مخلوف – جولاني وقنديل: سهرة «فصام» و«اتيكيت ثوري»… ومطلوب رشاقة في إدارة «المطبخ الشامى»
مجددا في المسلسل السوري الممل والمضجر علينا أن نهتف معا على طريقة «روتانا» سينما.. «مش حتئدر تغمض عينيك».
مرة أخرى نغرق بين شاشات الفضائيات لنواجه «الفصام» في أبهى صوره.
لا يبدد «الأسئلة العاصفة» عن «المتغير الأمريكي الإعلامي» بعد الاستمتاع بوجبة المحاضرات، التي ألقاها علينا زعيم هيئة تحريرالشام المدعو «أبو محمد الجولاني» عندما استضافته محطة «سي أن أن « على الهواء العليل إلا ذلك الفيديو المتلفز للملياردير ما غيره «رامي مخلوف» وهو يستعير تراث تونسي.. «الآن فهمتكم».
ما قاله مخلوف هنا «طريف للغاية» وصيغته: «يا أهلنا.. أخطأنا.. سامحونا.. الوقت الآن ليس للعتاب أو النقاش، بل للتسلح والقتال».
صاحبنا هنا يريد من الشعب الغفران، بعد قتل وجرح وسجن نحو مليون سوري وتشريد ما لا يقل عن خمسة ملايين، ثم يفترض – وهنا يجلس الفصام وينام – بأن تلك «الأخطاء» قابلة للغفران، بمجرد إعلانه عن التبرع بـ 50 مليار «ليرة سورية» «إذا سمح له بذلك» للعقيد سهيل الحسن حصرا.
ما يثير الانتباه أن مال مخلوف سيوضع بين يدي عقيد لقبه «السفاح» وسط السوريين، وليس في الخزينة أو لدى وزارة الدفاع في لفتة تؤشر على قمة الفصام.
«سي أن أن» والجولاني
نعود لمقابلة الجولاني، الذي ظهر «هادئا للغاية» ويتحدث وكأنه حقا «سانتا كلوز» مع توزيع الابتسامات والالتزامات بالعسل والاستقرار دون أن ينطق ولو كلمة واحدة ضد «الوجود الأجنبي»، داعيا إلى «قوننة وشرعنة» ذلك الوجود فقط في سورية الجديدة.
بصراحة كدت أتخيل الجولاني متحدثا بالطريقة نفسها لـ»السيد الرئيس» الذي لم يظهر فيما تحترق بلاده مجددا على شاشة الفضائية السورية على الأقل لإبلاغ الشعب بأنه أيضا مع مخلوف «فهمهم».
السيستم في دمشق «يحفظ ولا يفهم»
مقابلة الجولاني بعدما شوهد يتفقد «قلعة حلب» أغضبت أردنيين كثر من محطة «سي أن أن»، أحدهم راسلني، وكتب بالنص: «سي أن أن تستضيف الجولاني.. وين الـ10 ملايين دولار المسجلة مقابل تسليمه أو القبض عليه»؟!
سياسي صديق كتب أيضا يقول: «رده على سؤال القوات الأمريكية يدلل على أن سقفه محدود في إدارة العلاقات الدولية».
ثالث أرسل لي مرافعة البرلماني السابق قيس زيادين، التي يطالب فيها الشعب الأردني بالتحرك فورا لرفع دعوى قضائية جماعية على «سي أن أن» باسم ضحايا تفجيرات الفنادق، لأن الجولاني كان قياديا يصدر الأوامر في «قاعدة الرافدين»، عندما حصل التفجير الإرهابي في فنادق عمان.
قنديل ولعبة «غميضة»
في الأثناء يسخر المحلل ناصر قنديل على قناته المتلفزة، التي تحمل اسم القدس من الخبراء العسكريين الذين تستضيفهم «الجزيرة»، بسبب عدم استعمال مفردة «إرهابيين» قبل الاندفاع في موجة تحليل عنيفة عن «إعادة التموقع» عسكريا للدولة السورية وعملية تحرير ستبدأ قريبا بعدما «وصلت الصواريخ والأسلحة الحديثة وأصبحت في مخازن الأسد».
شخصيا أتابع تحليلات قنديل بشغف. لكن في المسألة السورية مؤخرا شعرت أنه «يلعب غميضة» ولا يبلغني كمتابع بالوقائع، كما تحصل وهو ما حصل عمليا في ملف «الاختراقات المخجلة» لمنظومة «حزب الله» من جهة العدو الإسرائيلي.
بعد الوصول التلفزيوني لتلك الذخائر لمخازن النظام، وفقا لرواية قنديل فجأة وعلى طريقة «أبو عنتر» عندما رفض التوقف عن الطعام لأن «والدة ياسين بقوش» توفيت للتو. بالموتوسيكلات اجتاحت المعارضة درعا ومحيطها في أربع ساعات.
مشهد سيريالي بامتياز في درعا ظهر على شاشة «سكاي نيوز»، وليس أي شاشة أخرى، حيث يترك الجندي دباباته أو مدرعته الثقيلة في الشارع العام، ثم يمتطيها شاب بنصف حذاء يركب دراجة هوائيةوقائد الثورة في حلب يلتقط تسجيلات مع الأهالي أمام كاميرا تحمل اسم «التقوى» يقول فيها الناس عن الثوار «.. عطونا خبز ومازوت وأدوية».
«إتيكيت ثوري»
واضح أنه ثمة «تعليمات صارمة» للكادر الثائر أو دورات «إتيكيت» عقدت مسبقا.
هذا جيد في المناسبة، لأن الثورة يتوجب أن تتباين عن الجهة التي تثور عليها.
المؤذي حقا هو ذلك الصراخ الصوتي للطبيب في جامعة حلب، وهو يسأل بشار الأسد: «يا أخي.. انسحبتم عسكريا وقصفتونا في الجامعة بالطيران الروسي.. قل لي شو دخل مقرات الجامعة والمستشفى والناس اللي فيها».
على حد علمنا فقط الجيش الإسرائيلي «تهزمه المقاومة»، ولا يستطيع مناجزتها فيقصف المدنيين ويحرقهم ثأرا وانتقاما بالطائرات.
شخصيا، مع مسلسلات الفصام السوري المستعصية تذكرت جمهور كرة القدم عندما يجتاحه اليأس جراء استعصاء هدف فيهتف غيظا «.. مبيوعة.. مبيوعة».
سؤالي الأخير كأردني محب لسوريا: عندما يختص الأمر بالجولاني والمخلوف وقنديل، وكل أبطال تلك الحكاية، هل أستطيع القول إني «غير محب للمنسف» وأمقت «الملوخية» وأرحب بالباذنجان المقلي بدون تخويني من أي جهة؟
الرشاقة مطلوبة في إدارة «المطبخ الشامي»، هذه المرة وأنصح باستديو تلفزيون «رؤيا»، الذي يعكس «تعددية» في الطهاة والأطباق.