Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اراء و مقالات

رد أعيان ونواب الأردن على «خطاب العرش»: ارتفاع قيمة «التحديث»… جذر «القلق الملكي» والجرأة في مواجهة إسرائيل

عمان – «القدس العربي»: التقاط ما هو جوهري في ملف التحديث السياسي والاقتصادي في الأردن بقي الخطوة الضرورية لدى الأعيان والنواب في ردهما الدستوري ظهر أمس الأربعاء على خطاب العرش الملكي الذي كان قد تضمن توجيهاً مباشراً يطالب غرفتي سلطة التشريع بدعم وإسناد التحديث بمساريه.
النواب والأعيان في الرد بصيغته الدستورية، التزما بهذا الإسناد والدعم، لكن السؤال -سياسياً- بقي عالقاً: ما الذي يعنيه ذلك بصورة مباشرة؟
الإجابة قد تؤشر بأن استراتيجية التحديث المعلنة والموثقة لا تزال هي المعتمدة كبرنامج عمل وطني بالرغم من كل ما يقوله أحياناً خبراء الاقتصاد عن ضعف بنية التنفيذ للرؤية الاقتصادية، أو ما يقوله دعاة السياسة ونشطائها عن انحراف في بوصلة التحديث السياسي مارسته المؤسسات البيروقراطية التنفيذية طوال عامين، بحيث يمكن في حال الاستمرار بالصمت عليه، أن يؤدي إلى تشويه مسيرة التعددية الحزبية.
خطاب العرش الأخير في النص، أعاد إنتاج الثابت المحلي الوطني بشأن تحديث بمساريه الاقتصادي والسياسي، مع عبارة شرطية مفصلية عنوانها أردنة العمل الحزبي ووطنيته، ثم الالتزام بالقانون.
لكن الأهم عند استعراض رد المجلسين على خطاب العرش على هامش استقبالهما، الأربعاء، من جهة القصر الملكي، ليس فقط التذكير بأن التحديث لا يزال الإستراتيجية الوطنية المعتمدة، ولكن الحث الضمني للسلطتين التنفيذية والتشريعية على تجويد صناعة التحديث، بمعنى حرص السلطتين على رعاية السياق التنفيذي لمساري التحديث.
هنا حصراً في التأويل والتفسير، يبرز واجب السلطة التنفيذية أو الحكومية بالعمل على تثبيت أركان الخطط التنفيذية والإجرائية والبيروقراطية في ضوء ما يتطلبه وينص عليه التحديث بالمسارين، فيما واجب السلطة التشريعية مراقبة ذلك تحت عنوان الدعم الكبير والإسناد للرؤية الملكية. وهو عملياً ما تطرق له في الرد كل من رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز، ورئيس مجلس النواب الجديد مازن القاضي.
حرص الفايز على التذكير بأن مجلس الأعيان سيتابع الرؤية بالتنفيذ والإصلاح، وسيسهم من خلال لجانه في خدمة المصلحة الوطنية دون سواها.
أما رئيس النواب القاضي، بدوره، فشدد على بصمة التشريع والرقابة في مسارات التحديث السياسية والاقتصادية لترجمة الرؤية إلى واقع يلمسه المواطن، مع الإشارة إلى أن الوطن هو مقياس العمل الحقيقي وعماد كل عمل حزبي نيابي بعيداً عن المصالح الضيقة.
بوضوح، يلتقط القاضي هنا الجملة الشرطية المشار إليها في قياس الالتزام بمصلح الوطن والقانون عند العمل الحزبي.
وبوضوح أيضاً، يعلن الفايز بأن لجان المجلس العيني سيكون لها دور في رعاية التحديث بمساريه.
يعزز ذلك الخلاصة التي تقول بأن المؤسسات الدستورية والسيادية الأردنية هي في حالة التزام وإصرار على الرؤية التحديثية، وأنه لا بديل عن تلك الرؤية حتى وإن احتاجت إلى تصويب أو تعديل أو إعادة تقييم، في الوقت الذي برزت فيه بعيداً عن الاعتبارات المحلية العديد من الرسائل السياسية العميقة في رد المجلسين على خطاب العرش الأخير بمناسبة افتتاح دورة البرلمان الجديدة.
العنصر الذي رصده المراقبون الخبراء في مداخلة الفايز تفسيراً لمؤشرات القلق الملكية التي ظهرت في نقاشات خطاب العرش وعلى أساس جذر القلق الوطني، هو الحرص على مصالح الأردنيين، إضافة إلى تأكيد دور الأردن وقيادته ومؤسساته فيما وصف بالتصدي الشجاع للانتهاكات الإسرائيلية، وكذلك الحرص على ثوابت الأردن، خصوصاً تجاه القضية الفلسطينية ورعاية أوقاف القدس. وقبل ذلك، شدد القاضي على معادلة الأردن بعيداً عن التبعية والخوف والسهر إلى الاحتراز لمصالح الدولة بجرأة تليق بالأردنيين وتمثل طموحاتهم.
وما لاحظه المراقبون عموماً، أن رد الأعيان والنواب على خطاب العرش حاول التماهي مع نصوص الخطاب ودلالاته الرمزية المباشرة وذات التلميح عبر التركيز على منعة ومناعة الجبهة الداخلية الأردنية والتفافها حول خيارات القيادة والدولة، وعلى اعتبار رعاية التحديث السياسي والاقتصادي جزءاً من حالة التحصين الداخلية الوطنية. عملياً، وبعيداً عن المضامين المرتبطة بالإقليم والقضية الفلسطينية في خطاب العرش والرد الدستوري عليه، يمكن القول إن القيمة المعنوية لمسار التحديث ارتفعت في الحالتين بالنص والالتزام والوعد والتشخيص.
وهو أمر على الأرجح قد يؤدي لاحقاً إلى الاندفاع باتجاه خط الإنتاج الثاني في مسار التحديث خصوصاً السياسي، حيث لا مشكلات كبيرة في تنفيذ المسار الاقتصادي؛ لأن الحكومة الحالية تمثل نخبة تكنوقراط ساهمت أساساً في وضع وثيقة الرؤية الاقتصادية.
عملياً، ذلك يبقي التحديث السياسي والحياة الحزبية قيد الإنشاء والتعمير وبانتظار وترقب منهجية تطوير العمل الحزبي في الإطار البرلماني تحديداً طول العام المقبل على الأقل.
تلك خلاصة سياسية يمكن من خلالها توقع بعض التعديلات المقترحة التي ستقترح لاحقاً تحت ستار الالتزام بالتعددية الحزبية، بمعنى دور الحكومة والسلطة التشريعية في تنقيح القوانين والأنظمة واقتراح عملية تطوير منهجية للخطاب والأداء الحزبي باعتبارها الآن جزءاً أساسياً وحيوياً من التزام سلطة التشريع علناً في الرد على خطاب العرش أمام المرجعية الملكية.
الرد على الخطاب من الأعيان والنواب، حفل برسائل تثبيت وتوطين مسارات التحديث، وأعضاء غرفتي التشريع لم يسقطوا من حساباتهم وردهم جزئية دعم خيارات القيادة والدولة، ليس في العودة للعمل الداخلي تحديداً ولكن في مواجهة تداعيات الإقليم والمستجدات على صعيد القضية الفلسطينية.

 

اظهر المزيد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading