«شعب واحد… مصير واحد» آخر إصدارات الإسلاميين في الأردن: هل يتوقف «الضخ الجائر» في الأزمة؟
استوعبت كتلة جبهة العمل الإسلامي البرلمانية ضربة الإقصاء الأولى لمكوناتها في حسابات الصف الأول في مجلس النواب وبدت مرنة في التعاطي مع توافقات تقاسم اللجان.

عمان ـ «القدس العربي»: آخر تسجيلات وبيانات حزب جبهة العمل الإسلامي الأردني المعارض، تصدره عنوان يقول «شعب واحد… مصير واحد» ويضيف «مستقبل لا يرانا إلا في صورة نصر واحدة».
ثمة محتوى سياسي في آخر إصدارات الإسلاميين في الأردن بالرغم من كل الجدل الدائر حول التباعد واحتمالات الصدام مع التيار الإسلامي في مرحلة ما بعد «حظر الجمعية الإخوانية».
وذلك المحتوى يقدم للجمهور خطابا «وحدويا» بدلالة سياسية عابرة لتحديات ومستجدات المشهدين الإقليمي والفلسطيني، كما يتقدم برسالة ود وسعي لنزع فتيل أزمة وتوتر مع المؤسسات الرسمية بعدما لاحظ كل من يتابع ملف الأزمة مع الإسلاميين محليا مؤخرا بأن الحفاظ على حزب الجبهة قد يكون «الجسر» لمصالحة مشترطة مع الإسلاميين بعيدا عن تعقيدات أزمة الثقة التي سبقت أو لحقت بقرارات «الحظر» الشهيرة.
هنا لابد من رصد وملاحظة ثم متابعة بعض «المتغيرات» ليس في خطاب المؤسسة الرسمية فقط ولكن في خطاب الإسلاميين بالمقابل.
مؤخرا وفي الواجهة السياسية تثبت المراقبون لـ«مصالح الدولة» من واقعية القول إن الاسترسال في توجيه ضربات إضافية لمؤسسات الحركة الإسلامية في البلاد لا يبدو مفيدا في مقايضة الضمانات والمصالح مع الإدارة الأمريكية الحالية. ولا يبدو فوق ذلك منتجا أو مفيدا أيضا في تعزيز التقارب الاقتصادي والاستثماري مع دول عربية ثرية لديها موقف ملتبس من احتياجات الأردن والشراكة معه.
لكن برز في النقاش قناعة بعض الإسلاميين والبيروقراطيين عمليا بأن مواجهة «تحديات اليمين الإسرائيلي» ومشاريعه التوسعية قد تتطلب ما وصفه اللاعب الديناميكي الخبير الدكتور ممدوح العبادي يوما بـ«مصالحة وطنية سريعة وفعالة وشاملة للجميع»، وما وصفه لاحقا إسلاميون بينهم الشيخ مراد عضايلة بالبحث عن «شراكات وطنية على أساس مصالح الدولة».
لذلك على الأرجح يلجأ الطرفان الرسمي والإسلامي إلى تبادل إشارات تبدو إيجابية مادام الإسلاميون أثبتوا قدراتهم على استجابة متزنة ومنطقية لقرار الحظر وما بعده على أكثر من مستوى. ومادام السياق القانوني هو الأساس في الفصل ما بين جماعة محظورة وحزب رغب كثير من المحرضين بالمساس به ودفعه باتجاه حالة الحظر والاستهداف، الأمر الذي لم يحصل وقد لا يحصل بسبب رسائل عميقة لا تستهدف الحزب وكينونته.
ثمة وقفة متبادلة في المناخ العام يشعر بها الجميع الآن. لكن لغة الحوار لم تتطور بعد، ما يعني بأن الأزمة أو التأزيم في مستوى الخطوات الاحتياطية رسميا إلى أن تتبين الكثير من المعطيات في الداخل والإقليم وتحديدا في غزة على الأرجح، مع أن الحكومة الحالية برئاسة الدكتور جعفر حسان، لا ترى أنها معنية بمنازعة أي فصيل حزبي أو سياسي في البلاد، ولا ترى مبررا للتصعيد ضد الإسلاميين أو حتى للاسترسال في دلالهم.
ثمة مستجدات من الصعب إنكارها هنا، فقد خفت حدة المقالات المسمومة التي تعزف على أوتار شيطنة الإسلاميين، ما بقي من تلك التفاعلات الإعلامية أقرب إلى صيغة الدفاع عن خطاب لم يعد يعبر في أروقة الدولة ولفظه المجتمع.
وفي الأثناء إشارات من مؤسسات سيادية تقول: لا مشكلة مع حزب يلتزم بالقانون مثل غيره، تقابلها إشارات من حزب جبهة العمل الإسلامي المقصود بتوفير أساس لوجستي لمراجعة نظامه الداخلي والتفاعل مع المنطق الرسمي العميق الذي يطالب بعنوان واحد في الخريطة القانونية يمثل التيار الإسلامي.
فوق ذلك اتخذ القضاء قرارات بشأن بعض القضايا المنظورة تدعم الإيجابية الوطنية سواء في ما يخص بعض الاعتقالات الأمنية أو ما يخص ملف جمع الأموال، حيث مستويات تقاضي مبرمجة وفقا للقانون والعدالة وتخلو من الضخ الإعلامي أو السياسي الجائر. فيما استوعبت كتلة جبهة العمل الإسلامي البرلمانية ضربة الإقصاء الأولى لمكوناتها في حسابات الصف الأول في مجلس النواب وبدت مرنة في التعاطي مع توافقات تقاسم اللجان.
وفي الأثناء لاحظ الجميع أن كل دعوات التظاهر والاحتشاد في الشارع التي كان يقودها التيار الإسلامي تقلصت إلى حد بعيد.
وكتلة جبهة العمل الإسلامي وقوامها31 مقعدا في البرلمان، وهي كتلة الأغلبية عمليا في مجلس النواب، امتنعت عن الشغب والمناكفة للتوافقات التي جرت بين 5 أحزاب وسطية بخصوص تركيبة وانتخابات رئاسة مجلس النواب وكذلك انتخابات المكتب الدائم للمجلس.
رغم إقصاء الإسلاميين عن المكتب الدائم ورفض الخيار القاضي بمنحهم مقعدا من خمسة مقاعد في المكتب إلا أن براغماتيتهم السياسية «ابتلعت المسألة».
يوحي ذلك ضمنا بإنتاجية وصدقية الأنباء المتسللة عن ضمانات بأن لا تستمر المؤسسات الرسمية بالتصعيد إذا ما خضع الإسلاميون عبر حزبهم لقواعد اللعبة القانونية التي تعتبر أفقية وتشمل جميع الأحزاب.
لم يعرف بعد ما إذا كان امتناع الإسلاميين عن إثارة المشكلات والإشكالات تحت قبة البرلمان بعد افتتاح الدورة العادية الأخيرة يمكن أن يؤدي إلى شمولهم بحيثيات التوافق على تشكيلة وتركيبة اللجان البرلمانية الأساسية في مجالي الرقابة والتشريع، وقد شهدت جلسة الثلاثاء الماضي سياقا يوحي بتعدد الاحتمالات هنا.
لكن تلك تبقى خطوة ضرورية للبناء على الإيجابية المتاحة الآن بعد الاستجابات التكتيكية من الطرفين.
