عمان ـ دمشق: تحريك سريع وضخم ومباغت في العلاقات… فهل انحازت «المؤسسة الأردنية» لرأي الوزير الصفدي؟
عمان ـ «القدس العربي»: خطوات مهمة واضحة رصدت في الأردن وبسرعة خلال الساعات القليلة الماضية لإنجاح زيارة الوفد السوري إلى عمان.
بدا لافتاً أن الرغبة في إنجاح هذه الزيارة ونتائجها تحظى بغطاء سياسي مرجعي رفيع المستوى، برمجته الأساسية ضبطت إعدادها بعد الإنزال السيادي الأردني في عمق الخطوط التركية أمس الأول، حيث زار وفد أردني سيادي المؤسسة التركية ثم سارع لاستقبال وفد سوري يمثل حكام دمشق الجدد في العاصمة عمان.
الاحتفاء الأردني واضح وملموس بالوفد السوري، وتطلب خطوات تحضيرية كان بينها تأجيل جلسة مهمة للبرلمان الأردني يفترض أن تعقد صباح الثلاثاء ضمن نقاشات الميزانية المالية.
وهو تأجيل اقتضته جزئية تفريغ رئاسة الوزراء وبعض الوزراء لإنجاح استقبال الوفد السوري، لأن المؤسسة الأردنية فيما يبدو وعلى الأرجح انحازت قبل التفاهم مع تركيا باعتبارها الراعي الأساسي للتحول في سوريا إقليمياً إلى وجهة النظر التي تبناها رمز الدبلوماسية الأردنية المخضرم الوزير أيمن الصفدي.
قبل الاستدارة الأردنية الاستثنائية في اتجاه التشبيك مع السوريين الجدد، انشغلت أوساط القرار الأردني بنقاشات ساخنة من كل المعايير.
برزت وجهتا نظر، الأولى تبناها مسؤولون كبار في المنظومة البيروقراطية وتقول بالتريث والانتظار إلى أن تستقر أوضاع المؤسسات السورية الجديدة.
والثانية هي التي تقترح ترك كل مساحات التردد والتريث والانتظار والاندفاع في اتجاه أقصى طاقات التعاون مع حكام دمشق الجدد بعد ترتيب بعض الملفات مع الجار التركي.
واضح لوسائل الإعلام والمراقبين أن تفاعلات غرفة القرار الأردنية المغلقة انتهت بالانحياز عند الإصغاء للتوجيهات والبحث لاحقاً في الاجراءات إلى وجهة نظر الوزير الصفدي تحديداً، والتي استندت إلى أن حجم المكاسب الأردنية الفاعلة مرتهن بإنجاز مهمة المساهمة في إعادة بناء المؤسسات الدولة السورية مع التحذير من أن البقاء في مناطق التردد والتشكك قد يحرم الأردن من مكاسب الوجود المبكر مع الحالة السورية عند تشكلها.
ضمناً، ما اقترحه الصفدي على بلاده المبادرة والتحريك والتفاهم حصراً مع الأتراك بعد ملاحظة ميل أمريكي وغريب نشط وفعال لإنجاح التجربة السورية الجديدة.
لذلك، يعتقد بأن وزير الخارجية الصفدي كلف بالمتابعة، لا بل ترأس الوفد الرفيع الذي زار أنقرة بوجود رئيس هيئة الأركان وأبرز رموز المنظومة الأمنية، حيث تفاهمات مبكرة وأولية مع اللاعب التركي الأبرز في الملف السوري وزير الخارجية هاكان فيدان، وفي مكتبه قبل انتقال الوفد الأردني بسرعة مرصودة إلى عمان لاستقبال وفد الثلاثاء السوري والذي ضم ليس فقط أسعد الشيباني وزير الخارجية الجديد، ولكن اللاعب المهم والخطر بالمقاييس الأردنية على الأقل في المعادلة السورية وزير الدفاع الجديد مرهف أبو قصرة.
وهو الذي قرر أصلاً أن يشكل فريقاً فيه شخصية أردنية متقدمة جداً برتبة عميد، وصفها الإعلام سابقاً باللقب المعتمد «أبو حسين الأردني» وهو القيادي الأردني في الفصائل المعارضة السورية عبد الرحمن حسين الخطيب.
بوضوح شديد، حضر وزير الدفاع السوري بجانب الشيباني إلى عمان بعد أقل من 24 ساعة على انتهاء مفاوضات الوفد السياسي الأردني مع أنقرة، وحضر معهما الوزير المختص بملف النفط والكهرباء في الحكومة السورية المؤقتة.
تفريغ رئاسة الوزراء ومجلس النواب الأردنيين صباح أمس الثلاثاء لأغراض إنجاح زيارة الوفد السوري كان خطوة لافتة للنظر. والمباحثات برمجت بصورة عاصفة وسريعة وكأنها ضمن جدول أعمال متفق عليه بين اللاعبين الأكبر في الإقليم والمجتمع الدولي.
وسرعان ما ظهر بعد المباحثات وزير الخارجية الأردني ليعلن عن نمو كبير في العلاقات الاستراتيجية والشراكة مع سوريا الجديدة فيما كان في الأثناء مدير هيئة الطيران المدني الأردنية الكابتن هيثم مستو، على رأس وفد فني وتقني ضمن ركاب أول رحلة جوية تجريبية إلى مطار دمشق الدولي باسم الخطوط الملكية الأردنية.
الوزير الشيباني في الأثناء، طمأن الرأي العام الأردني بأن حكومته المؤقتة تلتزم باجتثاث مصادر تهريب السلاح والمخدرات، فيما تواجد مع الوفد السوري أيضاً المكلف بملف الاستخبارات والذي حصل بدوره على فرصة لاجتماع أمني مشترك وصف بأنه مهم جداً، واستمر لعدة ساعات، وبقي صريحاً على الأرجح في الزاوية الأمنية الأساسية التي تهم عمان، وهي موقف السلفيين الأردنيين والسوريين الذين يشكلون عماداً للثورة الجديدة من الأردن ومصالحه.
وسط شعور غير مفهوم بأن قوة غامضة دفعت في اتجاه تشبيك كبير وضخم بين الأردن والمجموعة التي تحكم دمشق الآن، تحرك القطار في العلاقة الثنائية بعيداً عن التردد والارتياب والشكوك في اتجاه مناطق استراتيجية، قد يكون من بينها تبادل معطيات ومعلومات أمنية وفتح الحدود من جهة الأردن على مصراعيها للتجارة والنقل، ومن بينها وبصورة تبرر حضور وزراء الطاقة في الطرفين للبرنامج الجديد البدء قريباً بتصدير الكهرباء الأردنية إلى سوريا.
ما حصل خلال الساعات القليلة بين عمان ودمشق كبير ومهم واستراتيجي وسريع ومباغت، وحظي بغطاء سياسي مرجعي، والأهم أعقب تفاهمات سياسية ودبلوماسية وعسكرية وأمنية مع الراعي التركي.
وما لاحظه المراقبون الإعلاميون حصراً، أن كبار أركان الوفد السوري اندفعوا بعد استقبالهم في مقر الخارجية الأردنية لإجراء مباحثات مع نظرائهم الأردنيين، فيما أعلن الوزير الصفدي لاحقاً عن برمجة سريعة أيضاً فكرتها تشكل لجان ثنائية وبسرعة لإدارة ملفات الطاقة والنفط والنقل والحدود والمياه.