعليقه سابقاً صدمة حقيقية لا يمكن إنكارها، وتأخذ بالاعتبار من جانبها إمكانية حصول تغيير من جانب الإدارة الأمريكية لأسباب سياسية، وأحياناً إسرائيلية. يتجاوز حسان في زيارته التي ينهيها مساء الأربعاء عملياً÷ الاسترسال في الحسابات السياسية أو الإعلامية.
وما يحسب لطاقمه الاقتصادي أن برنامجاً خاصاً ووطنياً وجديداً بعنوان تدشين مرحلة الاعتماد على الذات، يتم تجهيزه بكثافة وبمهنية خلف الستائر، مع ترك مساحة للمناورة والتفاوض مع الأمريكيين توحي بأن الأردن ليس بصدد التأزيم والتصعيد اقتصادياً، ولا يزال مهتماً باستمرار المساعدات.
ذلك في لهجة البرمجة السياسية لا يعني إلا أن حكومة حسان تفاوض على بقاء واستمرار المساعدات الأمريكية، لكنها تلجأ في الوقت ذاته إلى تجهيز البنية الوطنية الداخلية لحالة يمكن ولادتها فجأة وفي أي وقت، بعنوان تقليص الاعتماد على المساعدات الخارجية عموماً. التعاطي مع كل الاحتمالات والسيناريوهات هنا تقنية فعالة، برأي رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي، الذي تحدث أمام «القدس العربي» عن تاريخ من علاقات الصداقة مع الولايات المتحدة، وكذلك برأي الدكتور العناني الذي شرح في تصريح نقلته صحيفة «عمون» الإلكترونية، بعض الجوانب والإشارات في مدلولات زيارة حسان لواشنطن ذات البعد التقني والفني، وأيضاً ذات البعد السياسي، حيث سيتمكن رئيس الطاقم هنا بحكم صداقات وعلاقات سابقة مع قيادات في الكونغرس والحزب الجمهوري، من تلمس أو اختبار نوايا إدارة الرئيس ترامب تجاه الأردن في مجال المساعدات الاقتصادية.
يحصل حسان في واشنطن على معطيات ومعلومات وتقديرات تفيد طاقمه الوزاري المختص في بناء تصورات واقعية للميزانية العامة للدولة.
رغم وجود خلافات فنية دفعت الأردن لتلقي ضربة جمركية بنسبة 20 % فإن العناني يتوقع أن تتمكن حكومة حسان من خفض تلك النسبة إلى 10 %، وهو إنجاز في كل حال إن تم تحقيقه فعلاً، مع أن هدف الوفد الأردني سيكون العودة إلى المعادلة الصفرية في فرض رسوم وجمارك على الصادرات الأردنية.
لذلك، تبدو مفاوضات الدكتور حسان مهمة ومثيرة، وإن كانت مؤشرات التصنيف السياسي تدفعه ضمن قائمة أصدقاء الحزب الجمهوري، فيما الانطباع عند الصفدي وغيره من رجال الدولة مجدداً، أن مصالح الأردن الأساسية ترتبط بالمؤسسات الأمريكية العميقة وليس بالإدارات المنتخبة فقط.
وهو الأمر الذي قدر سياسيون بأنه تعرض لاختبار مباشر أعقب الزيارة الشهيرة التي قام بها الملك عبد الله الثاني إلى واشنطن، حيث اضطر الرئيس ترامب لاحقاً شخصياً، إلى مخاطبة الشعب الأردني مباشرة وامتداح دور الأردن في الاستقرار الإقليمي. فنياً، المعايير التي اعتمدها طاقم السفارة الأمريكية في عمان عند اختيار نسبة 20 % من الرسوم الإضافية على الواردات الأردنية، تردد أنها مرتبطة بخلل في الميزان التجاري لصالح الأردن وبملف آخر له علاقة برسوم جمركية مفروضة في عمان على السيارات الأمريكية.
أظهر الجانب الأردني في الاتصالات الأولية مرونة كبيرة للقيام بأي تعديلات مطلوبة، فيما قرر المرجع الاقتصادي مبكراً أن عمان لن ترد على ترامب بالمثل في جزئية الرسوم الجمركية، لا بل ستنتظر ما تقرره الدول الكبيرة ثم ستذهب إلى التفاوض جمركياً.
لا يمكن معرفة سقف المنتج والمنجز الذي يحققه رئيس وزراء الأردن في واشنطن بعد مفاوضات عميقة. لكن المحاولة بحد ذاتها مسيسة وتحسب لحكومة حسان التي رفضت الإصغاء إلى لهجة رد الفعل والتصعيد، ودخلت في حالة كمون تكتيكية، وانتظرت التفاوض. ومع قناعة على مستوى الخبراء بأن بقاء نسبة الـ 20 % المضافة على الصادرات الأردنية مسألة تعود بنتائج سلبية للغاية على الاقتصاد الوطني الأردني، فقد أربكت عند فرضها قبل تعليقها الأسواق وعطلت اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين، ونتج عنها مظاهر قلق وارتياب في قطاع الأعمال، وهي عناصر قرر حسان مناقشتها مع الأمريكيين بدلاً من التعاطي معها إعلامياً.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading