اراء و مقالات

شباب الرياضة الأردني «دون 19 عاماً» يسجل هدفاً في «سلة التطبيع»

«سابقة» مهمة تخللها تصفيق شعبي… بعد رفض اللعب مع منتخب إسرائيل

عمان ـ «القدس العربي»: يبدو مشهداً يستوجب التأمل سياسياً… فريق منتخب الأردن لكرة السلة لسن دون 19 عاماً يشارك في مسابقة كأس العالم لهذه الفئة الشبابية من لاعبي كرة السلة. وعندما يقرر برنامج البطولة لقاء بين فريق «صقور النشامى» كما يصفه الإعلام المحلي وبين منتخب إسرائيل تتخذ جميع الأطراف في اتحاد كرة السلة الأردني قراراً بمقاطعة المباراة.
الظروف والملابسات التي تحيط بالمسألة ليست واضحة بعد. لكن قرار الصقور الشباب هنا فاجأ أطرافاً عدة لأنه ينتمي لجبهة عريضة سرعان ما ناكفتها الحكومات الأردنية المتعاقبة بعنوان رفض التطبيع.
اتحاد كرة السلة الأردني جزء من منظومة الرياضة الرسمية والحكومية.. ورغم ذلك قراره المجازفة بنتيجة المباراة وعدم خوضها في مواجهة فريق الكيان الإسرائيلي شكل مجدداً علامة فارقة سياسية وليست رياضية فقط وإن كان الأهم الاحتفالية الشعبية بالقرار.
الانطباع مفهوم لأن الفتية الذين يشكلون نجوم الفريق هم المحرك الأساسي على الأرجح في رفض خوض المباراة وأحد المصادر أبلغ «القدس العربي» بأن الخوف من نزعة تمرد رياضية تقف وراء القرار، الأمر الذي يعيد التسمية والترقيم. ويوجه رسائل للحكومة عملياً ولمؤسسات القرار بعنوان مشاعر الكراهية الكبيرة التي تحظى بها إسرائيل وسط حواضن المجتمع الأردني. الجناح الإداري وجد صعوبة في جمع فريق يقبل بملاقاة الإسرائيليين فيما اتحاد كرة السلة أبلغ رسمياً الاتحاد الدولي برفضه ملاقاة الإسرائيليين وكانت النتيجة مذكرة من الاتحاد الدولي تعتبر الأردن خاسراً للمباراة التي رفض خوضها.
في كل حال تلك رسالة على المستوى الشبابي والرياضي. لكنها تعكس الانطباع عما يسميه المحلل السياسي الدكتور رامي العياصرة ثبات مشاعر الأردنيين بعد الجرائم البشعة التي ارتكبتها إسرائيل ضد أهل غزة والتي دفعت في اتجاه تقدم الجمهور والرأي العام وفي أكثر من مناسبة في رسالة تلو الأخرى تقول ما يقوله الشعب الأردني وليس في إسرائيل فقط. ولكن في التطبيع معها وقبل ذلك في مسار ما كان يسمى بعملية السلام.
التصفيق لقرار شباب السلة الشجاع شمل خارطة ومروحة واسعة من الأردنيين ووسائل الإعلام احتفت عملياً بالنبأ والإشادات على منصات التواصل الاجتماعي كانت بالجملة.
الناشط النقابي الإسلامي البارز ميسرة ملص نشر صورة لـ«صقور النشامى» مع تحية خاصة لهذا القرار الشجاع الذي قدر كثيرون بأنه يعكس النبض الحقيقي للشارع الأردني. والمسألة قد لا تتعلق بمباراة كرة السلطة هنا فقط وما يشير له العياصرة هو كل توابع الكراهية المستقرة في وجدان الأردنيين اليوم للإسرائيليين حيث صعوبات في العودة لترويج وتسويق أفكار السلام والتعايش بعد جرائم غزة بصفة حصرية.

«سابقة» مهمة تخللها تصفيق شعبي… بعد رفض اللعب مع منتخب إسرائيل

وقد لا يقف الأمر في الواقع عند حدود الرياضة والتعبيرات الشعبية فالسياسي والبرلماني المخضرم الدكتور ممدوح العبادي أعاد وفي نقاش مع «القدس العربي» مؤخراً تعبيره عن مشاعره وموقفه عندما لفت النظر الى أن أحفاده الذين يقيمون في الخارج وتحديداً في بعض الدول الغربية ظهروا رافعين العلم الفلسطيني في التظاهرات والشوارع تنديداً بعدوان إسرائيل، الأمر الذي يعتبره العبادي إشارة إنذار مبكر تعكس طبيعة تكوين الأردنيين عموماً في إطار التضامن مع شعبهم وشقيقهم الفلسطيني وفي سياق الوقوف الأخلاقي والقيمي في المكان المناقض للجريمة ومرتكبها. ويقر العبادي بأنه لم يكن يتوقع ذلك فيما يتعلق بعودة فلسطين كقضية حية في أذهان الشباب بمن فيهم أحفاده.ويقر أيضاً بأن «تلك من فضائل المقاومة و7 أكتوبر في كل حال».
لكن ما يريده ساسة وناصحون من الحكومة الأردنية عموماً هو التوثق من هذه الوقائع حيث أن الجيل الجديد والشاب أردنياً هو الأكثر شراسة في رفض إسرائيل والتطبيع معها بدلالة حملات المقاطعة التي شارك فيها أطفال وفتية الأردن قبل الكبار للمنتجات الأمريكية الداعمة للكيان حيث تمت الأردنيين حصراً في الصدارة والمرتبة الأولى وفقاً للرصد الذي أعلنه الناشط السياسي الأمريكي الفلسطيني الدكتور سنان شقديح. رسالة مباراة كأس العالم الملغية في هذا السياق مؤشر إضافي على وقائع الحراكات والانحيازات بين حواضن الأردنيين الأجتماعية والشبابية والرياضية بعيداً عن بعض المزاعم التي تتبناها بعض أذرع الإعلام الرسمي وبعيداً عن فتاوى طبقة من الانتهازيين رصدت مؤخراً وهي تعرض مسلسل شيطنة المقاومة ثم الأردنيين المناصرين لها وأخيراً إيران. لذلك يمكن اعتبار سابقة إعلان اتحاد كرة السلة رفضه خوض المباراة مهمة وعتبة أساسية تظهر صعوبة الاستمرار في تجاهل مشاعر أو اتجاهات الأردنيين ما دامت المجزرة مستمرة.
والعدوان لم يتوقف حتى بالنسبة لدوائر صناعة القرار حيث القطب البرلماني صالح العرموطي أول من أبلغ «القدس العربي» مبكراً بأن دوائر الحكومة والقرار عليها أن تأخذ في صناعة السياسة والاتجاهات بالاعتبار مواقف واتجاهات وبوصلة ومشاعر وأشواق وتطلعات الشعب الأردني الواضحة ليس في التضامن مع الشعب الفلسطيني ومقاومته فحسب، ولكن في إطار صلابة الموقف الشعبي القائل بأن إسرائيل ضد مصالح الأردنيين ولا يمكنها بعد غزة تحديداً العودة لتلك «الإسرائيل القديمة» التي تحترم السلام أو التعايش أو حتى تلقي بالاً ولو بالحد الأدنى لاحترام مصالح الدولة الأردنية.
قد لا تكون سابقة كرة السلة مهمة جداً أو محورية لكنها إشارة إضافية اليوم تكشف عن مستوى انحياز قطاع الشباب على الأقل في حواضن المجتمع الأردني حيث إسرائيل ملفوظة ومرفوضة وفي كل اللهجات والمناسبات. وحيث تصفيق شعبي حار للاعبي كرة السلة سيعتبر رفضهم خوض المباراة مع العدو أهم من الحصول على كأس العالم.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading