اراء و مقالات

شعب الأردن «الطفران»: سجون «أقل زحاما» بعد «إلغاء حبس المدين» ومقاعد مضافة للمعارضين والسياسيين

لا أعرف سببا يدفع رجل أعمال للاحتفاظ بكمية ضخمة من الألماس والدولارات والدنانير في خزائن مكتب الشركة.
وما أعلمه، بحكم الخبرة الاجتماعية، وبعيدا عن إهتمام فضائية» المملكة» بمتابعة ما وصف بأضخم سرقة قاصات محلية، أن وضع كميات كبيرة من الأموال في خزينة شركة في وجود مئات الموظفين أقرب إلى دعوة إلى «سرقة».
في الواقع يفرح الأردنيون الفقراء والبسطاء بأي خسائر  تصيب المترفين والأثرياء.
ما فهمناه من متابعات شاشة «المملكة» هو أن أطقم البحث الجنائي قامت بواجبها الأمني والتقني في وقت قياسي في الواقع وسيطرت على الموقف واعتقلت 4 أشخاص واستعادت غالبية المسروقات.
الطريف أكثر أن اللصوص في هذه السرقة الكبيرة قاموا بوضع «الخزنة المسروقة « بكامل عدتها وبضاعتها في منزل أحدهم  في أحد الأحياء الشعبية، فإصطادت الأطقم الأمنية المجرمين في الحادثة واحدا تلو الآخر، وستستمر حتى يكتمل التحقيق ويتم القبض على كل المتورطين.
الأردن بلد الأمن والأمان، ولا مزاودة على «احتراف» حراس القانون وأحد المجاورين لموقع المداهمة أبلغني بأن أكثر من 100 سيارة أمنية بأطقمها داهمت وحضرت بعد اكتشاف مكان إخفاء الكنز في أزقة حي بائس.

إلغاء حبس المدين

ومن جهتي نحتاج لإستلهام الدروس، فوضع كمية مال ضخمة بين موظفين ومكاتب علنا أشبه بتخبئة المال تحت «وسادة جدتي» في عهد العملة الرقمية والمصارف الكبيرة وصاحبنا مالك المال الذي فكك نشامى الأمن له رموز السرقة الكبرى يفترض بصيغة قانونية ما أن يلتزم مع بقية الأثرياء بعد الآن بوضع المال الشخصي في ملاذ آمن لا تصله حماقات الطمع وصغار اللصوص.
الأهم، من تتحرك من أجل إعادة أمواله سيارات وأطقم، عليه أن يدفع بدل النفقات العامة الناتجة عن تفريغ عشرات من المحققين ورجال الأمن لتحقيق مصلحته.
لا أعلم في الواقع لكن ما فهمناه بعد ظهور الخبير القانوني غازي ذنيبات على شاشة «رؤيا» عدة مرات أن الدولة بتعديل قانون «حبس المدين» مؤخرا تخلصت من عبء الإنفاق على آلاف السجناء الذين حبسوا بسبب ذمم مالية لأخرين.
الفكرة أن رجل الأعمال أو التاجر «يتساهل» في البزنس مع أقرانه ويراهن على عقوبة سجن المدين للحفاظ على حقوقه، وما قاله ذنيبات على الشاشة ضمنا أن ذلك «توقف»، وعلى المعني بعد الآن التوقف عن الإتكاء على سلطات الدولة.
يشتكي المواطن على الآخر في القضاء .. يحقق القضاء ويأمر بحبس من لا يستطيع إعادة المال المختلف عليه، فيرتاح صاحب الدين ويسجن المديون، وتدفع الدولة نحو 700 دولار على الأقل شهريا هي كلفة السجين وخدمته داخل السجن، خلافا طبعا للزحام.
معادلة مختلة فعلا، لكن الاتكاء على «سلطات الدولة» في استعادة حقوق مالية مسألة تحتاج فعلا لإعادة قراءة دون أن تتخلى طبعا الدولة عن واجباتها وهي لا تفعل في الواقع، حيث لا بد من معادلة أخرى تخفف العبء عن خزينة الدولة المرهقة أصلا.
مجددا نصفق للقول إن «الدينار في يد المواطن أفضل منه في البنوك» وللقول إن «حبس المدين» عبث، والأصل بقاؤه حرا والضغط عليه حتى يجد طريقة لتسوية وسداد الديون، لأن السجن هنا لا طائل منه وغير مفيد.

حكاية الشعب الطفران

أصدر القضاء بعد 24 ساعة فقط من تنفيذ تعديل القانون 56 ألف مذكرة «كف طلب». بصراحة أذهلني الرقم لأن معناه الأبسط أن القضاء يتعامل توا مع 56  قضية، إما منظورة أو نظر بها على خلفية «خلاف مالي» بين مواطنين.
أحدهم على شاشة التلفزيون الرسمي أفادنا بأن مثل هذا الأرقام معناها أن «الشعب الأردني» مديون، إما للبنوك وإما للشعب في متوالية هندسية مخيفة تظهر عدد وحجم المطلوبين من الأردنيين على ذمة قضايا مالية يتوجب أن تخضع لتسوية ما.
الرقم لا يشمل طبعا إحصائية محددة لعدد المواطنين المقترضين وأحدهم في الإختصاص أخبرني يوما أن أكثر من 70% من متلقي الرواتب في القطاعين الخاص والعام عليهم قروض لمؤسسات بنكية.
لا أعرف رقما دقيقا في هذا الإتجاه، لكن عدد الذين استفادوا خلال ساعات فقط من تعديل «إلغاء حبس المدين» كبير جدا، ويظهر أن الأزمة شعبيا أعمق مما يعتقد كثيرون، خصوصا وان مئات الهاربين في دول مثل لبنان وتركيا ومصر لأسباب مالية يمكنهم العودة الآن بعد إلغاء عقوبة الحبس.
حسنا مهم ملاحظة ما ذكرته أيضا فضائية «الحقيقة الدولية»، وهي تشيد بالإجراءات الجديدة، لأنها تخفف من «زحام السجون».
لكن مهم في المقابل أن يتسع «صدر الحكومة» أكثر في باب الحريات حتى لا يجلس المزيد من السياسيين وأصحاب الرأي وأنصار المقاومة في مواقع الحبس المزدحمة بعد إخلاء المديونين من السجناء.
تخلي الدولة عن التدخل في «النزاعات المالية» مفيد، لكن مفيد أكثر أن تقرأ بعمق موقع البلاد في خارطة حريات التعبير التي تتراجع حيث يزيد، وقد يزيد أكثر بوضوح عدد المسجونين على خلفيات «سياسية» بسبب الجرائم الإلكترونية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading